الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

كرة القدم ليست مجرد لعبة بل اقتصاد

كرة القدم ليست مجرد لعبة بل اقتصاد
كرة القدم ليست مجرد لعبة بل اقتصاد




كمال عبدالنبى  يكتب:

من المعروف أن كرة القدم ما هى إلا لعبة أو نشاط رياضي، إلا إننا إذا نظرنا إليها بعمق نجد أنها استثمار صناعى بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، بل يتطور الأمر لتكون وسيلة لاجتذاب الشباب وتفريغ طاقاتهم الفكرية والبدنية، بل وإيجاد عائد أيضًا سواء لمن يمتهنها أو للدولة التى ينتمى إليها، فهى بالتالى نشاط استثماري، رأسماله يتمثل فى الشباب.
ولكن الأمر يجب تناوله بشكل مختلف، فكرة القدم تعتبر استثمارًا وصناعة فى ذات الوقت، فقد يكون هذا التعبير جديدًا ومخالفًا لما هو متعارف عليه، ألا وهو «صناعة كرة القدم».
فإذا ما نظرنا إلى الجانب المالى لتلك الساحرة، وعلى مستوى القارة العجوز  «أوروبا» وحدها، والتى تعد أكبر أسواق كرة القدم حول العالم، فنجد أن حجم الأموال المتدفقة على أندية القارة الأوروبية من الشركات الراعية يصل إلى حوالى 14 مليار يورو.
فيبلغ عدد الدول المنضمة للاتحاد العالمى لكرة القدم «الفيفا» 211 دولة. هذا ويصل عدد اللاعبين المسجلين حول العالم إلى 250 مليون لاعب، ويبلغ عدد الحكام والإداريين حوالى خمسة ملايين، وعدد الأندية 301 ألف نادٍ حول العالم، وعدد فرق كرة القدم فى المدارس والمؤسسات والشركات والمصانع حوالى مليون و750 ألف فريق.
وفى أوروبا وحدها يصل عدد محترفى كرة القدم إلى حوالى 55 ألف محترف حول العالم. وبالنسبة إلى الدول العربية تحتل مصر المركز الأول بعدد 20 محترفا دوليًا فقط، تليها السعودية فى المركز الثانى بعدد 13 لاعبًا محترفا خارجيًا. وبالتالى تلك الأرقام التى نسمعها عن عدد المحترفين من مصر مقارنة بعدد المحترفين من أوروبا، تعتبر أرقامًا هزيلة.
وإذا ما ألقينا الضوء على وضع كرة القدم فى مصر بصفة عامة، فنجد إننا قد أساءنا استغلالها بشكل كبير، ما بين ألتراس، وانخراط البعض من رموز الرياضة فى المشاحنات السياسية، مرورًا بمذبحة بورسعيد، تلتها مذبحة استاد الدفاع الجوي، وهو ما أدى إلى إقامة المباريات دون حضور جماهيرى، وانتهاءً بتصرفات وألفاظ غير لائقة تصدر عن رموز تلك الساحرة.
هذه الأحداث تنعكس بلا شك على المجتمع المصري، وتأثيرها يكون بالسلب على قطاع الشباب دون غيره من فئات المجتمع، فهم الفئة الأكثر تأثرًا.
وهو الأمر الذى يدعونا أن نتساءل حول ما الذى يمنع أن يتم استثمار تلك اللعبة كما يجب؟ لتكون بمثابة صناعة ذات عائد اقتصادي، وأن يتم تطوير أهدافها لتشكل أهدافا سياسية واجتماعية، فما فشلت فيه الجهود السياسية والحوارات الاجتماعية، تستطيع كرة القدم أن تصلحه، بل وتعيد تهذيبه، فهى أداة لتعبئة الجماهير وتجنيدهم وتقريب بعضهم إلى الآخر.
فما الذى يمنع من تبنى مبادرة لتشجيع الشباب على ممارسة كرة القدم، فى مختلف الأماكن بدءًا من الحوارى والشوارع، وعلى مستوى القرى والمحافظات، وما بها من مراكز للشباب والنوادى والمدارس والجامعات والشركات، واختيار العناصر المتميزة منهم وإلحاقهم بأندية كبرى، ويتم بيع وشراء اللاعبين، وتسويقهم داخليًا وخارجيًا بهدف الاحتراف.
هل من الصعب أن نفرز من شبابنا عشرين لاعبًا على مستوى دولى كل عام؟ هل من الصعب وضع استراتيجية تستهدف احترافهم خارجيًا؟ على أن تكون النسب السنوية لاستهداف الاحتراف الخارجى متزايدة؟ وبالتالى تدفق العملة الاجنبية متزايد.
فالحمد لله نحن دولة لديها وفرة من العناصر الشباب، وهذا الهدف لا يقل أهمية عن استهداف زيادة معدلات الصادرات، بل قد يزيد أهمية لأنه يتعامل مع فكر وعقلية الشباب بل المجتمع بأسره.
ما المانع فى ذلك؟ الأمر لا يحتاج إلى إمكانيات خارقة، فالشعب بأكمله يمكن أن نقول إنه عاشق لكرة القدم، وما تتطلبه تلك الصناعة هو مجرد مبادرات، ومزيد من الاهتمام، إلا أن العائد يكون أكبر بكثير مما نتوقعه، فأنت تعمل على تجميع فئة قد تختلف فيما بينها على الأهداف السياسية ولكنها اتفقت على حب كرة القدم، فما الذى يمنع أن أستثمر هذا التوجه المتحد، وأن أحاول أن أهذب أفكارهم السياسية.
وذلك بتوفير العائد المتمثل فى الاحتراف الكروى سواء داخليًا أو خارجيًا، وخلق فرص عمل لكثير من الفئات المرتبط عملها بتلك الصناعة، فالأمر لا ينتهى فقط عند لاعب كرة القدم، ولكنه يمتد ليشمل جميع الأنشطة الهندسية والتشييدية المرتبطة بالملاعب، وكذلك الأنشطة الصحية والبدنية والتعليمية والفكرية والاقتصادية للاعب، وبالتالى تنعكس تداعيات تلك الصناعة على المجتمع ككل بصفةٍ عامة، وفئة الشباب بصفة خاصة.