الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الريس لازم يحلها!

الريس لازم يحلها!
الريس لازم يحلها!




وليد طوغان يكتب:

أزمة قانون السلطة القضائية وصلت آخرها.. وصلت منتهاها. لا بد أن يتدخل الرئيس.. الريس هو الحل الأخير. إذا كان البرلمان عقدها.. يبقى الرئيس لازم يحلها. القضاة استغاثوا بالرئيس.. لذلك لم يبق غير الرئيس.. وإلا حدثت الواقعة.. وليس لوقعتها كاشفة.
غريبة تركيبة دولة يرغم نوابها قضاتها على الاستغاثة برئيس السلطة التنفيذية. عجيبة أن يستغيث قضاة فى دولة ما، برئيس السلطة التنفيذية، ضد السلطة التشريعية. غريب أن يضع تشريعيون أنفسهم فى مواجهة السلطة القضائية.. فينتهى الأمر إلى أن تكون السلطة التنفيذية هى الحل.. ورئيسها الأمل.
التركيبة ملخبطة.. والمعادلة أكثر اضطرابا. المعركة مفتعلة.. أو ربما غير مدروسة.. لكن تداعيات إصدار قانون السلطة القضائية، على ما وافق عليه البرلمان بهذا الشكل وهذه الصورة.. كارثة. مصيبة كبرى فى دولة يقولون إنها قامت بثورتين.. واحدة سُرقت.. وحدثت الثانية لتصحيح مسار الأولى.
هناك فى الجانبين من يتساءل عن سبب خروج القانون من البرلمان. كلام كثير عن كيفية خروجه.. وقصد مجلس النواب من خروجه. مثل هذا الكلام لم يعد مهما. لم يعد مهما كيف خرج.. ولا لماذا؟ لسنا فى محل تقييم أداء البرلمان.. ونواب البرلمان. المسألة أكبر من هذا.. القضية أوسع. أو قل إنها اتسعت وتشعبت.
ثم إنها ليست المشكل الأول لنوابنا. الأزمات كثيرة فى البرلمان.. مشاكل نوابنا أكثر. بعد الانتخابات برر بعضنا المشاكل المتلاحقة، تحت القبة، بأنها أول دورة لنواب جدد لم يكن لهم تجارب برلمانية سابقة. قالوا إنها سلو الثورات.. وطبيعة المرحلة. تصور كثيرون أن السياسة ممارسة.. وأن نوابنا لن يظلوا صفحات بيضاء على طول الخط.
واضح أن نوابنا صفحات بيضاء على طول الخط. لا تعلموا ولا تسيسوا. بدليل أنهم وضعوا الدولة فى حرج مع سلطاتها. صنعوا مزقا رهيبا بين سلطاتها. ما الذى يمكن أن ننتظره من تشريعيين.. تغولوا على سلطة قضاة.. فدفعوا القضاء للاستغاثة بالسلطة التنفيذية؟!
معلوم أن الرئيس ليس طرفا. لا يمكن أن يكون الرئيس طرفا. معلوم أن الرئيس سيتدخل لحل الأزمة.. لكن حتى بعد تدخل الرئيس.. تظل الواقعة سابقة.. وتظل الأزمة قائمة فى مفهوم رجال التشريع تبعنا عن علاقاتهم وحدودهم بباقى السلطات.
هناك قلة خبرة لا تودى ولا تجيب هذا صحيح. لكن فى المقابل، هناك قلة خبرة تصنع مشاكل، وتشعل أوضاعا، وتفجر قنابل من النوع الثقيل. فى أزمة قانون السلطة القضائية الاخيرة، وضع نوابنا أطنانا من مادة «تى إن تى» شديدة الانفجار فى ميدان عام.
ما الغرض من هذا القانون؟ ما الذى يسعى إليه البرلمان بإقراره؟ هل الغرض إصلاح القضاء ومنظومة قوانين متلتلة فى حاجة ماسة إلى إعادة غربلة؟ ليس صحيحًا.. بالعكس.. القانون يدمر القضاء. القانون لو صدر.. له تداعيات لا تشفى.. ولا تسقى.
لكن كما لو أن مشاكلنا كلها على الهامش. كما أنه لم يبق إلا طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية. فى الشارع استقرار اقتصادى تام.. انخفض الدولار.. وارتفعت قيمة الجنيه.. سيطرت الحكومة على السوق.. وأحكم النواب رقابة من فولاذ على سياسات حكومية.. ولم يتبق الا اختيار رؤساء الهيئات القضائية. . حتى الدكتور عمرو الشوبكى، حلوا مشكلته.. ودخل البرلمان استجابة لحكم قضائى نافذ، لا اوقفه احد، ولا لف البرلمان حول نفسه، أو تقاعس عن التنفيذ دون أن يعرف أحد: لماذا تأخر التنفيذ.. ولا لماذا تباطأ؟
حسنا صنع السادة القضاة. طالبوا الرئيس بعدم التصديق على مشروع القانون.. قالوا إنه سيصنع مواجهة بينهم وباقى سلطات الدولة.. قالوا إنه سينتج فتنا.. وأكبر الفتن.. واحدة يكون القضاء طرفا فيها.
فى دول الحريات.. والتطورات الاجتماعية والتغيرات السياسية.. القضاء هو الملجأ.. وهو الملاذ. تعاد بناء الدول من قاعات المحاكم. تعاد تشكيل المجتمعات من محاريب أصحاب الأوشحة الخضراء. القضاء دائما حكماً.. لا يفترض فيه أن يكون طرفا فى خصومة.
قال القضاة إنهم يعون تماما أن رئيس الجمهورية ليس طرفاً فى الأزمة. نعلم نحن أيضا أنه ليس طرفا.. نعرف أن السبب «قلّة سوابق نيابية».
الله يحرقها قلّة.. «سوابق نيابية»!