السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«صانع الأسطورة فى الشعر العربى الحديث» دراسة جديدة لـ«عبد الناصر حسن»

«صانع الأسطورة فى الشعر العربى الحديث» دراسة جديدة لـ«عبد الناصر حسن»
«صانع الأسطورة فى الشعر العربى الحديث» دراسة جديدة لـ«عبد الناصر حسن»




كتب - خالد بيومى


صدر حديثًا عن الهيئة العامة قصور الثقافة دراسة حديثة بعنوان «صانع الأسطورة فى الشعر العربى الحديث»، لـ.د عبد الناصر حسن، أستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس، حيث يؤكد على حقيقة مهمة مفادها أن الأعمال الفنية التى تخلق الأسطورة تنتج غالبا فى أوقات الأزمات والتحول الثقافى، عندما تظهر القوة الحقيقية لمجتمع الفنانين لتتغلب وتنتصر على الأزمات، ولقد كان هذا حقيقيا على وجه الخصوص فى العالم العربى المعاصر، ولا سيما عند جيل رواد الشعر الجديد.
ومن هنا أمكننا أن نفهم كيف اجتمع الشعراء المعاصرون على أن يجعلوا من شخصية «جميلة بوحيرد» شخصية أسطورية تحولت من مجرد مناضلة جزائرية إلى رمز ضخم للبطولة والفداء، كما أن قصة الفتاة العذراء الموصلية التى صلبها الشيوعيون ومثلوا بها تصبح عند «بدر شاكر السياب» تجسيدًا لـ«عشتار» آلهة الخصب.
وإذا كانت اليوتوبيا هى ذلك الحلم الإنسانى الأعظم فى تصوره لكون مثالى والذى تجسد فى جمهورية أفلاطون، فإن «نيسابور» هى إحدى تجليات «عائشة» تعد مدينة البياتى الفاضلة، فهى مدينة العشق التى ظل يبحث عنها، يبطئ كلما اقتربت منه ويسرع الخطى إذا أحس بابتعادها عنه.
ومن يقرأ ديوان أدونيس «أغانى مهيار» يستوقفه قضية الخلق الأسطوري، حيث استطاع أدونيس أن يخلق أسطورة مهيار الشخصية به فى إطار ذلك الاسم القديم «مهيار الديلمى» دون أن يقلده أو يشتق من أشعاره، أو أن يعبأ بمطابقة حياته الخاصة أو ما يسرده من وحى الشخصية بحقائق تاريخية، فشخصية مهيار تجسد قلق الإنسان المعاصر، وأزمته بوصفه فردا يعيش تعقد الظرف الإنسانى فى عصره ثم هو على مستوى آخر يعانى تجربة التحولات والتوتر التى يعيشها العربى، وعلى مستوى ثالث يواجه مشكلات وجودية مثل الموت والحياة والحب، وهنا ينقل الشاعر تجربته الخاصة إلى مستوى كونى.
أما الشاعر خليل حاوى فقد ارتبطت همومه ارتباطا لصيقا بقضايا الإنسان العربية فكتب أسطورة « البعث لعازر 1962».
ولقد بدأ حاوى القصيدة بعبارة من «العهد الجديد» فى إنجيل يوحنا أسفل العنوان مباشرة تقول: «ذهبت مريم أخت لعازر إلى حيث كان الناصري، وقالت له: لو كنت هنا لما مات أخي، فقال لها أن أخاك سوف يقوم، ويروى العهد الجديد أن المسيح أعاده للحياة مرة أخرى بعد ثلاثة أيام».
استلهم حاوى هذه الفكرة البسيطة فى بعث لعازر بعد موته ليصنع منها أسطورة خاصة به، يقدم من خلالها رؤية لصورة لعازر بوصفه البطل التراجيدى المأزوم فى موقفه النهائي، ويعبر فى هذا الإطار عن يأسه من خلاص الأمة مما تعانيه، متمثلا فى انهيار الأمل فى تحقق الوحدة العربية.
أما الشاعر المصرى محمد سليمان فنستطيع أن نتلمس جذور التوظيف الرمزى فى ديوانه «سليمان الملك» حيث يتماهى سليمان الملك رمزيا مع شخصية النبى سليمان فى الحكاية والرمز، وقدم صورة شعرية ذات طابع أسطورى نرى فيها تجلى صفات النبى/ الملك/ الحكيم/ سليمان الشاعر، وإذا كانت شخصية سليمان الشاعر، تتماهى مع شخصية سليمان النبى فإن د.عبد الناصر حسن، يرى سليمان الشاعر فى صورة سليمان النبى وقد فقد النبوءة والحكمة، ولم يبق له سوى مملكة مزيفة فى الواقع المأساوى الذى يعايشه.