السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدكتور عبدالعزيز سالم: «أبومينا» و«القاهرة التاريخية» مهددان بالخروج من قائمة اليونيسكو.. وهذه هى الأسباب

الدكتور عبدالعزيز سالم: «أبومينا» و«القاهرة التاريخية» مهددان بالخروج من قائمة اليونيسكو.. وهذه هى الأسباب
الدكتور عبدالعزيز سالم: «أبومينا» و«القاهرة التاريخية» مهددان بالخروج من قائمة اليونيسكو.. وهذه هى الأسباب




حوار - علاء الدين ظاهر

وسط آلاف المواقع الأثرية التى تمتلئ بها مصر وتستحق أن تسجل فى قائمة مواقع التراث العالمى لدى اليونسكو، إلا أننا وللأسف ليس لدينا فى هذه القائمة إلا 7 مواقع مسجلة، وبجانب هذا العدد الضئيل والذى لا يتناسب مع قيمة وحجم تراث مصر وآثارها، فإن المواقع المسجلة تلك شابتها أخطاء وقعنا نحن فيها عند تسجيلها، هذا بجانب المخاطر التى تتعرض لها وجعلت اليونسكو تنقل بعضها فى قائمة المواقع التراثية المهددة بالخطر، وهذه المواقع مهددة بالشطب النهائى من القائمة فى الدورة المقبلة للجنة التراث العالمى ما لم نتحرك بسرعة ونصحح أوضاعنا، وفى سبيل الوقوف على حجم هذه التهديدات والبحث عن حلول، حاورنا الدكتور عبدالعزيز سالم أستاذ الآثار بجامعة القاهرة والخبير الدولى فى التراث العالمي، والذى عمل فى هذا الملف باليونسكو لأكثر من 17 عاما.

قال الدكتور عبد العزيز سالم فى حواره مع روزاليوسف اليومية الورقية إن مصر ممتلئة بالمواقع التى لا تزال بكرا وتستحق وضعها فى قائمة التراث العالمي، وسترحب اليوينسكو والعالم كله بمواقعنا الأثرية والتراثية والطبيعية، مشيرًا إلى أن زيادة عدد مواقعنا فى القائمة سيؤدى إلى تحفيز القدرة التنافسية فى السياحة وجلب تمويل من المنظمات الثقافية العالمية، موضحا أن وضعية المواقع التراثية المصرية فى قائمة التراث العالمى بعد 45 عاما من إنشاء إتفاقية اليوينسكو وضعية هزيلة جدا ومثيرة للقلق.
وتابع: تضم القائمة 7 مواقع مصرية منها موقع تراث طبيعى و6 تراث ثقافى، ومصر صاحبة التاريخ الممتد لآلاف السنين ومؤسسة وصاحبة الفكرة فى ذيل القائمة، وأسبانيا لها 52 موقعا وإيطاليا 49 موقعا، وأمريكا التى نشأت من200 عام لها 63 موقعا بالقائمة، وإيران قائمتها تتعدى 22 أثرا لأنها وعت جيدا كيفية التسجيل، فى حين غرقنا نحن فى خلافات جانبية كثيرة، وليس معقولا ان مصر منذ سنوات طويلة لم تقدم ملفا واحدا لتسجيله، وهوما يؤكد اننا لدينا ثغرات وقصور فى إعداد ملفات التسجيل وهذه مشكلة الدول العربية كلها وليست مصر فقط.
وقال: إن هناك 10 معايير للتسجيل ويكفى انطباق معيار واحد منها للتسجيل، لكننا فى مصر نصر على المعايير كلها مما يلقى علينا بتبعات والتزامات لا نقوم بها، ومنذ 20 سنة لم نسجل أى موقع جديد من مصر رغم أننا لدينا خبراء وشخصيات قادرة على دعم ذلك بخبراتها وثقلها، ونحن فى حاجة لإعادة فهم ودراسة التراث المصرى العالمى لأن مصر تستحق أكثر من ذلك.
وقال: إن دير «أبومينا» بالإسكندرية هو أول موقع مصرى تم تسجيله عام 1979، وحاليا هو موضوع فى قائمة التراث المعرض للأخطار بسبب عدم وجود وسائل حماية له ولديه مشكلة كبيرة فى اليوينسكو، حيث تم إهمال أبومينا ولم يتم عمل أى مظاهر حماية وترويج له، وأتوقع الدورة القادمة سيكون هناك حديث عن شطبه من القائمة.
وأوضح أن القاهرة التاريخية لها امتداد كبير وتستحق أن توضع فى قائمة التراث العالمي، لكن بها تكدس وخريطتها واسعة فكيف يتم تسجيلها كلها كموقع واحد؟، وهى حاليا موضوعة ضمن قائمة التراث المعرض للأخطار، ولنا ان نتخيل أن شارع المعز أكثر بمفرده به أكثر من 600 أثر، وكان يمكن اختيار بعض الآثار فى القاهرة التاريخية وتسجيلها لنتمكن بعدها من تحمل تبعيات ما بعد التسجيل خاصة حفظ الموقع الذى تم تسجيله وحمايته ومتابعته، ولأن القاهرة التاريخية متسعة ومسجلة كموقع واحد، لم نتمكن من توفير الحماية اللازمة وسط ما يتعرض له من أخطار شديدة.
وعن وضع منطقة الأهرامات، قال: لا يعقل ان تسجل المنطقة من الهرم حتى دهشور ومعها سقارة كموقع واحد فى قائمة التراث العالمى، لأن هناك متطلبات الحماية والحفظ للموقع ومع اتساع المنطقة سيكون ذلك صعب وكان يمكن تسجيل هرم واحد من الثلاثة مثلا، خاصة أن منطقة الأهرامات بها مشاكل ومنها الجمال والخيول وهذا صعب جدًا وهى إحدى المشاكل التى تعترض عليها اليوينسكو، ولو حدثت مشكلة ما فى هذه المساحة الشاسعة ستحذرنا اليوينسكو وقد تصل للشطب لو لم أحل المشكلة
وأشار إلى أن نفس الأمر متكرر فى «مدينة طيبة» وهى الأقصر التى سجلناها كلها بمعابدها ومنها الكرنك والأقصر ووادى الملكات، رغم أن الاتفاقية الدولية فيها باب تعديل الحدود، بمعنى أننى من حقى كدولة لو وجدت خطأ عندى أن أطالب بتعديل حدود الموقع الثقافى سواء بالاتساع أو التضييق، ولدينا مواقع مثل أبوسمبل وسانت كاترين حالتها أفضل ووضعها جيد ولا توجد بها مشاكل وبحالة جيدة من الحفظ والحماية، كذلك وادى الحيتان فى الفيوم وهو الموقع الوحيد المسجل لدينا تراث طبيعى، ورغم ذلك لم نستفد منه بحيث لم نقم بأى ترويج سياحى له مما يفيدنا فى تعزيز التنمية السياحية والاقتصاية.
وفجر عبد العزيز مفاجآت عن وضع المواقع الإسرائيلية المسجلة فى قائمة التراث العالمي.. مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى قائمتها أكثر من مصر، وإسرائيل لديها 14 موقعا مسجلا فعلاً​، هذا غير القائمة التمهيدية والتى لدى إسرائيل بها 19 موقعا، وأن كانت معظم المواقع الإسرائيلية المسجلة فى الأساس تراث فلسطينى وعربى، ولنا أن نتخيل أن إسرائيل لديها مبان ترجع لعام 1950 ومسجلة، وإسرائيل حفرت كثيرا تحت الأرض أملا فى أن تعثر على آثار يهودية تؤكد زعمها بأن القدس يهودية، وفى النهاية تجد آثارا​ إسلامية وأموية فتدمرها، كما أنها تحفر تحت المسجد الأقصى لتحدث خلخلة فيه، وقد جاءوا بمواد حديثة جدا تذيب الأحجار يستخدمونها فى الحفر وتذيب أى مادة صلبة.
وتابع: القدس إسلامية عربية، والإسرائيليون فشلوا فى إيجاد دليل أثرى واحد يؤكد زعمهم الكاذب بأن القدس يهودية، وفى سبيل ذلك اختلقوا قصة «حدائق التوراة» وهى غير موجودة أساسا، لكنهم يحكونها للسائحين على أنها حقيقية وموجودة، ثم اختلقوا لها آثارًا بزعم أنها يهودية ليثبتوا ما يريدون ومنها الحدائق التوراتية وهى مسجلة فى قائمة التراث العالمى التى تضم لديهم أيضا قلعة عكا مسجلة باسم إسرائيل، وقد وقفنا ذات مرة أمامهم ومنعناهم من تسجيل طريق الإخدود الإفريقى العظيم باسمهم، وذلك أثناء الدورة رقم 30 للجنة التراث العالمى فى مدينة سوشى بالصين.
واستطرد: كان حينها عالم الآثار الراحل الدكتور جاب الله على جاب الله ممثل مصر الرسمى، وإسرائيل أرادت تسجيل الطريق الذى يضم جبالا ممتدة من مصر للسعودية باسمها، وقمنا مع الدكتور جاب الله بمجهود كبير وحشدنا الرأى العام حينها ونجحنا فى إلغاء ذلك المشروع، وليس معقولا أن تل أبيب مسجلة كتراث عالمى وبذلك ضمنت حماية قانونية دولية من ناحية كونها مدينة تراثية، فى حين نحن لا نعرف تسجيل مدن مثل رشيد وغيرها، لذلك لا بد من إعادة التفكير فى ذلك والمواقع المسجلة عندنا، كون ذلك مهم فى إحداث رواج سياحى عالمى لمصر، وهو ما يتحقق لأى دولة بحسب عدد المواقع المسجلة لديها فى قائمة التراث العالمى.
وقال إن تهديدات اليونيسكو فى ملف أبومينا حقيقية مبنية على الأخطار التى يتعرض لها الموقع، والتى تم من أجلها نقل الموقع من القائمة الدولية إلى قائمة التراث المعرض للأخطار، وأخشى أن يتم اتخاذ إجراءات أخرى العام الحالى لشطب الملف من القوائم الدولية، وأدعوا وزارة الآثار واللجنة الوطنية المصرية للتعامل مع الملف بجدية، والدعوة لتكاتف الجهود للاهتمام بالموقع والمحافظة عليه والإجابة الدقيقة على جميع التفسيرات الواردة من منظمة اليونيسكو ومركز التراث العالمى، بصفتهما المسئولين عن حماية التراث العالمى وفقا لاتفاقية 1972 والنصوص التوجيهية والقرارات الصادرة فى هذا الشأن.
وشدد على أن ملف أبومينا خطير جدا ولا يحتمل التأجيل أو التراخى فى إزالة كافة المعوقات حول الموقع، وأيضا ملف القاهرة التاريخية به العديد من المشاكل العالقة منذ 2011، وأدعو المسئولين للتعامل بجدية من الملف لأن الدورة المقبلة للجنة التراث العالمى «مايو - يونيو» العام الحالى ستكون صعبة خاصة لملفى أبومينا والقاهرة التاريخية، والموضوع كبير ومعقد ويحتاج بذل كافة الجهود لتفويت الفرص على المتآمرين على مصر فى الدورة المقبلة، ولابد من الاستعداد من الآن بكافة البيانات المطلوبة وتقديمها للجنة التراث العالمى قبل اعتماد جدول أعمال الدورة المقبلة، وأدعو سفير مصر باليونيسكو لتوحيد موقف المجموعة العربية للحيلولة ضد شطب مواقع مصرية من القائمة الدولية.
وتابع: اليونيسكو لديها بيان مفصل بحجم المخاطر فى كل ملف على حدة، والمخاطر التى أدرجتها لجنة التراث حول ملف أبومينا والقاهرة التاريخية عديدة وتتلخص فى أمرين رئيسيين هما المحافظة على الأصالة والسلامة للموقع الثقافى العالمى وهما عاملان مهمان، والمخاطر التى يتعرض لها أبومينا تندرج تحت عدة عوامل إجمالية وهى المحافظة على أصالة الموقع وتوفير عناصر السلامة للموقع وغياب خطة الإدارة للموقع الأثرى العالمى وغياب خطط المتابعة للموقع الأثرى وعدم وضع الموقع ضمن البرامج والخطط السياحية وغياب دور المجتمع المحلى فى الحفاظ على الممتلك الثقافى العالمى.

10 معايير

طبقا لمنظمة اليونيسكو فإن تسجيل الآثار فى قائمة التراث العالمى يتطلب 10 معايير محددة، والمعايير من 1-6 تتعلق بتسجيل مواقع التراث الثقافى ومنها الآثار، والمعايير من 7-10 خاصة بتسجيل مواقع التراث الطبيعى ومنها المحميات ووادى الحيتان، والمعايير الــ10 هى:
(١): أن تمثل إحدى روائع العقل البشرى المبدع.
(٢): أن تتجلى فيها تأثيرات متبادلة قوية جرت على امتداد فترة من الزمن أو داخل منطقة ثقافية معينة من العالم، تتعلق بتطور الهندسة المعمارية أو التكنولوجيا أو الصروح الفنية أو تخطيط المدن أو تصميم المناظر الطبيعية.
(٣): أن يقف شاهدًا فريدًا أو على الأقل استثنائيًا على تقليد ثقافى أو حضارة لا تزال.
(٤): أن يكون نموذجًا بارزًا لنمط من البناء، أو لمجمع معمارى أو تكنولوجى أو لمنظر طبيعى يمثل مرحلة أو مراحل هامة من التاريخ البشرى.
(٥): أن يقدم نموذجًا بارزًا لمستوطنة بشرية تقليدية أو لأسلوب تقليدى لاستخدام الأراضى أو لاستغلال البحار، يمثل ثقافة (أو ثقافات) معينة، أو يمثل التفاعل بين الإنسان  وبيئته.
(٦): أن يكون مقترنًا على نحو مباشر أو ملموس بأحداث أو تقاليد حية، أو بمعتقدات، أو بمصنفات أدبية أو فنية ذات أهمية عالمية بارزة.
(٧): أن ينطوى على ظواهر طبيعية منقطعة النظير أو يضم مناطق ذات جمال طبيعى استثنائى وأهمية جمالية فائقة.
(٨): أن يقدم أمثلة فريدة لمختلف مراحل تاريخ الأرض، بما فى ذلك سجل الحياة على الأرض، وللعمليات الجيولوجية الهامة الجارية والمؤثرة فى تطور التشكيلات الأرضية، أو المعالم الجيومورفية، أو الفيزيوغرافية الهامة.
(٩): أن يقدم أمثلة فريدة للعمليات الإيكولوجية والبيولوجية الهامة المؤثرة فى تطور النظم البيئية الأرضية ونظم المياه العذبة والنظم الإيكولوجية الساحلية والبحرية والجماعات النباتية والحيوانية.
(١٠): أن يشتمل على أهم المواطن الطبيعية وأكثرها دلالة لصون التنوع البيولوجى فى عين الموقع، بما فى ذلك المواطن التى تحتوى على أجناس مهددة ذات قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم أو المحافظة على الثروات.