الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. مزرعة الموت

واحة الإبداع.. مزرعة الموت
واحة الإبداع.. مزرعة الموت




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات للفنان منير فهيم


مزرعة الموت


كتبتها - د.منى حارس محمد


كان رامز وزوجته على الطريق الصحراوى فى طريقه إلى محافظة أسوان بعد أن تم نقله إلى فرع الشركة الجديد هناك... استقلا سيارة الأجرة بعد المغرب ليصلا فى نهار اليوم التالى ولكى يهرب من الحر الشديد  ومن الشمس الحارقة نهارا كانت السيارة تسير على الطريق السريع بسرعة جنونية تهتز يمينا ويسارا
وهنا صاحت زوجته بتوتر بعد أن كاد السائق يرتطم بإحدى الشاحنات على الطريق:
-    لماذا يا رامز فعلت بنا ذلك كنا سافرنا فجرا  أفضل فأنا أكره السفر ليلا...؟؟
-    لا تخافين يا جميلة... فالسفر ليلا متعة كبيرة... ولن تشعرى بطول الطريق صدقينى..
وهنا همست بغضب:
- هذا إن وصلنا سالمين مع ذلك السائق المتهور؟؟
وهنا أغمضت عينيها وحاولت النوم وعدم النظر إلى الطريق ولكن السائق كان يقود السيارة بسرعة جنونية وكانت هى خائفة فالتصقت بجسد زوجها وأخذت تقرأ ما تحفظه من القران الكريم.
وهنا صرخت بفزع عند سماع ذلك الصوت المدوى... صوت انفجار إطار السيارة... كادت السيارة أن تنقلب براكبيها ولكن ستر الله وفضله لم يحدث شيئ... أخذ السائق ينفخ ويشتم الإطار وكأنه يعى ويفهم وفعلها عمدا... فتساءل رامز بتوتر:
-    خير يا أسطى ماذا حدث...؟؟
-    لقد انفجر الإطار اللعين  يا أستاذ... وليس هناك محلات لإصلاحها  قريبة من هنا... فما هذا النحس...واليوم السيئ
-    وماذا سنفعل....؟؟؟ هل سنبيت ليلتنا هنا فى العراء؟؟؟
-    وهنا قال أحد الركاب... هناك استراحة بتلك المزرعة... ما رأيكم أن نذهب إليها وننتظر حتى الصباح ويذهب السائق لاستبدال الإطار... فوافقوا جميعا على الاقتراح... خصوصا بأنه كان هناك أطفال ويشعرون بالتعب وبرودة الصحراء ليلا..
ذهبوا إلى استراحة المزرعة ولكن أحدهم استوقفهم بتوتر...قائلا:
-    انتظروا... فتلك الاستراحة حرقت منذ سنتين ومات كل من كان فيها ليلا  محترقا فمتى أعادوا بناءها لقد كنت أمر من هذا الطريق منذ شهر مضى ولم يكن هناك أى استراحة بل كانت كما هى محترقة... وهنا صاح احدهم فى وجهه:
- ما هذا الهراء يا رجل الذى تقوله... فالاستراحة أمامك جديدة ومضيئة..
-    فهذا ما يثير دهشتى هل خلال هذه الفترة القصيرة أعادوا بناءها وفتحها... من يدرى؟؟ ذهبوا جميعا إلا السائق...فلقد تعلل بأنه يخاف أن يسرق احدهم سيارته أو شيئا منها سيبقى لحراستها..
وبعد أن رحلوا وتأكد من دخولهم الاستراحة... فتح حقيبة السيارة من الخلف واستبدل الإطار وهنا سمع الصرخات العالية الصادرة من الاستراحة نظر إلى مكان الاستراحة المحترق طويلا ثم أخذ نفسا طويلا وبعدها رحل بسيارته مسرعا... فلقد نفذ كل ما طلبوه منه وأحضر لهم ما يريدون... فهل سيتركونه فى حاله الآن أم سيظلون يطلبون منه المزيد.
إنه يعرف بأنهم يشعرون بالملل والاكتئاب بالضجر والفشل أحيانا أن يعيشوا فى استراحة نتنة محترقة بالصحراء عدة أعوام لم يهتم احد لأمرهم أو يحاول تحرير أرواحهم وإعادة إصلاح الاستراحة.
ولكنهم سيسلون أنفسهم 14 راكبًا سيكفيهم العدد لمدة أسبوعين للهو واللعب كل يوم مع احد منهم.