الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«روزاليوسف» تحاور الحالمة بكون الياسمين: «إيمان إمبابى»: علاقتى بالشعر مقدسة وقصيدة النثر تعبر عن شخصيتى

«روزاليوسف» تحاور الحالمة بكون الياسمين: «إيمان إمبابى»: علاقتى بالشعر مقدسة وقصيدة النثر تعبر عن شخصيتى
«روزاليوسف» تحاور الحالمة بكون الياسمين: «إيمان إمبابى»: علاقتى بالشعر مقدسة وقصيدة النثر تعبر عن شخصيتى




حوار - خالد بيومى

شاعرة تكتب قصيدة النثر، صدر لها ديوانين: «بعض من زوايا الروح، ومجدا فى إلى السماء».. مشغولة فى قصائدها بجدلية الذات فى صراعها بين ذاتها وموقفها من الحياة والواقع المتوتر، كما أن قصائدها علامة فارقة على رثاء الذات الفردية والجماعية فى محيط الشاعرة.. هذا ويحضر التكثيف الشعرى عبر قصائدها المعقدة فى تشابكاتها، المكتنزة فى طولها، بحيث يتكشف البعد الثقافى والفكرى – على الصعيد الرمزى– انطلاقا من الجزئى والمحلى والعابر وانتهاء بالكلى والعالمى.. إلى حوارنا معها:

■ كيف ومتى بدأت علاقتك مع الشعر؟
- الشعر هو مسيرتى لكون الياسمين.. كون مفعم بالحياة والأمل والجمال.. تلك كانت بداية علاقتى بالشعر وما زالت.. كنت دوما أعتبر الشعر كونا حالما.. يحلق فيه الخاصة ممن يمتلكون القدرة على التحليق.. دون غيرهم.. وقد نشأت أول علاقة لى مع الشعر.. فى صغرى حينما كانت تشدنى أبيات الشعر التى أسمعها من والدى التى يحفظها أحيانا دون أن يعرف قائلها.. معتبرا أنها قيمة فى حد ذاتها.. مستشهدا بها فى مواقف الحياة.
■ ما الروافد التى أثرت تجربتك الشعرية؟
- كنت دوما حين استمع للشعر.. انفصل عن الكون حولى.. وأحلق..ﻷرى الكون بروح أنقى وأرقى.. واستمرت علاقتى بالشعر.. عبارة عن هذا الشعور الذى ينقينى.. ثم بدأت فى مرحلة المراهقة بالقراءة.. لكل من إيليا أبوماضى، ومحمود حسن إسماعيل.. ليشتعل بداخلى جمر الكتابة فى مرحلة الجامعة.. وﻷن علاقتى بالشعر مقدسة.. انتظرت الكثير والكثير وقرأت واستمعت.. حتى أصبح بالمستوى الفكرى والنضج الفنى والشعورى.. لأقدم أعمالا أحترم فيها عقلية ومشاعر القارئ، وأستطيع أن أرقى به إلى ما أصبو إليه من قيم إنسانية، وشعورية أفضل.. وكان الشعر هو الفن الذى يمثل خلجات روحى.. تلك الحالمة والمحلقة دوما.. وإن نازعه فيها الفن التشكيلى.. والموسيقى.. فكان لى بمثابة الأجنحة التى منحتنى حريتى وحررتنى من قيود النفس.. والحمأ..ﻷحلق كيفما ووقتما شئت.
■ تكتبين قصيدة النثر رغم الجدل المثار حولها.. ماذا تقولين؟
- وقد كانت قصيدة النثر.. رغم ما أثير حولها من جدل وحول شرعيتها.. أراها تعبر عن شخصيتى ككاتبة.. وميولى الفكرية والشعورية.. فهى تمنحنى الرحابة، والتحليق خارج الأنماط الفكرية المعتادة والقيود اللغوية والتقولب.. والتى لا تناسب روحى المنطلقة إلى أبعاد لا تعترف بالقيود ولا تمتثل للحدود.. فى الصور الإبداعية.. فقصيدة النثر.. تعتمد على النغم المنبثق من الشعور النفسى، والإيقاع الشعورى.. أثناء الكتابة.. وهذا يتسق تماما مع ميولى فى الكتابة.. حيث يسكن الحرف، ويتحرك.. طبقا لخلجات النفس.
■  أى مساحة حرة يمنحك إياها التحرر من القافية؟
- لقد جعلت الموسيقى الشعورية الجملة الشعرية تتوقف عندى باكتمال المعنى واتساقه وإيقاعه فى التجربة الشعورية.. وبالتالى لا ألتفت إلى تشابه الإيقاع فى نهايات الجملة (ألا وهى القافية)، وأصبحت الموسيقى المنبثقة من المعنى محملة بألوان الشعور التى تمنحك الموسيقى والنغم المحلق أكثر وأعلى من وجهة نظرى.
■ ما القضايا التى تشغلك فى شعرك؟
- انشغلت دوما فى كتاباتى بقضايا الإنسان ومشاعره، فالشعر لدى منظومة عشق نورانى بين الإنسان والكون، فقيمة الإنسان بوصفها أرفع القيم الضوء الذى يهتدى به المبدع، وما زال قول «كانط» الشهير حجة من أقوى الحجج على قيمة الإنسان: «لو كانت سعادة البشرية كلها وقفا على قتل طفل لكان هذا الفعل لا أخلاقيا».
■ البعد الصوفى له حضور قوى فى قصائدك.. لماذا؟
- ظهر البعد الصوفى بشكل قوى فى كتاباتى، لكونى شخصية حالمة، أميل إلى التطهر الروحى بالقرب من الله أولا.. وبالتالى يأتى ثانيا.. ألا وهو الارتقاء والترفع عن حمأ النفس البشرية لنقترب من إنسانيتنا.. ولتنامى النزعة المادية بشكل مفزع، ظهر انشغالى بالروح ومساراتها فى معظم كتابًاتي.. وكذلك الجانب الرومانسى، الذى يهذب ذاك الجمود حولنا.. أملا فى استشعار القيم والروحانيات ومضارب الرقى فى شتى مجالاته.. واتجهت لتقريب القارئ من إنسانيته.. ومحاولة لتخفيف وطأة الماديات التى تسيطر على عالمه.. فأنهكت روحه.. وكانت أول تجربة لى فى ديوانى «بعض من زوايا الروح»، عبارة عن ترجمة لفكرى هذا.. فراحت القصائد به.. تحملك لمدارات عدة للروح مع أو عكس اتجاهات النفس.. حيث تنوعت وتشكلت تلك المدارات بصور شتى.. حتى يجد فيها القارئ.. شيئًا من خلجات نفسه.. ويحلق من خلالها.. وقد تجلى التجاوب من قبل القراء بشكل إيجابى مع ديوانى من خلال مبيعاته وتوزيعه.. أن الجسر الذى كنت أحلم بمده من خلال كتاباتى بينى وبين القارئ من تفاعل روحى ونفسى مع المشاعر الراقية.. قد امتد فعلا.
■ هناك انشغال بالروح ومساراتها فى شعرك.. فهل هذا رد فعل على تنامى النزعة المادية فى الكون؟
- الديوان حاول ابتعاث التواصل بين مشاعر الإنسان وروحانياته ونفسه تلك التى أنهكتها المادية، وراح يبحث عن هذا الجسر فى «بعض من زوايا الروح» ووسط الحالة التى يشهدها العالم العربى على كل الأصعدة، رحت أكتب للإنسان، أفتش فى داخله عن مظاهر إنسانيته، واستقيها من مشاعره، بتواصلى من خلال كلماتى المفعمة بأحلامه ورومانسيته وأحزانه وكل ما يرقق روحه ويهذب نفسه، حتى يجد ما يقتات عليه من شعور بالحياة.. ليظل ينعم ببعض الأمل والسعادة.. ولمست هناك قبسا من التجاوب مع هذا المد الذى منحتهم إياه، ليرتقى بإنسانيته ومن جديد.
وقد ساهمت القراءة الإلكترونية فى إثراء بعض معلوماتى.. وأفكارى لتسهل التواصل مع الآخر، ولكن يبقى الكتاب الورقى هو المتعة التى تعطى مردودها المثمر، وبذلك يستأثر الكتاب الورقى باهتمامى أكثر.
■ الغربة.. ماذا أخذت منك وماذا أعطتك؟
- لقد صقلتنى الغربة أكثر  ووسعت مداركى وأكسبتنى تجارب إنسانية شتى، فالغربة تحتاج لثبات عاطفى حتى لا يصيب النفس شيئا من الجمود وقساوة القلب من جراء الانعزالية واختلاف سبل الحياة، ويبقى الشعر هو سلاحى الجميل الذى أواجه به الحياة فى رحلتى إلى كون الياسمين.