الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فرنسا حائرة بين «التيار الوسطى» و«اليمينى المتطرف»

فرنسا حائرة بين «التيار الوسطى» و«اليمينى المتطرف»
فرنسا حائرة بين «التيار الوسطى» و«اليمينى المتطرف»




باريس – وكالات الأنباء

 

بعد حملة انتخابية صاخبة حفلت بالفضائح والمفاجآت بدأ الناخبون الفرنسيون أمس التصويت للاختيار بين إيمانويل ماكرون المرشح الوسطى المؤيد للاتحاد الأوروبى ومارين لوبان المرشحة اليمينية المتطرفة المعادية للتكتل والمناهضة للهجرة لرئاسة بلادهم خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفتح نحو 67 ألف مركز اقتراع أبوابه أمام الناخبين، وقام مرشح حركة «إلى الأمام» المحسوبة على تيار الوسط الفرنسى وزوجته بريجيت تورينو بصوتيهما فى الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية فى لجنتهما بمنطقة توكيه بإقليم با دو كاليه.
وكان  المرشح الاشتراكى الخاسر فى الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية بنوا هامون قد أدلى بصوته فى مدينة تراب، فى إقليم ايفيلين، مؤكدا محاربته بكل قوة ممكنة للجبهة الوطنية، وذلك عن طريق التصويت للمرشح المستقل إيمانويل ماكرون، حتى وإن لم يدعم اليسار.
وتشير استطلاعات الرأى إلى أن الفرنسيين سيختارون ماكرون وزير الاقتصاد السابق البالغ من العمر 39 عاما الذى يريد رأب الصدع بين اليمين واليسار ومقاومة المد الانعزالى الذى شهد تصويت البريطانيين لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبى واختيار الأمريكيين دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
لكن إذا حدثت نتيجة غير متوقعة وفازت مارين لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية فإن مستقبل الاتحاد الأوروبى قد يصبح على المحك.
فى السياق ذاته، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن كل الاحتمالات ممكنة فى عالم السياسة الغربية الذى يتقلب حاليا، خصوصا بعد فوز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر الماضى.
وتقول الصحيفة إنه بالنسبة للشعبويين التابعين للتيار اليمين المتطرف، فإن الانتخابات الفرنسية، فى بلد يعانى من نسبة بطالة عالية وهجمات إرهابية متكررة، هى الفرصة التى يريد الشعبويون انتهازها لإعادة تشكيل النظام العالمى من خلال نظرتهم الشعبوية المتطرفة التى تعتمد على الانتقائية والمنع.
على الجانب الآخر، يرى المعتدلون أن فوز الشعبويين سيعد الضربة الثالثة بعد فوز ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى- ما يعنى تفكيك الاتحاد الأوروبي، الذى هو أحد الأساسات الرئيسية لحلف شمال الأطلسى الناتو والتحالفات الاقتصادية عبر المحيط الأطلسي.
لكن بالنسبة لملايين الناخبين الفرنسيين، الذين يقومون بالتصوين، فإن المؤشرات تشير إلى أن موجة الشعبوية الفرنسية من المرجح أن تتجاوز الحدود الفرنسية.
وفى حملة انتخابية شهدت سقوط المتصدرين واحدا تلو الآخر جعلت لوبان، التى تريد إغلاق الحدود والتخلى عن عملة اليورو وكبح الهجرة، اليمين المتطرف أقرب إلى السلطة من أى وقت مضى فى أوروبا الغربية.
وحتى لو ثبتت دقة استطلاعات الرأى وانتخبت فرنسا أصغر رئيس سنا بدلا من انتخاب أول امرأة للرئاسة فإن ماكرون نفسه لا يتوقع شهر عسل.
قد يكون عزوف الناخبين عن التصويت مرتفعا ويقول نحو 60% ممن يعتزمون التصويت لماكرون إنهم سيفعلون ذلك لمنع انتخاب لوبان لقيادة ثانى أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو بدلا من كونهم يتفقون تماما على المصرفى السابق الذى تحول إلى السياسة.
على أى حال لن تضع انتخابات الأحد نهاية للمعركة بين التيار الرئيسى والسياسات الأكثر تطرفا فى فرنسا مع إجراء الانتخابات البرلمانية التى تحظى بنفس الأهمية الشهر المقبل.
فبمجرد انتهاء انتخابات الرئاسة سينصرف الاهتمام على الفور إلى ما إذا كان الفائز قادرا على اقتناص أغلبية برلمانية. وأظهر أول استطلاع رأى للانتخابات البرلمانية نشر هذا الأسبوع أن بوسع ماكرون اقتناص تلك الأغلبية.
وسيعتمد الأمر كثيرا أيضا على نسبة التصويت التى سيحصل عليها ماكرون ولوبان، وقالت ماريون مارشال لوبان ابنة شقيق لوبان لصحيفة «لوبينيون» إن نتيجة 40% ستكون بالفعل «انتصارا هائلا» للجبهة الوطنية.
وسيشكل الفائز فصلا جديدا فى السياسة الفرنسية بعد أن حكم الحزبان اليسارى واليمينى الرئيسيان، وهما الحزب الاشتراكى وحزب الجمهوريين، فرنسا لعقود. ومنى الحزبان بهزيمة مهينة فى الجولة الأولى من الانتخابات.
وتعرضت الحملة الانتخابية لمفاجأة أخرى يوم الجمعة قبيل فترة الصمت الانتخابى مباشرة التى يحظر فيها على الساسة التعليق إذ قالت حملة ماكرون إنها تعرضت لعملية اختراق إلكترونى ضخمة شملت رسائل إلكترونية ومعلومات عن تمويل الحملة على الإنترنت.
ومن الجدير بالذكر أن فرنسا أحدث دولة تلقى مزاعم بشأن إساءة استخدام الانترنت بظلالها على الانتخابات فيها، بعد أن قالت وكالات مخابرات أمريكية فى يناير الماضى إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمر باختراق مواقع مرتبطة بمرشحة الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلارى كلينتون للتأثير على النتيجة لصالح مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب.
ونفى الكرملين أنه وراء مثل هذه الهجمات الإلكترونية غير أن معسكر ماكرون جدد شكواه من وسائل الإعلام الروسية وجماعة للتسلل تنشط فى أوكرانيا.
ميدانيا، تم نشر ما يقرب من 50 ألف شرطى لتأمين الانتخابات على مستوى فرنسا بأكملها، من بينهم 12 ألف ضابط شرطة وجندى تم حشدهم فى منطقة باريس فقط، و5 آلاف تم تخصيصهم لتأمين عملية الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية وضمان النظام العام.
والأمن مصدر قلق رئيسى فى أعقاب سلسلة من هجمات المتشددين فى باريس ونيس وغيرها فى السنوات القليلة الماضية والتى أسفرت عن مقتل ما يزيد على 230 شخصا فى العامين ونصف العام الماضيين.
وبالإضافة إلى ذلك، تم وضع أجهزة الحماية بالفيديو لمراقبة التصويت فى الانتخابات، وفيما يتعلق بمراكز الاقتراع، فقد تم تأمينها ومراقبتها من قبل ضباط الشرطة والجنود القادرين على التدخل سريعًا فى أى مكان فى باريس، وأوضحت شرطة باريس أنه من أجل تجنب مثيرى الشغب المحتملين، سيقوم قائد الشرطة بإصدار أوامر ترحيل بحق هؤلاء الأشخاص.