السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. ابنتى

واحة الإبداع.. ابنتى
واحة الإبداع.. ابنتى




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات للفنانة فاطمة عبدالرحمن


ابنتى

بقلم- سمية عبدالمنعم


أنا وأنت ومن ثالثنا، هكذا عشنا سنين طوالا،لا أحد ينازعنى فيك أو ينازعك فى .
فمن قال إنك لست أنا، فكلانا يحمل روحا واحدة تفرقت فى جسدين، بل ربما أحسست كثيرا أن جسدا واحدا يحملنا.
تذكرين كم كنت أخاف عليك وأحمى عمرك بعمرى، كم أحببتك وأنفقت من نفسى ودمى لتعيشى مثلما أحلم وتحلمين... كم دافعت عنك وصددت من أرادك بسوء.
وحيدتين عشنا ولم أعبأ بمن يهمس بأننا امرأتان لا رجل لنا، فقد  صرت أنا رجلك وأباك وأخاك وكل أهلك ..فمن قال انك وحيدة... عيشى يا ابنتى ولا تعبئى بهم.
عيشى ودعينى أحلم بك طبيبة شهيرة وعروسا فاتنة، تسعدين اباك فى قبره وترفعين رأسى بين أهل البلد .   
كم بقى من السنين لأرى ذلك الحلم ماثلا امام عينى؟
مازلت فى السادسة عشرة، سينتظر قلبى تلك اللحظة وستأتى يوما.
لماذا يبدو وجهك أزرق هكذا،ماذا بك يا ابنتى، اخائفة من شىء، كيف تخافين وأنا هنا بين يديك، تعالى يا حبيبتى، ضعى رأسك الجميل على كتفى وارتاحى.
أنائمة أنت؟، لا عليك، سأضعه أنا..نامى واستريحى.
لماذا يجذبوننى بعيدا عنك، من أنتم وماذا تريدون منا؟
إلى أين تأخذون ابنتى بل إلى أين تأخذوننى، ولماذا تقيدون يدى بتلك الاصفاد الحديدية... تقولون قاتلة؟
قتلت ابنتى.
شاردة أنت، دائما أنت شاردة يا ابنتى، قلبى ينبئنى بأن فى الأمر رجلا، لكننى لن أسألك وسانتظرك حتى تصارحينى مثلما اعتدنا.
الوقت طال.. وطال انتظارى لاعترافك، هو ابن الجيران، أليس كذلك، هكذا أحس.
مازلت شاردة، بل مهمومة أنت، ااغضبك هذا الحيوان، صارحينى حتى اقتص لك منه.
الأمر زاد على حده، ما عدت تأكلين كما اعتدت، غابت الضحكة عن وجهك، عيناك تهربان منى وكانك تخفين أمرا، فماذا حدث؟
سأراقبك.. هكذا قررت،كى أعرف.. كى أحميك.
مثلما توقعت، أنه ابن الجيران، رسائلكما عبر الهاتف تؤكد أنه هو و...، مهلا.. ما تلك الرسالة وما هذا الكلام.. اتلك منك إليه أم أنها نكتة سخيفة، لا.. ليس الأمر كما فهمت، ولكن... كلامك واضح لا لبس فيه..
لاااااا
أنت حامل منه!!
كيف.. كيف
أنا لا أصدق ما فعلت بنفسك، بل ما فعلت بى، كيف هانت عليك أمك، كيف هانت على قلبك سنوات عمرى التى ضحيت بها من أجلك، بل كيف هان عليك حلمى
وحلمك؟
حلمى؟  
انسيت أنى تمنيت أن ترفعى لى رأسى، فكيف قطعت رأسى بيديك، قتلت أمك يا ابنتى، لو كان لنا رجل ما جرؤت على ارتكاب الخطيئة، بل لو كان لنا رجل لقتلك.
قتلك؟
نعم، أنت تستحقين القتل، ولم الرجل، الست أنا رجلك، إذن فلأقتلك أنا..
ولكن كيف.. كيف أغسل عارى...
أغسل؟
الماء.. الكهرباء، تلك أسرع وسيلة وأقلها عذابا،فأنا لا أريد ان أراك تتعذبين...
ستغسلين ملابسنا اليوم، ها هو إناء الغسيل الألومنيوم فلأملئه بالماء، وذلك هو السلك الكهربائى، أوصلته بالكهرباء ووضعته أسفل الملابس.
ستغسلين... رغما عنك ستغسلين.
هيا اجلسى يا هم العمر.. و...
انتظرى.. لا تمدى يدك فى الماء... لا تموتى، انتظرى، فمازلت أحبك ومازلت ابنتى.. لاااا
سبقت يداك صراخي، وسبقنى الموت إليك.
بل لم تموتى.. أنت نائمة يا حبيبتى، يا ابنة عمرى، يا عروسة قلبى، أنت نائمة، فتعالى وضعى رأسك الجميل على كتفى... وارتاحى.. ارتاحى.