الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أرواح 40 ألف مواطن مرهونة بطرد قلعة الفخار

أرواح 40 ألف مواطن مرهونة بطرد قلعة الفخار
أرواح 40 ألف مواطن مرهونة بطرد قلعة الفخار




المنوفية - منال حسين

فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار جميع السلع والمنتجات والخدمات المقدمة للمواطنين، أصبح استنشاق نسمة هواء نظيفة هو الأمل الوحيد المتبقى للأهالى، خاصة مع دخول فصل الربيع، فضلا عن أن أبسط الحقوق التى كفلها الدستور والقانون البشرى والإلهى هو الحصول على هواء نقى بعيدا عن التلوث والشوائب الموجودة به، إلا أن الوضع مختلف فى قرية «جريس» التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، أو قلعة الفخار كما يلقبونها أهالى المحافظة لتميزها فى صناعة الفخار «القلل - الجرارات - الزير - الأباريق» بل جميع المنتجات الفخارية منذ مئات السنين وحتى الآن.
لكن يبدو أن نعمة الصناعة والمكسب وتحقيق الأرباح قد تتحول إلى نقمة، حيث أصحبت الأمراض هى الراعى الرئيسى لحياة أهالى قرية جريس، بسبب انتشار الأدخنة، الأمر الذى أدى إلى تلوث الهواء، فضلا عن أن المهنة التى توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد هى من ميزت مدينة السحر والجمال كما كانت تلقب فى السابق بسبب موقعها المتميز على فرع رشيد بنهر النيل.
وبعد أن كانت صناعة الفخار مصدر سعادة الأهالى على مدى عقود، أصبح الكثير منهم يتمنى العودة إلى الصغر، حتى أن يمتهنوا مهنة أخرى تحافظ على صحتهم وصحة أبنائهم وأنفسهم، وذلك بسبب الأمراض التى بدأت تنهش أجساد نحو 40 ألف نسمة، وهو تعداد القرية من السكان، على رأسها الربو والأمراض الصدرية والحساسية المزمنة، فضلا عن أمراض القلب والرئتين.
«ما يزيد الطين بلة» هو تصاعد الأدخنة من نحو 80 مدخنة فخار موجودة وسط الكتلة السكنية، جنوب قرية جريس، تصدر منها الأدخنة الضارة بالصحة على مدار 24 ساعة متواصلة، ناهيك عن استخدام الغاز وليس كاوتش السيارات فى عمليات حريق الفخار، فى ظل غياب تام لوزارة البيئة، التى تقاعست بموظفيها عن تحرير المحاضر حرصا على سلامة المواطنين من الإصابة بالأمراض.
كل ذلك كان دافعا كافيا لأهالى القرية لأن يتقدموا بأكثر من طلب للمسئولين بمحافظة المنوفية، لإيجاد حل فعال وجذرى حفاظا على أرواح المواطنين، مطالبين بنقل مصانع الفخار بعيدا عن الكتلة السكنية، حرصا على سلامة أبنائهم، إلا أنه حتى الآن لم يستجب أحد لمطالبهم المشروعة وكأن أرواحهم أصبحت رخيصة فى زمن أصبحت فيه جميع السلع والمنتجات غالية الثمن.
فى البداية يطالب محمود سعيد، أحد أهالى قرية جريس، الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، ومدير إدارة شئون البيئة بالإقليم، بضرورة بحث المشكلة التى تصل لحد الكارثة، ونقل مصانع الفخار خارج الكتلة السكنية حفاظا على أرواح أهالى القرية، معربا عن استيائه من تجاهل المسئولين بإدارة البيئة للكارثة بالرغم أنها من صميم عملهم، لافتا إلى أن الحياة بالمنطقة أصبحت صعبة للغاية بسبب تلوث الهواء.
ويناشد أحمد أبوقورة، أحد المتضررين بالقرية، محافظ المنوفية، ورئيس مجلس مدينة أشمون، ورئيس شئون البيئة بالمحافظة، بضرورة القيام بزيارة إلى القرية ومعاينة الوضع على الطبيعة، متحديا أن يصمد «هشام عبدالباسط» أو أى من المسئولين لفترة بسيطة بالقرية من شدة الأدخنة وتلوث الهواء، لافتا إلى أن الحفاظ على أرواح المواطنين وسلامتهم أهم ملايين المرات من افتتاح مشروع جديد أو جولات لمجرد الشو الإعلامى.
ويؤكد كل من محمود عبدالفتاح، وطارق رجب، وهانى خليفة، من أبناء قرية جريس، أنهم سوف يتقدمون بشكوى رسمية إلى وزارة البيئة بالقاهرة إذا لم يتحرك ساكنا للمسئولين بمحافظة المنوفية، أو أنهم تقاعسوا فى إصدار قرر بنقل المصانع خارج الكتلة السكنية، مشددين على أن أرواح أكثر من 40 ألف مواطن ليست لعبة فى أيدى المسئولين بالمنوفية ليتجاهلوا شكواهم.