الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سكان «وادى القمر».. المغضوب عليهم فى «الإسكندرية»

سكان «وادى القمر».. المغضوب عليهم فى «الإسكندرية»
سكان «وادى القمر».. المغضوب عليهم فى «الإسكندرية»




الإسكندرية ـ إلهام رفعت

«وادى القمر».. منطقة فى غرب مدينة الإسكندرية على ساحل مصر الشمالي، وتتبع حى العجمى.. ينتمى معظم سكانها إلى القبائل التى استوطنت الجزء الشمالى الغربى من مصر وليبيا منذ أزمنة طويلة، وعلى وجه التحديد قبيلة أولاد على، وقبيلة جهينة، ويقدر عدد سكانها بنحو 60 ألف شخص، علاوة على أن الأبناء يتوارثون قصصًا عن تاريخ المنطقة، وبعضهم يذكر أن أصل الاسم يعود إلى انعكاس القمر على مزارع الشعير التى كانت تغطى مساحات واسعة.
لكن من الواضح أن كل ذلك التاريخ لم يشفع للمنطقة لدى المسئولين، رغم أنها كانت مكانًا للنزهة والاستشفاء، وكانت منطقة سكنية وليست عشوائية منذ ما يزيد على 70 سنة على الأقل، وهو ما توضحه الخرائط المسجلة الصادرة من هيئة المساحة المصرية، التى يعود تاريخها إلى عام 1944، حيث تتضمن تلك الخرائط أن وادى القمر منطقة سكنية قديمة تم تقسيمها وتخطيطها من الجهات الإدارية المعنية وليست منطقة عشوائية، وأنها قائمة فى المكان قبل إنشاء مصنع الأسمنت ـ شركة تعمل برخصة مؤقتة 15 سنة.
فى البداية يقول هانى عقيل، أحد سكان المنطقة: يعود تاريخ أول إنشاء لمصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند فى وادى القمر إلى عام 1948 وكان مملوكًا للحكومة المصرية، وظل كذلك لعقود قبل أن تتم خصخصته، حيث قامت شركة إنجليزية بشراء المصنع فى عام 2000، وفى 2001 تم منح الشركة ترخيصا مؤقتا لتشغيل المصنع «الفرن الخامس»، علاوة على أنه فى عام 2007 اندمجت مع شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند.
ويضيف: حاليًا الفرن الخامس هو الوحيد الذى يعمل، حيث تم هدم الأفران الأربعة القديمة غير المستعملة، والكارثة أنه تم بناء الفرن الخامس ملاصقًا للمنطقة السكنية وإلى الشمال منها ولا تزيد المسافة بين مدخنة الفرن والمساكن على حوالى عشرة أمتار، ولا تبعد عن خط ساحل البحر المتوسط سوى حوالى 100 متر، ولأن الرياح السائدة فى هذه المنطقة الساحلية رياح شمالية غربية، وقعت المنطقة السكنية فى مرمى انبعاثات المصنع.
ويلفت عقيل إلى أن الشركة لم تلتزم بالمعايير المتعلقة بحماية البيئة، الأمر الذى دفع أهالى وادى القمر إلى رفع دعوى قضائية، مطالبين بإلغاء الترخيص الصادر للمصنع لعدم قانونيته، وقد أحالت المحكمة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع، وطبقا لتقرير هيئة مفوضى الدولة؛ فقد حصلت الشركة على رخصة تشغيل مؤقتة للفرن الخامس بتاريخ 5 من فبراير 2001 لمدة 6 أشهر لحين استكمال تنفيذ الاشتراطات القانونية.
ويتابع: لكن الشركة لم تستكمل الاشتراطات القانونية، وطالبت بتجديد الترخيص المؤقت، وتوالى حصول الشركة على التجديدات المؤقتة للرخصة بنفس مدة 6 أشهر حتى عام 2004، إلى أن خلص تقرير مفوضى الدولة إلى أن الترخيص المشار إليه- الذى صدر بشكل مؤقت منذ فبراير 2001 لحين تنفيذ الاشتراطات المطلوبة قانونيًا- توالى تجديده بمعرفة جهة الإدارة إلى ما يزيد على 15 سنة، كما تضمن التقرير «أن ذلك يعنى تحويل الترخيص المؤقت إلى دائم ويفرغ الترخيص من مضمونه وتصبح الاشتراطات المتطلبة قانونًا التى يجب على الشركة تنفيذها للحصول على الترخيص هى والعدم سواء»، ناهيك عن وجود توصية بإصدار حكم بإغلاق الشركة لأنها تدار دون ترخيص نقل السكان وتحويلها إلى منطقة صناعية.
ويقول حسين عبدالمنجى، أحد المتضررين: إن منطقتى المكس ووادى القمر تقعان وسط شركات البترول والأسمنت وسكانها يعانون أمراض الرئة، والرمد للصغار والكبار بسبب الأبخرة المتصاعدة من تلك الشركات، منوها إلى أن مطلب الأهالى بنقلها إلى مكان آخر مطلب مشروع، ولا بد من إنشاء مشروع يشبه «بشاير الخير» بغيط العنب من خلال تكاتف الشركات ونقل هذه العائلات لتصبح المنطقة صناعية فقط.
ويرى على القسطاوى، محام بالاستئناف، أن أداء الشركة يخالف عددًا من القوانين المصرية منها القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة، والقانون رقم 21 لسنة 1958 بشأن تنظيم الصناعة وتشجيعها فى الإقليم المصرى، والقانون رقم 8 لسنة 1997، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، هى القوانين ذات الصلة التى تنظم شروط ومتطلبات الترخيص بممارسة الأنشطة الصناعية والتجارية فى مصر.
ويشير إلى أن تقرير المفوضين لا يعتبر مُلزِمًا للقاضى فى القانون المصري، وحتى الآن لم يصدر حكم نهائى فى القضية المتداولة منذ2010، لافتا إلى أن الاهالى تضرروا مرارا وتكررا من تعرض صحتهم ومساكنهم للخطر، خاصة أنه سبق أن سقطت بعض الأجزاء الخارجية من عدد من المبانى بالفعل.
من جانبه أكد المهندس حسن خير الله، رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان ونائب دائرة العجمى، متابعته لهذا الملف الشائك منذ رئاسته لجنة الإسكان بالمجلس المحلى فى عام 2003، حيث وضع توصيات ولم تنفذ، منوها إلى قيام لجنة مشتركة بزيارة المنطقة تضم ممثلين من شئون البيئة، وخبراء من الصحة، ونواب المنطقة، للتعرف على المشكلات على الطبيعة، وتم وضع توصيات قبلتها الشركة وشئون البيئة، أهمها عمل سقف تشوينات ورشاش مياه للتخلص من الأتربة واستخدام فلاتر مطابقة للمواصفات العالمية، بالإضافة إلى زراعة أشجار حول الأسوار وتعلية الأسوار.وقال خيرالله: إن اللجنة أوصت بضرورة إلزام الشركة بتنظيم قوافل طبية وصرف العلاج على نفقة الشركة وتنمية المنطقة وتدعيم مركز طب وادى القمر بالإمكانات التى تحتاجها ورش المنطقة بالماء يوميا للتخلص من الأتربة الملوثة وتوزيع ألبان ومواد غذائية للأسر الفقيرة، مؤكدا أن الشركة بدأت بالفعل فى تنفيذ بعض التوصيات والتزمت بأداء دورها فى تنمية وتطوير المنطقة.