الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرئيس والبابا والشيخ

الرئيس والبابا والشيخ
الرئيس والبابا والشيخ




ابراهيم جاد يكتب:


لم يعد خافيًا على أحد أن العلاقة بين الرئيس السيسى وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب فى أصعب مراحلها. كل فى طريقه ربما لن يلتقيان الرئيس يريد خطابًا دينيًا مستنيرًا لمواجهة كل جماعات الارهاب المتطرفة، وليس فى يده إلا أن يطلب من شيخ الأزهر مرة واثنين، قالها فى لقاء مفتوح وعلى الهواء «تعبتنى يا فضيلة الإمام. حتى وإن قيلت فى سياق أزمة الطلاق الشفهى، وليس فى صميم تجديد الخطاب الدينى. إلا أنها ربما تمثل اختصارًا لغضب مكبوت من الرئيس تجاه الأزهر، لكنه هذّب قليلًا من العتاب، فمنصب الرئيس لا يحتمل كسر قواعد يصعب أن تقال علانية أمام الرأى العام.
لكن الشيخ الطيب، رجل صعيدى، لا أحد يفهم إن كان قد دخل فى مرحلة «عناد» غير معلنة مع مؤسسة الرئاسة وأن هناك تيارًا داخل الأزهر يصر ويحث الرجل على المواجهة والصراع، وهؤلاء لهم توجهاتهم غير البريئة، أم أن الرجل يرفض أن يملى عليه أحد ما الذى يفعله ومتى وكيف؟ ويعتقد أن تجديد الخطاب لا يحتاج أمرًا مباشرًا من رأس الدولة، وإنما إيمان حقيقى بالتجديد الشامل للخطاب؛ وهذا ربما يستغرق وقتًا طويلًا، فى وقت تتسارع وتتناقل فيه صور وفيديوهات داعش ومن خلفهم العلم الأسود، يذبحون ويقتلون ويفجرون باسم الإسلام، لا فرق عندهم بين طفل وامرأة، وتكبير وتكبير، هذا كله يمثل ضغطًا على الشيخ والمؤسسة، إن كان هناك تجديد فلا بد وأن يكون الآن؛ فالأزهر يدفع فاتورة أن التنظيم الإرهابى «سنة». لكن شيخ الأزهر ليس أمامهم، اليوم يقول لهم توقفوا فيسمعون حديثه وينصتون وينسحبوا من أنهار الدماء، فهو عندهم أيضًا مثل الملايين من المسلمين مرتدًا، هم لم يبايعوا إلا إمام الدم والإرهاب أبو بكر البغدادى، فهل الأزمة هنا أزمة تجديد خطاب دينى يتحمل مسئوليتها شيخ الأزهر وحده وهو الذى ورث هذه المناهج وهذا الخطاب منذ عقود؟
أخشى أن يكون هناك شحن طائفى حتى بين المؤسسات، وهناك من يعمل على تأجيج الصراع وتغذيته والنفخ فيه وهم جميعًا وراء ستار، بعضهم روج لأن العلاقة بين الرئيس والبابا تواضروس أقوى من العلاقة بين الرئيس وشيخ الأزهر: انظر لاحتفاء الرئيس بالأقباط فى أعيادهم، وللمفردات التى ينتقيها الرئيس فى خطاب الأقباط، بعد كل حادث يمر به الأقباط يزورهم فى العيد، ويخاطب البابا ويعتذر له عن مقاطعته فى الصلاة، ويرد عليه البابا بأدب جم، قلت له إنه رئيس لكل المصريين، وخطابك هذا طائفى لا يمكن أن يقبله عاقل، هل من الإيمان ألا يزور رئيس الدولة الكاتدرائية للاحتفال معهم فى عيدهم؛ بعد حادث ذبح الأقباط فى ليبيا؟ وقد وعد بأن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد، هل تريده أن يصمت على تفجير الكنيسة البطرسية ولا يعزى بابا الأقباط؟
من يروج لكل هذا الشحن الطائفى، هم أنفسهم الذين يهللون ويكبرون ويهتفون مع كل حادث إرهابى فى سيناء يستهدف الجنود، لا يعنى لهم الوطن شيئًا، هم مجرد مجموعة من المسوخ، تردد نفس المبررات.
هناك هجمة على شيخ الأزهر، هذا أمر واضح، لكنها ليست هجمة على الإسلام؛ وهناك غضب تجاه الشيخ، يقابله دفاع مستميت عنه، لكن التفرقة فى العلاقة بين الكنيسة والأزهر كمؤسستين ناعمتين أمر فى غاية الأهمية، وما بين البابا والشيخ لا يحتاج أى أحد لأن يتلاعب به أو يتدخل لهدم ما لا يمكن هدمه.