الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حكاية شهيد ومستقبل وطن

حكاية شهيد ومستقبل وطن
حكاية شهيد ومستقبل وطن




د. فاطمة حسن تكتب:

لم أكن لأتحدث عن رجال الجيش المصرى من ضباط وجنود، قبل أن ينال أخى العقيد يحيى حسن الشهادة فى ميدان المعركة، بجبل الحلال بسيناء الحبيبة، لقد كان المشهد عصيبا لم أكن لأتحمله إلا لكون الله قد استجاب لما كان يتمناه أخى دائما، ألا وهو أن ينال أعلى درجات الشهادة فى سبيل الله.
لم يكن وحده بطل الملحمة الكبرى، وإنما شاركه البطولة العديد من الزملاء منهم من نال الشهادة، ومنهم من ينتظر أن ينالها، فلكل منهم قصته التى تروى ما حققه من بطولات كانت الطريق للوصول إلى المكافأة التى لا ينالها إلا من يستحقها، لكل منهم قصته التى يحكيها زملاؤه، والتى تخلد ذكراه على مر العصور.
وعن العقيد الشهيد يحيى حسن، فقد روت قصته أعظم ملاحم البطولة والتضحية والفداء، ليس من أجل بلاده فحسب، ولكن من أجل زملائه، الذين أطلقوا عليه اسم صائد التكفيريين، والذين أقسموا أن يثأروا له، فكل منهم عاهد الله على الشهادة، وكل منهم لا ينتظرها بلى يسعى جاهدا لينالها.
استُشهد العقيد يحيى حسن، ولحق به الكثيرون فداء للوطن، وحفاظا على تراب سيناء، فكان المجنى عليه شهيدًا، تمنى أن تكون الشهادة مثواه الأخير، ولكن ماذا عن الجاني؟ ماذا عن المسئول عن كل ما يحدث بأرض سيناء، هل هم التكفيريون؟ أم أنهم الاخوان المسلمين؟ أم أنهم الاستعماريون والمتآمرون؟ وما السبب الحقيقى وراء كل هذا الكم الهائل من الخسائر المتتالية؟
إن النظرة المتأنية من كلا المنظورين العسكرى والسياسى لا تقودنا إلا إلى التسليم بأن ما يحدث فى سيناء ما هو إلا أمر واقع، لا يمكن الهروب منه بادعاء فشل النظام فى التعامل مع العناصر الإرهابية المستوطنة فى سيناء، فالجيش المصرى ليس بقادر على محاصرة هذه العناصر فقط، وإنما هو قادر على إبادتها إبادة تامة، ولكن ما يعوقه هو الطبيعة الجغرافية لتلك البؤر الإرهابية؛ وليس المقصود هنا كونها مناطق جبلية، ولكن كونها مناطق حدودية مع إحدى الدول التوسعية التى تسعى إلى فرض سيطرتها على الدول المجاورة لها.
وما يزيد الأمر تعقيدا هو وجود اتفاقيات ومعاهدات للسلام مع تلك الدولة، فتحريك أسلحة ومعدات ثقيلة فى تلك المناطق قد ينذر بخرق تلك المعاهدات والاتفاقيات، وقد تكون النهاية اندلاع حرب ضارية تفسح المجال لتدخل الكثير من الدول غير الحليفة.
إنها مخططات دولية، تستهدف آخر الكيانات العربية الباقية، ليس عسكريا أو حربيا، وإنما اقتصاديا، وثقافيا، فما يحدث فى سيناء ليس هو الهجوم الوحيد على الكيان المصري، بل هناك هجوما آخر أكثر ضراوة، يسعى إلى إصابة القطر المصرى فى أعمق ما يمكن أن يؤدى إلى انهيار وهدم الأمم، وهذا الهجوم يجسده ذلك الغزو الثقافى والإعلامى الذى بات سمة العصر بكافة أرجاء القطر المصري.
هل يمكن أن تقودنا تلك الرؤية التحليلية إلى مستقبل ذلك الصراع الدامى بسيناء؟ هل يمكن أن نستنتج فى إطار ما تقدم من حقائق؟ مَن هو المستفيد من كل ما يحاك من مؤامرات ويثار من صراعات فى سيناء؟
لم تكن الإجابة على هذه الأسئلة واضحة فى مخيلتى كما أصبحت عليه الآن، وذلك باستثناء سؤالا واحد، وهو إلى أين؟ وإلى أى طريق يقودنا ذلك الصراع بسيناء؟ وما هو مستقبله؟
وفى النهاية لا يسعنى إلا أن أعترف أننى عاجزة، عاجزة نسيان كل ما مرت به من أحداث، وكل ما تعرضت له من ضغوط نفسية تفوق الاحتمال، والأهم أننى عاجزة عن الوصول إلى إجابة ذلك السؤال، وليس أمامى إلا الانتظار، فالأيام تبقى لا لتدوى الجراح، بل لتقدم الإجابات..