الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مطالب بعدم سن أى قوانين جديدة للتخصيم ومراجعة آليات عمل الشركات خلال الفترة الماضية

مطالب بعدم سن أى قوانين جديدة للتخصيم ومراجعة آليات عمل الشركات خلال الفترة الماضية
مطالب بعدم سن أى قوانين جديدة للتخصيم ومراجعة آليات عمل الشركات خلال الفترة الماضية




حذر المركز الدولى للدراسات والأبحاث فى دراسة اقتصادية حديثة من عواقب توسع الحكومة والبرلمان فى منح تسهيلات تشريعية جديدة لشركات التخصيم، والتى تبيع فيها الشركة ديونها المستحقة (فاتورة) لطرف ثالث بسعر مخفض فى مقابل الحصول على أموال فورية لتقوم بأعمالها، ويأتى هذا لتوسيع «الشمول المالى» غير المدروس والذى قد يضر بالاقتصاد المصرى أكثر مما يفيد خاصة أن معظم شركات التخصيم الموجودة حالياً مملوكة لشركات وبنوك أجنبية.
وأكدت الدراسة والمكونة من 25 ورقة أعدها الباحثون بالمركز أن الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت عن طرح مشروع قانون جديد للتأجير التمويلى والتخصيم، والذى يتضمن استحداث التأجير التمويلى متناهى الصغر وذلك بعد مرور عشرين عاماً على إصدار أول قانون للتأجير التمويلى فى مصر.
ويأتى ذلك مع ارتفاع عدد الشركات العاملة فى مجال التخصيم لتصل إلى 7، وهم (NSGB)، المصرية للتخصيم، درايف للتخصيم، تمويل للتمويل العقارى، المصرية لضمان الصادرات، القاهرة للتخصيم، المصريين للتخصيم ويقدر إجمالى رءوس أموالها بأكثر من نصف مليار جنيه بالمقارنة بشركة واحدة فقط بنهاية عام 2010 وارتفع عدد عملاء نشاط التخصيم من 182 عام 2014 إلى 220 عام 2015 إلى 300 فى 2017 بمعدل زيادة 21%. ومن المنتظر صدور الموافقة على تأسيس شركتين جديدتين خلال العام الحالى.
ويتميز التخصيم بضمان التدفق النقدى والتمويل الذى يحتاجه المشروع التجارى دون الحاجة إلى الانتظار حتى تاريخ استحقاق الفواتير لتحصيل القيمة بنسبة سيولة تصل إلى 80% من قيمة الحقوق المالية للبائع وانخفاض مخاطر الديون المعدومة والخسائر المؤثرة على صافى أرباح المشروع التجارى، فى الوقت الذى انخفضت فيه عدد الشركات المستفيدة من التخصيم عن 300 شركة.
وشرحت الدراسة أن  الأزمة المالية العالمية بدأت، عندما انخفضت أسعار العقارات بشكل حاد فى النصف الأول من عام 2007 وتعثر المقترضون وامتناعهم عن السداد ما أدى ذلك إلى نقص حاد فى السيولة المصرفية لدى البنوك وزيادة طلب سحب الودائع من قبل المودعين بسبب التخوف من حدوث أزمة سيولة وفعلاً حدث ما كان متوقعاً، إذ انتشرت الأزمة إلى أسواق المال والبورصة الأمريكية بصورة سريعة، ولكن السبب الحقيقى فى تفاقم الأزمة هو طريقة بيع الدين أو ما يسمى (التوريق) من خلال مراحلها، بصيغة سندات رهون عقارية بفوائد وبيعها فى الأسواق المالية العالمية لذلك امتدت الأزمة إلى الأسواق المالية العالمية. ثم جاءت خطط الإنقاذ الأمريكية التى تضمنت أساسيات مهمة وهى (الإقراض، التأمين، الدمج) للبنوك والمؤسسات المتعثرة بهدف إنقاذ هذه المؤسسات وإنقاذ الاقتصاد والحيلولة دون انهيار القطاع المالى والمصرفى ومن ثم انهيار الاقتصاد الكلى، وهذه الخطط قررتها العديد من الدول بهدف الحد من الأزمة وليس الحل النهائى لمعالجة الأزمة.
وهنا نشطت فكرة شركات التخصيم، ولا شك أن هذه المؤسسات المالية تلعب دوراً مهمًا وخطيراً فى اقتصاد أى دولة، فهى بمثابة القلب بالنسبة لجسم الإنسان، حيث تتلقى الأموال وتعيد توظيفها. وأضافت الدراسة أنه فى حالة تعرض أحد أنشطة القطاع المالى (بنوك، شركات تأمين، تمويل عقارى، سوق المال، التوريق، التخصيم) لأزمة معينة، فإن هذه الأزمة تنتقل سريعاً إلى بقية أنشطة القطاع المالى.
 ومما زاد الأمر سوءاً تعدد الأجهزة الرقابية على أنشطة القطاع المالى ومن ثم عدم وجود تنسيق بينها، مما جعل الرقابة غير كافية.
ولذلك فحينما بدأت أزمة التمويل العقارى فى الولايات المتحدة، سرعان ما انتقلت إلى باقى أنشطة القطاع المالى.
وبالرغم من وجود أشكال متعددة للتخصيم إلا أن النموذج المتاح فى مصر حاليا هو التخصيم دون حق الرجوع، حيث تتحمل شركة التخصيم المسئولية الشاملة عن الالتزامات المالية للمشترى، فإذا أصبح المشترى غير قادر على الدفع خلال وقت زمنى محدد يتعين على شركة التخصيم سداد القيمة الاسمية للفاتورة.
وتحقق شركات التخصيم أرباحها بطريقتين الأولى عن طريق فرض عمولة على إدارة عملية التحصيل وهى تتراوح بين 1.25%   - 2% من قيمة الشحنة، والطريقة الثانية عن طريق تحميل فائدة قدرها 2%- 4% فى الشهر على أى مبالغ نقدية تدفع مقدما ويتم تحميل الفائدة من وقت تسليم البضائع وحتى سداد المستورد لكامل قيمة الشحنة.
ونظراً لظروف الاقتصاد المصرى اصبح لشركات التخصيم دوراً مميزا فى التعاملات بالأسواق، وهنا تكمن الخطورة، فالبيئة التشريعية التى تتبناها الهيئة العامة للرقابة المالية لصالح شركات التخصيم تقدم تسهيلات كبيرة ليست بمقدار ما قدموه فى ظل عدم وجود أى دراسات حكومية عن مخاطر توسع هذا النشاط وهو ما يثير القلق فى الأسواق الناشئة كالسوق المصرية، وقد كانت القاعدة القانونية لإنشاء الشركة هى قرار رئيس الوزراء رقم 1446 لسنة 2003 الذى يسمح بتوفير خدمات التخصيم فى مصر ثم تبعه قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها رقم 162 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 وذلك لتنظيم نشاط شركات التخصيم وإمكانية تعديل رأسمال الشركات، وبعدها قرار وزارى لعمرو الجارحى، وزير المالية فى مارس 2016 بإضافة نشاط «التخصيم» ضمن أنشطة التمويل المسموح للشركات التعامل فيها، أسوة بنشاط «التوريق»، و«التأجير التمويلى».  
وطالبت الدراسة مجلس النواب بالتأنى فى سن أى قوانين جديدة للتخصيم ومراجعة آليات عمل الشركات خلال الفترة الماضية وتجاوزاتهم خلال الفترة الماضية حتى لا تتعرض السوق المصرية خاصة صغار المستثمرين لضربات جديدة موجعة، خاصة أن المحاكم تشهد منازعات قضائية كثيرة بسبب تلك الشركات، كما طالبت الدراسة مجلس النواب بعدم النظر لأوضاع الاقتصاد والقوانين بالبلدان.