السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مشروع قومى لتربية الحمير فى مصر

مشروع قومى لتربية الحمير فى مصر
مشروع قومى لتربية الحمير فى مصر




عيسى جاد الكريم يكتب:

لا تستغربوا عنوان المقال أو تستهجنوه، فليس العنوان به أى إسقاط سياسى، مقصود بأن هناك تبنى لحالة الاستحمار، سواء ممن يقدمون خدمات للناس ويعطلون مصالحهم فى كافة المؤسسات على جميع المستويات، أو من غيرهم، أمثال مَن نلتقيهم فى أماكن مختلفة، وهم يتعاملون بجفاء وقلة ذوق فى أبسط المواقف الحياتية، أو ممن يخرجون علينا بتصريحات تحدث ضجيجًا بلا طحين يوجع النفس والقلب.
وليس الهدف من المقال الاستخفاف أو السخرية من الحمير أو من المشروعات القومية، ولكنى بالفعل أدعوا لتبنى مشروع قومى لتربية الحمير فى مصر، وذلك بإنشاء مزارع كبيرة للحمير فى الأراضى الصحراوية الجديدة، بمشاركة الشباب أو القطاع الخاص، أو بقيام الحكومة بتنفيذها من خلال شركاتها بالتعاون مع وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية.
والغرض من إنشاء هذه المزارع هو رعاية الحمير، والعمل على زيادة أعدادها للاستفادة من جلودها وتصديرها للخارج، والاستفادة من لحومها فى الداخل، وليست الاستفادة هى بإطعام المصريون لحومها لا سمح الله، فقد أكلها المصريين مرغمين فى أرغفة الحواوشى والكفتة، حتى اكتفوا، وعدد القضايا المضبوطة لجزارين ومطاعم ذبحت لحوم الحمير بطرق غير مشروعة خلال العشر سنوات الأخيرة خير دليل.
ولكن ما نقصده بالاستفادة من لحوم الحمير هو إدخالها ضمن سلسلة غذائية أخرى بتغذية التماسيح والثعالب مثلا، حيث يمكن إنشاء مزارع للتماسيح والثعالب، وإطعامها لحوم الحمير للاستفادة منها هى الأخرى فى إنتاج جلود التماسيح، وهى من أغلى الجلود فى العالم، فسعر جلد التمساح يزيد على 4 آلاف دولار، بما يوازى 72 ألف جنيه للتمساح الواحد، وقد تزيد القيمة بتصنيعه.
كذلك الثعالب التى يمكن الاستفادة من فرائها، فهو من أغلى أنواع الفراء فى العالم، وسعر فراء الثعلب حدث ولا حرج، يصل الواحد منه لأكثر من 50 ألف جنيه.
وما يؤكد أهمية الحمار المصرى أنه مطلوب عالميا، فى الصين واليابان لاستغلال جلوده فى تصنيع المنشطات الجنسية، وأدوية التجميل للبشرة، وكذلك فى تصنيع الحلويات والتورت لاحتوائه على مادة الكولاجين، فقد تقدمت شركة «كوماهو» اليابانية لصناعة الأدوية بطلب للحكومة المصرية لشراء 700 ألف حمار مصرى، بعد أن أجرت بحوثا مكثفة على أنواع مختلفة من الحمير فى العالم، منها الهندى والتايلاندى والأمريكى والفيتنامى والأفغانى.  فتبين للشركة أن جلد الحمار المصرى غنى بمعظم المواد التى تبحث عنها الشركة، وذلك بفضل سماكة جلده.
صفقة شراء الحمير المصرية يمكنها أن تدر المليارات، حيث عرضت الشركة شراء الحمار الواحد بسعر يتراوح ما بين 500 إلى 700 دولار.
 وعلى ما يبدو أن الحكومة تخشى على انقراض الحمار المصرى، الذى يتميز بالصبر وتحمله للأمراض وقدرته على تحمل أصعب الظروف المناخية، رفضت الحكومة الإجابة على طلب الشركة لأنه طبقا للإحصاءات الرسمية لا يوجد فى مصر سوى مليون ونصف المليون حمار فقط، على الرغم من أن البعض يرجح أن يكون عدد الحمير فى مصر ثلاثة أضعاف هذا الرقم، ونتيجة ذلك بدأت وزارة الزراعة تنفيذ مشروع لعمل سجل وإحصاء بعدد الحمير فى مصر.
التنافس بين الشركات العالمية على الحمار المصرى على أشده، فقد دخلت شركات الصين التى صدرت لنا «التوك توك» فى المنافسة، حيث طالبت بالسماح لها باستيراد الحمار المصرى بأعلى الأسعار!
ولمن لا يعرفون، الحمار المصرى أو شكله، فهو يشبه بشكله العام الحصان لكنه أصغر حجماً وأقرب إلى البغل، له رأس كبير وذيل قصير ينتهى بخصلة شعر، حوافره صغيرة وأذناه طويلتان وتسمى أنثى الحمار أتانا وصغيرها جحشاً. كما تختلف الحمير بأحجامها، من متر إلى مترين فى الطول، ويستمر حمل «الأتان» لمدة 11 شهرا.
وأنثى الحمار المصرية جاهزة للتزاوج طوال شهور السنة وبعد والدتها بشهر وتحمل الأتان بجحش واحد، بعكس حيوانات أخرى كالخراف أو الماعز يمكن أن تلد أكثر من حيوان، وعمر الحمار المصرى يصل إلى 40 سنة ويستطيع أن يحمل ما يصل إلى 40% من وزنه.
يمكن للحميّر الصغيرة أكل غذاء الكبار (عشب وحبوب) خلال شهر أو 4 شهور من الرضاعة، يمكنه الاستعاضة عن حليب والدته. يفضل أن يكمل الجحش تسعة أشهر حتى يتم فطمه، ولا يعتبر الجحش الصغير بالغا إلا بعد 4 أعوام، وألبان الحمير لها فائدة غذائية كبيرة، حيث أثبتت الدراسات أنها أقرب الألبان إلى لبن الأم الطبيعي.
وقد استغربت الأمر بعد أن قرأت الدراسة، وعدت بالزمن لعشرين عامًا مضى فى قريتنا، عندما كان الناس دائما يبحثون عن الحمير المرضعة ليجلبوا منها اللبن ليطعموا منها الأطفال الرضع، وخاصة الذين يعانون من نزلات شعبية أو ضعف فى المناعة.
فيمكن للمشروع القومى لتربية الحمير أن يساهم فى توفير النقص فى ألبان الأطفال، الذى يعانى منه الأطفال فى مصر، ويجعلنا نستغنى عن استيرادها، كما أن مزارع الحمير ستمكننا من إنتاج الجبن والذى يصل الكيلو الواحد منها 14 ألف جنيه.
كما أن رعاية الدولة لمشروع تربية الحمير سيقلل من مخاطر غزو لحومها السوق، فالحمير ستكون تحت الملاحظة المستمرة بفضل الأرقام التى ستعطى لها.
وعلى الرغم ما يقال عن لحوم الحمير، ما بين الحلّ والحرمانية، فهناك فتاوى بتحريمها والسماح به لو الإنسان كان مضطرا مع الكراهية.
ويقول ابن القيم: «كل من ألف ضربا من ضروب الحيوانات اكتسب من طبعه وخلقه فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى، فإذا اعتاد الشخص أكل لحوم الحمير يكتسب طباعها».
واكتشاف لحوم الحمير سهل سواء بلونها الأزرق والأحمر الباهت، أو عند سلقها، واكتشاف وجود بقع صفراء على السطح فذلك أكبر دليل على أنها لحم حمير، كما أن ملمس اللحم بعد السلق يكون خشن وطعمه حلو لأن لحوم الحمير تحتوى على ﻣﺎﺩﺓ الكولاجين.
وإذا أكلت لحوم الحمير ولم تكتشفها عند الشراء أو الطهى، فيمكن اكتشافها بعد الطهي، فطبقا لباحثين، انظر أسفل لسانك فى المرآة، إذا رأيت لعاب لزج لونه مائل للحمرة، قم بتحسس منطقة خلف الأذن، إذا وجدت حبوب صغيرة أو شعرت أن نبرة صوتك مرتفعة أكثر من اللازم فذلك معناه أنك أكلت لحم حمير.
وقانا الله وإياكم منها، وأعان مصر على إقامة مشروع قومى لتربيتها لوقايتنا من لحومها.