الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أحمد عبد المعطى حجازى: منعت من العمل بالتدريس بعد رفض أجهزة الأمن فغيرت وجهتى للصحافة

أحمد عبد المعطى حجازى: منعت من العمل بالتدريس بعد رفض أجهزة الأمن فغيرت وجهتى للصحافة
أحمد عبد المعطى حجازى: منعت من العمل بالتدريس بعد رفض أجهزة الأمن فغيرت وجهتى للصحافة




حوار- مروة مظلوم

الشعر ديوان العرب.. سجلهم الخالد.. يروى عاداتهم وتقاليدهم ومكارم أخلاقهم ويحكى عنها ويحملها ويرسخها.. وعاء اللغة يحفظها.. ما بين الرثاء والهجاء والمدح والغزل والاعتذار والفخر تنوعت الأبيات وتعددت أغراضها ما بين عمودى وحر تنوعت المدارس وتعددت فلسفتها.. لصاحبه شغف فهو رائع كالحب، قاس كالموت لا مفر منه إلا إليه.. قدر رائع عميق وممتع كلما نادته القصيدة لبى نداءها وزنًا وقافيًا ومدونًا اسمه فى ديوان العرب «أحمد عبد المعطى حجازى أحد أبرز شعراء العصر الحديث.. يقلب فى صفحات ديوانه الخاص لروزاليوسف.

■ هل نشأتك فى المنوفية حددت لك مسارًا مغايرًا للشعر؟
- ولدت فى الريف المصرى فى مدينة «تلا» وهى تتبع أحد مراكز محافظة المنوفية -التى كان السادات ينتمى لإحدى قراها، وحسبما ذكرت لى أمى فى 5 يونيو 1935، ولكن يبدو أن توثيق تاريخ ميلادى جاء متأخرًا فسجل فى 14 يونيو، أى بعد التاريخ الصحيح بما يقرب من 9 أيام، وفى وسط عائلى ريفى مناسب استطعت أن أتلقى الدراسة المتاحة فى ذلك الوقت فالتحقت بالكتاب وحفظت القرآن فى التاسعة من عمرى ثم تلميذًا فى المدرسة الابتدائية، وبعد ذلك انتقلت إلى شبين الكوم لالتحق بمدرسة المعلمين وتخرجت منها عام 1955، وكان المفروض أن أشتغل بالتدريس ولكنى تعرضت إلى الاعتقال فى عام 1954 بسبب قيادتى لمظاهرة، وبقيت بالمعتقل نحو شهر حتى أطلق سراحى بعد أن تعهد والدى بألا أشتغل فى السياسة، وبعد تخرجى فى العام التالى عام 1955 وعلى الرغم من تفوقى فى دراستى فقد كنت الأول على مدرسة المعلمين والخامس على القطر المصرى، إلا أن الحكومة فى ذلك الوقت منعتنى من العمل بالتدريس إذ رفضت أجهزة الأمن عملى بالتدريس لهذا قدمت لى معروفًا وخدمة لن أنساها فى حياتى لأنى اضطررت بسبب هذا للبحث عن عمل فى مجال آخر وبحثت عنه فى القاهرة عام 1955.
■ ثورة يوليو أنجبت شعراء مثل حجازى وعبد الصبور ما رأيك؟
- الذى أنجب هذه الأسماء هى مصر وليس ثورة يوليه، على العكس ثورة يوليه كانت نتيجة للتطورات والأحداث التى أنجبتنا، فهى كانت نتيجة لما حدث فى الثلاثينيات والأربعينيات، نضال المصريين من أجل الاستقلال والدستور هو الذى أعطى الفرصة لضباط يوليو لكى يستولوا على السلطة، لكن ضباط يوليو الذين جاءوا لكى يصححوا ما وقع فيه السياسيون قبلهم من أخطاء.. فى حقيقة الأمر جاءوا ليحرموا المصريين من كل ما حققوه من قبل وخصوصًا أنهم أوقفوا العمل بالدستور ومنعوا الاشتغال بالسياسة وحلوا الأحزاب وطاردوا المثقفين الذين عارضوهم وزجوا بهم فى السجون والمعتقلات، فمعظم الكتاب والشعراء والفنانين الذين اشتغلوا فى روزاليوسف زج بهم فى السجون وعلى رأسهم إحسان عبدالقدوس.
■ ما السر وراء اعتقالات 1954 التى طالت معظم الكتاب والمفكرين فى مصر؟
- فى هذا العام حدث الصدام العنيف بين الأحزاب السياسية والضباط الأحرار فى مارس حيث كان من المفروض أعمال الدستور الجديد وإطلاق الحريات لتشكيل الأحزاب وممارسة النشاط السياسى وهذا كله منعته الحكومة فى ذلك الوقت فوقع الصدام وبالتالى قبض على المعارضين واعتقلوا لسنوات طويلة منهم محمود أمين العالم اعتقل 5 سنوات واحسان عبد القدوس وحسن فؤاد اعتقل 5 سنوات وصلاح حافظ 5 سنوات وأحمد الخميسى ومن قبله والده عبدالرحمن الخميسى وهكذا..
■ ما أزهى عصور الشعر حرية؟
- هى المراحل التى تحققت فيها الحريات والتى احترمت فيها حقوق الإنسان بالذات حرية التفكير والتعبير وهذا كان يحدث فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين أكثر مما أصبح يحدث بعد ذلك، على سبيل المثال قصة المفكر المصرى إسماعيل الأدهم كتب رسالة «لماذا أنا ملحد؟» انتحر غرقًا فى تلك الفترة حتى فكرة الإلحاد كان فيها شد وجذب أى أنه كان هناك حرية فى عرض الأفكار بغض النظر عن نوعيتها واتفاقها مع المجتمع أم لا.
■ ماذا كانت قصيدتك الأولى ونشرك الأول؟
- نشرت لى القصيدة الأولى بعنوان «بكاء الأبد» فى مجلة اسمها «الرسالة الجديدة» التى أصدرها «يوسف السباعي» خلفًا لمجلة «الرسالة « التى كان يصدرها الكاتب الكبير «أحمد حسن الزيات» والتى كانت تصدر فى الثلاثينيات والأربعينيات وظلت تصدر حتى الخمسينات لكن التطورات التى وقعت عام 1954 من سحب وزارة المعارف اشتراكها السنوى للمجلة فى عدد من النسخ تحصل عليها وتوزعها على مكتبات المدارس، فكانت النتيجة أن المجلة لم تستطع تواصل إصدارها واحتجبت لفترة وجدها يوسف السباعى فرصة لكى يصدر مجلته «الرسالة الجديدة»، فى ذلك الوقت كنت بدأت كتابة أشعارى فى أوائل الخمسينات وأنا فى الخامسة عشر من عمرى وفى سن الثامنة عشر كتبت قصيدتى «بكاء للأبد» عام 1953 ولم أرسلها لكن أحد أبناء بلدنا «تلا» من المستنيرين المهتمين بالأدب ويعيش فى القاهرة اطلع على القصائد الأولى التى نظمتها فى تلك الفترة فأخذ منها عددًا من القصائد وأعطاها لمجلة الرسالة فنشروا هذه القصيدة التى لاقت قبولًا وترحيبًا وتلتها قصيدتان فكانت تلك القصيدة فاتحة الخير بأبواب العمل إلى القاهرة.
■ حدثنا عن بداية عملك بالصحافة؟
- منذ أن وطأت قدمى القاهرة كان فى ذهنى أن أبحث عن عمل فى الصحافة وترددت بالفعل على بعض المنتديات الأدبية وتعرفت على النقاد وقدمنى بعضهم إلى الآخر حتى وصلت إلى روزاليوسف، فى ذلك الوقت كانت روزاليوسف قررت أن تصدر إصدارها الثانى وهو مجلة صباح الخير التى صدرت فى أول عام 1956 ورأس تحريرها الأستاذ أحمد بهاء الدين، تقدمت لمجلة صباح الخير فى أواسط السنة شهر يوليو 1956 وقُبِلت بالترحاب وعملت بها كمصحح ما يقرب من شهرين إلى جانب ما أنشره بها من قصائد، وفى أكتوبر1956 أصبحت محررًا بمجلة صباح الخير واستمر عملى بها حتى أبريل 1959، إذ دُعيت إلى دمشق للمشاركة فى إحياء ذكرى «عدنان المالكي»، وهو أحد قادة الجيش السورى كان له علاقة قوية بمصر وتعرض للاغتيال وكان السوريون يحتفلون بذكرى رحيله بدعوة أحد الشعراء الكبار لإحياء ذكراه ومن بينهم أكبر شاعر عراقى اسمه «محمد نهدى الجواهرى»، وكان هناك آخرون من ضمنهم الشاعر السورى «سليمان العيسى» وقدموا لى الدعوة للمشاركة، وكانت مصر فى العام السابق دخلت فى وحدتها مع سوريا ونشأت الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، وعرضوا على العمل فى أحد أهم الصحف السورية «صحيفة الجماهير» وقبلت العمل وبقيت فى سوريا من أبريل 1959 حتى سبتمبر من نفس العام ثم عدت ثانية إلى روزاليوسف التى استقبلتنى بالأحضان.
■ كيف كان العمل مع المبدعين فى روزاليوسف من أمثال محمد أمين العالم وصلاح عبد الصبور وصلاح جاهين؟
- روزاليوسف كما عرفتها وقت عملى بها كانت تحتل بيتًا صغيرًا فى شارع حسين حجازى الموازى لمجلس النواب، لم تكن فى ذلك البيت العديد من القاعات لذلك كنا نحتل أنا وصلاح جاهين وصلاح عبد الصبور قاعة واحدة تضم ثلاثة مكاتب متجاورين ومعنا «كامل زهيري»، إلى جانب حجرة مكتب إحسان عبد القدوس وحجرة مكتب السيدة «روزاليوسف»، أما أحمد بهاء الدين استطاعوا بالكاد أن يجدوا له مكانا ليصنعوا له مكتبًا مغلقًا، فضلًا عن مكتب أبوالعينين مخرج المجلة «روزاليوسف» ومكتب لحسن فؤاد مخرج مجلة «صباح الخير»، كنا بالفعل المعنى الحرفى لمصطلح «أسرة التحرير» أحاديثنا وجباتنا انتقالاتنا تكامل كل منا بالآخر بيننا الكاتب والشاعر والرسام نبدأ عملنا فى العاشرة صباحا ونستمر فى العمل حتى موعد الغداء فإما نتناول الساندوتشات فى المجلة أو نذهب جماعة إلى نقطة تجمعنا المسائى مقهى «ريش» فى شارع طلعت حرب.
■ لجيلك نظرة ثائرة على شكل القصيدة المعروف فى ذلك الوقت ما تسبب فى أزمة مع عمالقة اللغة.. حدثنا عن ذلك؟
- المشكلة بدأت فى الخمسينيات مع الأستاذ عباس محمود العقاد.. فالشعر العربى له شكل موروث تقليدى نجده واضحًا فيما كتب أحمد شوقى وحافظ إبراهيم حتى ظهرنا على الساحة أنا وصلاح عبد الصبور وعبدالرحمن الشرقاوى وفاروق شوشة وأمل دنقل.. هذ الجيل خرج عن شكل القصيدة المعتاد سعى إلى «التجديد» ولأن الشعر فن قديم وصعب الناس تجدد فيه عن شكله الأصلى كان الصدام.. فما أقدمناه من قصائد شعرية لفت أنظار الناس من الأجيال الجديدة واستساغوه وأصبح له قراءة المهتمين، أما الأجيال القديمة مثل العقاد وأبناء جيله اتخذوا موقفًا رافضًا لهذا الشكل وولد صراع وصل بى إلى أن كتبت قصيدة هجاء فى العقاد ونشرت فى الأهرام.
■ موقف جيل المتشددين من التجديد فى شكل القصيدة لم يختلف كثيرًا عن موقفكم من شكل القصيدة النثرية للجيل الحالى وهجومكم عليه رغم كونه رفع شعار التجديد هو الآخر.. ماتعليقك؟
- عندما يرتدى الإنسان ما يلائمه ويلائم مجتمعه من ملابس تستره نقرة وأن يسير عاريًا فى الطريق نقرة أخرى، هذا هو الفارق بين خلافنا مع العقاد وخلافنا مع الجيل الحالى، عندما أراد جيلى أن يرتدى البنطلون فى عهد العقاد كان هو يرى أن الجلباب هو الأنسب، بينما الجيل الحالى تمرد على الملابس أصلا، الشعر لا يكون شعرًا إلا إذا كان موزوناً «موسيقى اللغة»، إذا عزلنا عنه الموسيقى تحول إلى نثر وهناك فن بهذا الاسم «نثر» لا يجوز الخلط بين النثر والشعر فى المعنى، ولا تجوز المقارنة بين موقفنا مع العقاد موقف الأجيال الجديدة هناك اختلاف.. فى النهاية الأجيال الجديدة إذا فضلوا الخروج عن أصول الكتابة الشعرية «هم أحرار» فهم ينشرون ويجدون من يقرأ لهم، لكن أنا أرفض الخروج على شرط الوزن لأن التخلى عنه فى نظرى لا يكون شعرًا أو نصف شعر، ما يجعل الشعر شعرًا الوزن والتقفية والتصوير، الشعر لغة «تصويرية» مجازية وليس لغة منطقية ولا لغة تقريرية، كما يكتب فى الصحف والكتب.
■ حمدت الله على عدم اشتغالك بالتعليم.. فما رأيك فى التعليم فى مصر بين ثورتين؟
- التعليم الآن للأسف الشديد منحط ونحصد نتائجه الآن، التعليم لا يعد المصريين ليكونوا مواطنين لا يعلمهم لغتهم القومية ولا يعلمنا التاريخ الوطنى حين نستمع إلى المداخلات التى تقدم فى المؤسسات الرسمية بدون ذكر أسماء سوف نجد أنها تدل على أن هؤلاء ممن يتحدثون العربية لا يعرفونها ويقعون فى أخطاء شنيعة، كما ذكرت فى مقالى الأخير أن لغتهم تثير الشعور بالغثيان.
كذلك الحال لو سألت أى طالب فى المدرسة الثانوية عن معلومات بسيطة فى التاريخ الذى يدرسه لن يجيب إلا بما يحفظه لضرورة الامتحان، التاريخ لكى نتعلمه لا بد أن ننفعل به حتى لا ننساه، ولا يصح أن يكون الدرس تلقينًا وإنما يجب أن يكون بحثًا، أنا لو مدرس تاريخ لطلبت من تلاميذى أن يعدوا لى بحثًا من المكتبة فى مواضيع يدرسونها، فضلًا عن أن هناك عصورًا كاملة لا يُلتفت إليها ربما تهتم البرامج والمناهج الدراسية بالتاريخ المصرى القديم لكن دون أن تقف عنده كثيرًا هو بالنسبة لهم تاريخ الملوك والمعارك والأسرات لكن ما الذى صنعه المصريون القدماء ليؤسسوا هذه الحضارة ما الذى صنعوه لا أظن أحدًا يهتم بمعرفة هذا.. على سبيل المثال ارتبط اسم اخناتون بالتوحيد فهل قرأ أحد أناشيد اخناتون فى التوحيد، لا تضمها المناهج الدراسية وبالتالى فالناس يجهلونها، دعوته للتوحيد أدت به إلى تغيير العاصمة وأنشأ مدينة ودخل فى صراع مع كهنة «رع»، ندرس المناهج المختلفة بصورة لا تسمح للمصريين باكتشاف أنفسهم فإذا كنا لانعرف حضارتنا بالتالى ليس لدينا الشجاعة للحديث عن الحضارات الأخرى الأشورية الفينيقية البابلية.
■ هل يعنى هذا أن التعليم ما بعد ثورة يوليو كان أفضل من التعليم فى وقتنا الراهن؟
- لا.. مستوى التعليم بعد ثورة يوليو تراجع وانحط، كان قبلها فى مستوى أعلى كثيرًا مثال على ذلك عباس محمود العقاد، هذا الرجل العظيم العبقرى يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه دون أن يتجاوز تعليمه المرحلة الابتدائية، هذا لا يعنى أن محصلته الثقافية كان مصدرها مدرسته الابتدائية لكن تعليمه بها أهله للمواصلة والبحث والقراءة «أن يعمل على نفسه»، أن يكون أستاذا لنفسه يثقلها بما لم يحصل عليه من المدرسة لكن أساس بنى عليه العقاد ثقافته هو ما تلقاه فى مدرسته الابتدائية آنذاك. أما الآن فمن المؤكد أن هناك أساتذة الأدب العربى فى الجامعات المصرية لا يعرفون اللغة العربية كما كان يعرفها العقاد وحتى لا يعرفونها كما يجب أن يعرفها المواطن العادي.. المواطن العادى يجب أن يعرف اللغة معرفة جيدة حتى لا يقع فى أخطاء شنيعة، عندما نجد فى الطرق لافتات على سبيل المثال كتب عليها المتجه إلى.. الهاء تعلوها نقطتان فهذا يعنى أن الحكومة أمية، أربعين جنيها والهاء تعلوها النقطتان ومئة لا يعرفون إذا كانت بالأف أم بدونها، المحصلة أن الحكومة تنفق مليارات على تعليم اللغة ثم تأتى الحكومة نفسها وتعلمنا الجهل بأبشع صوره.
بالنسبة للمواد التى تهيئ لمصريين ليكونوا مواطنين صالحين إذا كانوا لا يعرفون اللغة ولا التاريخ كيف هو حالهم مع العلوم، الطالب لا يُحصل شيئًا داخل الفصل فيضطر للدروس الخصوصية وبعدها أيضا لا يُحصل شيئًا ويضطر للغش والغش يصبح وباء فى البلد.
■ عبارة «تجديد الخطاب الدينى» أصبحت مضغة وسائل الإعلام لكن لا توجد خطوة فعلية فى هذا الاتجاه.. فما رأيك؟
- لأننا نطالب المؤسسة التى ترعى الخطاب الحالى بتجديد الخطاب الحالى، مؤسسة الأزهر وهى قائمة على أساس الحفاظ على الخطاب الدينى الذى نريد أن نجدده بينما نحن نستطيع أن نجدده بأنفسنا على سبيل المثال الرئيس السيسى طلب من شيخ الأزهر أن يعيد علماء الأزهر النظر فى الطلاق، لأن المصريين يحلفون بالطلاق كل ثانية، وقوع أيمانهم يعنى خراب الدار، هو ما كان يصلح لدى البدو فى الماضى لأنه لم يكن هناك توثيق، لم يكن هناك كتابة فالحضارة العربية الإسلامية بدأت حضارة شفوية، الآن ونحن فى القرن الحادى والعشرين مطلوب من المصريين يعقلوا ويفكروا قبل التلفظ بأيمانهم وأن يرتبط لفظهم الشفوى بالتوثيق فكلمة واحدة يمكن أن تشرد أسرة مكونة من 7 أو 8 أفراد، فيجتمع شيخ الأزهر وعلماؤه ويرفضون هذا، فى تلك الحالة دورى كحكومة إصدار قانون بمنع الطلاق الشفوى وهو ليس ضد الإسلام وهى مسائل يجوز فيها الاجتهاد نحن دولة وطنية ولسنا دولة دينية، من حق الحكومة أن توثق الطلاق كما توثق الزواج.. يجب أن نترك التفكير بالدين لمن شاء، الإسلام ليس فيه سلطة دينية، المسيحية بها سلطة دينية المسيحى لايستطيع أن يكون مسيحيًا إلا من خلال الكنيسة أما المسلم يستطيع أن يكون مسلمًا بدون سلطة ولا يستطيع أحد أن يفتش فى ضميرى ومن يفعل فهو نصاب وكذاب وإرهابي..
■ إذن أنت تنصح بالتجديد خارج الأزهر؟
- لا أنصح بالتجديد خارج الأزهر ولكن ما أقوله بدقة أن هناك مسائل نستطيع القيام بها كدولة دون انتظار لأمر أو لفتوى المؤسسة الدينية لأنه فى الأصل المؤسسة الدينية لا وجود لها كسلطة، بالطبع أستطيع أن أستشير عالم الدين لكن فى النهاية استفتى قلبى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «استفت قلبك وإن أفتوك»
■ اعتزلت الشعر عشرين عامًا وعدت من جديد.. لماذا؟
- لم أعتزل الشعر كنت دائما أنظم قصائدى لكن لم أصدر ديوانًا خلال عشرين عامًا لأننى كنت أنظم على فترات متباعدة بين ديوان «أشجار الأسمنت» عام 1989 وآخر ديوان لى «طلل الوقت» الصادر فى 2011.. عشرين عامًا كتبت القصص التى جمعت فى «طلل الوقت» إذا أنا لم اعتزل الشعر ولكن نظمى أصبح أقل فى معدلاته مما سبق، والسبب الرئيسى فى هذا هو اشتغالى بالكتابة الصحفية المرحلة السابقة كان هناك عملى فى روزاليوسف وكانت تترك لنا حرية الكتابة أن نكتب أولا نكتب وما تطالبنا به فقط عندما نكتب قصيدة تنشر فى روزاليوسف، والمحطة التالية لها كانت سفرى إلى فرنسا ومكثت هناك ما يقرب من 17 عامًا اشتغلت خلالها بالتدريس، وكان لدى وقت كاف لكى أنظم الشعر ونشرت ديوانين فى فرنسا» أشجار الأسمنت» و« مرثية الزمن الجميل»، المرحلة الأخيرة التى انشغلت فيها بالكتابة إذ وجدت من واجبى أن أتعرض إلى المسائل والقضايا الخطيرة التى تعرضت لها مصر منذ 40 عامًا مرت إلى الآن، خصوصًا استفحال خطر الجماعات الإرهابية وما ترتب على ذلك الفتن الطائفية من جرائم الاغتيال وما يحدث ضد الكتاب والمثقفين إلخ.. حصاد تلك الفترة كان لا بد من رصده والتصدى لخطره وحتى آخر مقال لى أكتب عن التعليم وقصوره وتراجعه وانحطاطه الذى يترتب عليه مانحن فيه الآن لأننا عندما نعلم التلاميذ بمناهج على هذا النحو لا بد أن يكونوا متطرفين نحن نفصل بين المسيحيين والمسلمين ونحن نفرض أحيانا على المسيحيين نصوصًا إسلامية لا علاقة لهم بها، وهكذا كل هذا يؤدى إلى زعزعة الاستقرار وشق صفوف المصريين، فى الوقت الذى يجب أن يتضامنوا فيه ويتحدوا باعتبارهم جماعة وطنية وأمة واحدة بصرف النظر عن الديانات والمذاهب التى يمكن أن نختلف حولها فالدين اختيار شخصى.