الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هروب المستثمرين يقتل فرحة «الصعايدة» بأكبر مصنع للمستلزمات الطبية

هروب المستثمرين يقتل فرحة «الصعايدة» بأكبر مصنع للمستلزمات الطبية
هروب المستثمرين يقتل فرحة «الصعايدة» بأكبر مصنع للمستلزمات الطبية




قنا ـ حسن الكومى

تمتلك محافظة قنا بجنوب الصعيد، أكبر مصنع لإنتاج المستلزمات الطبية والأدوية على مستوى الشرق الأوسط، وهو ضمن أكبر 5 مصانع على مستوى العالم، لكنه خاو على عروشه، بسبب توقف الإنتاج بعد هروب المستثمر وتركه غارقا فى الديون، فضلا عن قطع الكهرباء والماء، الأمر الذى نجح فى أن يصبح خرابة وعرضه للسرقة خلال فترة الانفلات الأمني.
«روزاليوسف» قامت برحلة استغرقت 5 ساعات، وقطعت مسافة 20 كيلومترًا للوصول إلى مصنع الأدوية بمركز «قفط»، وذلك لكشف حقيقته ووضعه على خريطة الاستثمار بمحافظة قنا.
بداية تجد مجموعة من الأراضى الصحراوية الشاسعة تتوسطها مبان ضخمة.

 

ويقف مصنع الأدوية القائم على خطى إنتاج «هيبى تكس» و»هيبى هوم» شاهد عيان على الإهمال الذى تعانى منه كثير من المنشآت والمؤسسات بمحافظات الصعيد، الذى يتعطش لتنمية حقيقية ترفع من مستوى معيشة أفراده وتوفر لهم حياة كريمة.
وعندما تقترب من تلك المبانى الضخمة ترى أشجار من النخيل تحيط بتلك المبانى هلكت من العطش حتى تحولت المنطقة إلى غابة مهجورة تسكنها الأشباح وينعق فيها البوم، بعد أن توقف المعدات والآلات عن العمل، ونسج العنكبوت خيوطه عليها مدينة سكنية جميلة يخيم عليها الظلام، واختفت تماما أى مظاهر للفرح والبهجة، ناهيك عن تشريد نحو 1500 عامل.
فى بداية يقول بخيت دنقل، مسئول الأمن بالمصانع: إنه تولى العمل بالمصنع بناء على قرار من اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا، بعد تعرض المصنع للسرقة والنهب من قبل بعض اللصوص بعد ثورة 25 يناير وفى فترة حكم الإخوان المسلمين، مؤكدا أن مصنعى هيبى تيكس وهيبى هوم كانا يعملان حتى عام 2009 ويحققان أرباحا عالية، لكن بعد هروب المستثمر توقفت المصانع عن العمل وغرقت فى الديون وقطعت عنها الكهرباء والماء، ما تسبب فى تحولها إلى خرابة وعرضة للسرقة.
ويوضح المهندس بريقع توفيق، نائب رئيس مجلس الإدارة، أن مصنع الأدوية قائم على خطى إنتاج هما «هيبى تكس»، و«هيبى هوم» لإنتاج المستلزمات الطبية، منوها إلى أن هيبى تكس تم تأسيسه فى عام 2000 برأس مال يصل 55 مليون دولار، وتكلفة استثمارية 100 مليون دولار، على مساحة 27 فدان، بقوة 1000 عامل، وتصل قيمته الإنتاجية إلى 330 مليون جنيه، حيث يقوم بتصدير مستلزمات الأدوية إلى الصين والسويد والهند وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط.
ويلفت إلى أن خط الإنتاج الثانى «هيبى هوم» متخصص فى المستلزمات الطبية والمضادات الحيوية «الأقمشة غير المنسوجة للاستخدامات الطبية والصحية والصناعية»، وتم تأسيسه عام 2000 برأس مال 6.5 مليون دولار، وتكلفة استثمارية 15 مليون دولار، على مساحة 10 أفدنة بقوة 500 عامل بالمنطقة، ويصدر منتجاته إلى استراليا والصين والشرق الأوسط وأمريكا.
ويشير بريقع إلى أن المصنعين توقفا عن الإنتاج فى 2009 بعد انقطاع الخدمات الحكومية من شركتى الماء والكهرباء لعدم سداد الديون المستحقة، وهرب المستثمرين إلى الخارج، حتى جاءت ثورة يناير، واستطاع عدد من اللصوص من تدمير المصنعين وسرقة أجهزة الكمبيوتر وبعض المعدات.
ويتابع: وجاءت مؤسسة «gms» جنرال ميديتريال هولدنج، لصاحبها السير نظمى أوجى، وهو مستثمر وملياردير عربى ومؤسسته فى لندن، وثانى عربى يحصل على رتبة سير بعد الدكتور مجدى يعقوب، تدخل واشترى معظم الاستثمارات ومن بينهم أسهم المستثمر الهارب «رفعت السيد»، إلا أن المصانع غارقة ومكبلة بالديون، الأمر الذى عطل إعادة تشغيلها.
وأوضح نائب رئيس مجلس الإدارة أنه تم عمل دراسة جدوى اقتصادية بالتعاون مع شركات كورية وسيمنز وتقييم للمصنعين لإعادة تشغيلهما، ووجدنا أن المتبقى فى حالة جيدة من المصنعين هى المعدات والمبانى، إلا أن الديون تمثل عائق كبير، حيث بلغت ما يقرب من 72 مليون دولار، و20 مليون جنيه لـ«المياه» و«الكهرباء»، لكن نجحنا فى 2014 فى تسوية مع البنك الأهلى بالنسبة لمصنع المستلزمات الطبية هيبى تكس، وننتظر نعمل تسوية لهيبى هوم مع البنك الأهلى وقناة السويس.
ويؤكد أن مصنع قفط للأدوية يحتاج إلى تمويل بـ35 مليون دولار لتشغيل المصنعين وإعادة تأهيلهم، خاصة أن المستثمر الجديد لم يكن يتوقع حجم الديون الكبيرة، مطالبا وزارة الاستثمار بتوفير قرض يتم سداده بعد تشغيل المصنع أو دخول أحد المستثمرين بحصة لإعادة تشغيله.
وقدم بريقع حلول من الممكن أن تعيد الحياة لمصانع الأدوية منها أن المصانع كان مؤمن عليها لشركة مصر للتأمين وأن شركة التأمين رفضت صرف مبلغ التأمين بحجة عدم توفير الإدارة السابقة تأمين للمصنع، وتم رفع قضية ومازالت فى المحاكم ولو أن الشركة وافقت على صرف مبلغ التأمين فهذا يكفى لحل المشكلة.
أما حسين عارف، طبيب صيدلي، يقول: إن صناعة الأدوية والعقاقير الطبية من أهم الصناعات العالمية، فهى ثانى أكبر تجارة على مستوى العالم، لكنها فى مصر غير مكتملة وتقوم على إخراج الدواء فى شكله النهائى دون تصنيع الدواء ذاته، حيث نستورد أكثر من 85% من المواد المضافة، بل وكل المواد الفعالة، لذلك يعتبر توقف الاستيراد لأى سبب عدة أشهر يعتبر كارثة حقيقية.
ويلفت إلى أنه لابد من تضافر جميع الجهود للقيام بالمشروعات التى تعود بالنفع العام على البلاد، مناشدا المسئولين والمستثمرين ورجال الأعمال بتسخير نعمة المال فيما يعود بالنفع على البلاد والمواطنين وإعادة تشغيل مثل هذه المشروعات المتوقفة وإحيائها من جديد.
كان قد قال اللواء عبدالحميد الهجان، محافظ قنا: إن المحافظة تولى اهتماما كبيرا بتوفير المناخ المناسب للاستثمار بالمناطق الصناعية وخارجها والسعى إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات لخلق فرص عمل للشباب وخفض نسبة البطالة وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية ومستدامة على أرض المحافظة للارتقاء بمستوى المعيشة وتوفير حياه كريمة.
وأكد أن الإصلاح الاقتصادى الذى التزمت به الحكومة وتوفير المناخ المناسب لتنشيط حركة الاستثمار من خلال تطوير الخدمات وتبسيط الإجراءات وتحقيق الشفافية ومكافحة الفساد الإداري، أدى إلى استقرار السياسات الاقتصادية وزيادة الثقة فى الاقتصاد المصري.
يشار إلى أن الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، وعدت خلال تفقدها بعض المشروعات المتعثرة بالمنطقة الحرة ومنها مصنع الأدوية، بأنها ستعمل على تذليل تلك العقبات لإعادة تشغيل تلك المشروعات، مؤكدة أنها ستقوم بمراجعة موقف مصنع الأدوية بالكامل للبدء فى تشغيله فى أقرب وقت ممكن.
وأوضحت أن مجلس النواب وافق على قرض البنك الدولى بقيمة 500 مليون جنيه لتنمية المناطق الصناعية بمحافظات جنوب الصعيد، حيث سيتم ضخ 125 مليون جنيه كدفعة أولى للمناطق الصناعية بقنا وسوهاج، لافتة إلى أن قانون الاستثمار الجديد أعطى الإطار القانونى والتشريعى الجاذب للاستثمار خاصة بمحافظات جنوب الصعيد، مضيفة: هناك تحركات سريعة من قبل وزارة الاستثمار والتعاون الدولى لتأسيس البنية التحتية للمناطق الصناعية وتوفير جميع احتياجات المستثمرين والمتابعة المستمرة لجميع المشاريع الاستثمارية لتحقيق النمو الاقتصادي.
وأكدت نصر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وجه خلال مؤتمر الشباب بأسوان، بضرورة الاهتمام بإقليم الصعيد وإقامة المشروعات الاستثمارية لتوفير فرص عمل للشباب، مؤكدة أن الحكومة لن تدخر جهداً فى العمل على خلق مناخ وبيئة جاذبة للاستثمار تضمن إعادة مصر مرة أخرى إلى خريطة الاستثمارات العالمية.