الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«القمامة».. كنز يبحث عن مخرج فى«المنيا»

«القمامة».. كنز يبحث عن مخرج فى«المنيا»
«القمامة».. كنز يبحث عن مخرج فى«المنيا»




المنيا ـ علا الحينى


فى الوقت الذى يتحدث فيه الجميع عن الكنز المدفون فى أكوام القمامة، وهو ما تعتبره الحكومات المتعاقبة أنها مشكلة مزمنة، تجد دولا أخرى متقدمة تعرف قيمة هذا الكنز المدفون، الذى لا يزال يبحث عن الاستثمارات الضخمة التى يمكنها أن تخرجه إلى النور، من خلال الاستفادة من المخلفات الصلبة.
«المنيا» مثلها مثل محافظات الجمهورية، حيث لا يجد المنياوية من يستفيد من هذه الثروة المدفونة وسط أكوام القمامة، علاوة على أن أقصى ما يسعى إليه الجميع هو التخلص من تراكمها، ناهيك أن الدولة عادة ما تخرج بمبادرات لحل أزمة القمامة فى إطار منظومة النظافة دون وضع استراتيجية تتضمن كيفية استثمارها.
لكن التجربة التى خرج بها مجلس النواب بفصل القمامة من المنبع واستفادة المواطن من سعرها من خلال بيعها لأكشاك جمع المخلفات الصلبة، بدأت تلوح فى الأفق بحلم مواطنى المنيا من الاستفادة من هذا الكنز والمساعدة فى خلق فرص عمل لأبنائه من خلال مشروع كبير لاستثمار طاقات الشباب.
الغريب أن تلك المحافظة الكبيرة التى يقطنها أكثر من 5 ملايين ونصف المليون نسمة لا يوجد بها سوى مصنعين فقط لتدوير القمامة بعد تعطل مصنع المنيا وهما مصنع ملوي، الذى تم تطويره مؤخرا، ومصنع العدوة الممول بمنحة إيطالية بعد خلافات على مقر إقامته من مركز مطاى حتى العدوة ليستقر بالأخيرة وقارب على الانتهاء، وقام مؤخرا وزير البيئة، ومحافظ الإقليم، بتفقده.
ورغم بيانات المحافظة الرسمية التى تفيد بأن هناك حملات بمراكز المحافظة ومدنها تشير لرفع وإزالة عدد كبير من أطنان القمامة، إلا أن البيانات الرسمية لم تشر من قريب أو بعيد إلى أين تتخلص المحليات من تلك الأطنان ومدى الاستفادة منها؟!
لكن عصام البديوي، محافظ المنيا، التقط خيوط مشكلة تراكمات القمامة وأزمة النظافة واستطاع أن يضع حدا لإهدار المنحة الإيطالية التى كانت على وشك أن تضيع على المحافظة بعد مشكلات فى اختيار موقع للمصنع، ورغم اعتراض البعض على استبعاد موقع المصنع، الذى كان محددا له مركز مطاى للاستفادة من المنحة فى مصنع جديد يخدم مراكز المنيا وسمالوط ومطاى وبنى مزار، إلا أن مشاكل الموقع عجلت باختيار مصنع قديم واستغلال المنحة فى إعادة تأهيله وإحلاله وتجديده.
وعقد البديوى أكثر من اجتماع، خاصة مع مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات العاملة فى مجال البيئة لحل أزمة النظافة بالمنيا، وبالفعل تم توقيع بروتوكول تعاون بين المحافظة والجمعيات العاملة فى مجال البيئة.
يقول خيرى فؤاد، رئيس الاتحاد النوعى للجمعيات العاملة فى مجال البيئة: إنه عقب الاجتماع الذى عقده المحافظ مع الجمعيات تم توقيع برتوكول تعاون بين الاتحاد ممثلا للجمعيات ومجالس المدن، وتمثل برتوكول التعاون فى صيغة توافقية تقوم على أساسها الجمعيات بنقل القمامة من المنازل للمقالب الوسيطة ثم تقوم المحليات بنقلها للمقالب العمومية نظير 10 جنيهات من كل وحدة سكنية نظير جمع القمامة وتوفير أكياس الجمع.
ويؤكد أن المنيا تحتاج لمصانع تدوير قمامة، خاصة أنه لا يوجد بالمحافظة سوى مصنعين فقط، هما مصنع ملوى والعدوة بعد تعطل مصنع المنيا الجديدة، فى الوقت الذى تجد هناك أكثر من 150 طنا يوميا من القمامة بكل مركز وأخطرها النفايات الطبية من العيادات التى يتم التخلص منها بشكل بدائى والمخلفات الالكترونية التى تتبخر منها مواد سامة.
ويضيف فؤاد: إن عمل الجمعيات فى مجال البيئة وفى منظومة النظافة لا يتضمن مستوى الفصل من المنبع ومن يقوم بفصل القمامة والحصول على المخلفات الصلبة بها هم النباشون لجمع الكارتون والبلاستيك وعلب الكانز لبيعها للمصانع، وإن كانوا يتسببون فى نبش القمامة وتركها متناثرة بعد أن يحصلوا على احتياجاتهم.
المهندس حمزة العيلي، مدير مشروع المخلفات الصلبة بمحافظة المنيا سابقا، يشير إلى أن تدوير القمامة واستثمارها من أكبر الاستثمارات فى الخارج، منوها إلى أنه لابد من إعداد دراسة متكاملة عن منظومة تدوير القمامة بالمحافظة، تتضمن الاختيار الأمثل للمدافن الآمنة الرئيسية والمحطات الوسيطة وكل منهما له اشتراطاته للتأكد من مستوى انحدار المياه وطبقات الأرض.
ويتابع: كما يتم الاستعانة بأستاذ جيولوجيا متخصص، بالإضافة لقرب المكان من وسائل المواصلات الناقلة للقمامة حتى يتم النقل أكثر من مرة فى اليوم، لافتا إلى أن مشروع المنيا الوحيد للمخلفات الصلبة كان الوحيد من ضمن 8 مشروعات على مستوى الجمهورية الذى حصل على منحة التطوير وهناك دراسة متكاملة عن المحافظة ومنظومة تدوير المخلفات.
وينوه إلى أنه خلال المشروع والدراسة تم تحديد 20 موقعا على مستوى المحافظة وتم عمل الدراسات لها وموجود بكل مركز دراسة جيولوجية للموقع، وتم اختيار المدافن الآمنة لها بعد استيفاء المواصفات لأن كل مدفن يتم تقسيمه إلى خلايا ويستفاد منه فى إنتاج السماد العضوى اللازم للزراعة.
ويشير العيلى إلى أن المنيا تحتاج لأكثر 9 مصانع لاستكمال منظومة النظافة والاستفادة من تدويرها، منوها إلى أنه فى المجتمعات الفقيرة أو فوق المتوسطة يكون ناتج القمامة مثلا نصف كيلو حتى نوعية القمامة تختلف وتصنف من قمامة فقيرة إلى قمامة غنية حسب مكوناتها وهى كميات متغيرة حسب الحالة الاجتماعية لسكان تلك المناطق.
ويقول: يطلق على القمامة فى المنيا قمامة فقيرة والسبب هو عدم رفعها سريعا فتكون عرضة للفرز بالشوارع من قبل النباشين وخسارة ما بها من مخلفات صلبة بالإضافة لتعفن الباقى منها، لكن من الممكن تحويل أى قمامة من قمامة فقيرة إلى غنية من خلال الرفع المتكرر حتى لا تترك للنباشين، منوها إلى أن القرى يخرج منها مخلفات زراعية يمكن الاستفادة منها من خلال استثمارها، خاصة أن المخلفات الزراعية يتم الاستفادة منها فى السماد العضوى والمخلفات العضوية يتم استثمارها واستخراج غاز البيوجاز.