الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«نقطة نظام».. رواية الثورة وفضح البنية العميقة للمجتمع

«نقطة نظام».. رواية الثورة وفضح البنية العميقة للمجتمع
«نقطة نظام».. رواية الثورة وفضح البنية العميقة للمجتمع




كتب - إسلام أنور

عقدت ندوة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة مؤخرا ندوة لمناقشة رواية «نقطة نظام» للكاتب صبحى موسى، حضرها عدد من وجوه الثقافة المصرية فى مقدمتهم د. حاتم ربيع أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، والكاتب والباحث فى علم الاجتماع السياسى د.عمار على حسن، والناقد شوقى عبد الحميد والكاتبة سلوى بكر والكاتب والمترجم طلعت شاهين، والكاتبة هالة البدرى، والكاتب والنقاد محمد عبد الحافظ ناصف والكاتبة زينب عفيفى والشاعر والروائى على عطا، والروائى والباحث فى علم الآثار د.حسين عبد البصير، والشاعر محمد الحمامصي، والشاعر عادل سميح، والكاتب والناقد محمد قطب، والناقد صالح السيد، والناقدة د. نانسى إبراهيم، والكاتبة منى ماهر. أكد عمار على حسن أنه قرأ لصبحى موسى أربع روايات من قبل هى «صمت الكهنة، حمامة بيضاء، أساطير رجل الثلاثاء، الموريسكى الأخير»، وهذه هى الرواية الخامسة التى أتعامل معها له فى فترة قريبة، وهو ما يجعلنا أتوقف حول قدرة صبحى على تناول القضايا المهمة، كقضية الموريسكيين وما حدث لهم، وكيف نسجها بتفاصيل إنسانية بسيطة ومهمة، وقضية جماعات الإسلام السياسى التى تعرض لها فى رواية «أساطير رجل الثلاثاء» وفى على رأس هذه التنظيمات جماعة القاعدة، مضيفاً أن موسى فى هذه الرواية «نقطة نظام» تعرض للثورة المصرية، وتعامل مع القرية التى لا نعرف إن كانت نموذجاً للدولة أم أنها القرية العادية، لكنه فى المجمل قدم لنا قرية بتفاصيلها المهمة شديدة الانسانية، معتمداً على السخرية كأداة مهمة فى صياغة الواقع المرير الذى يعيشه الناس، وكان من المفترض أن يستمر العنوان القديم الذى طرحه للنص، والذى رأت دار النشر تغييره، وهو «قلب النظام» الذى تحول إلى «نقطة نظام»، فصبحى يتحدث عن الأدوات والآليات الحكامة للنظام، سواء السياسى أو الاجتماعى أو الثقافى، من خلال قوة الشرطة التى احتلت القرية وعزلتها لمعرفة أسباب الحادث، وهو اختفاء حى الأثرياء فى القرية، هذا الأمر الذى تطور إلى الدخول فى أفكار الخرافة والأسطورة وتاريخ القرية والثورة على الأنظمة الحاكمة، والنص مليء بالإشارات والدلالات الثنائية، وفضلاً عن بنيته العميقة ولغته الواضحة، وهى أحد التطورات المهمة لدى صبحى موسى الذى انتقل من الشعر، فكان يعتنى بنحت اللغة فى رواياته الأولى، لكنه مع روايته أساطير رجل الثلاثاء أصبح اهتمامه بالحكاية أكبر، ومن ثم تجلت قدرته الواضحة على السرد وتقديم عوالم مدهشة ومركبة واسطورية. أما الناقد شوقى عبد الحميد فقد أتهم صبحى موسى باللؤم الفنى الشديد، ذاهبا إلى أن هذه الرواية شديدة الجمال والوعى، كاشفة لمجتمعنا فى مختلف القضايا التى تناولتها، وكان يجب أن يحذف منها الكاتب الفصل الأخير الذى تحدث عن الثورة، حيث أنه مباشر وواضح وليس من جنس العمل، لكن الرواية فى مجملها فاضحة وكاشفة وعمل كبير، تمتع بالفانتازيا والسخرية من كل شىء، بدءاً من الكاتب وأبيه وجيرانه وصولاً إلى الشرطة وطرقها فى إغلاق القضايا التى يهتم بها الرأى العام، فضلاً عن الخرافة التى تحكم المجتمع المصرى، والإيمان بالسحر والشعوذة وأفكار العرافين وغيرهم، هى رواية الثنائيات وإعادة التفكير فى الموروثات الاجتماعية والثقافية، وهى رواية النقد والمراجعة لمختلف الأفكار التى تبنيناها لسنوات طويلة، لكن ما كان ينبغى للكاتب أن يدخل الثورة عليها فى فصلها الأخير.
وذهبت سلوى بكر التى تحدثت من بين مقاعد الجمهور عن أهمية الرواية وما تمثلها الآن فى ظل سيادة العديد من الكتابات الضعيفة، وقالت إن هذه واحدة من الروايات المهمة القليلة الصادرة فى السنوات العشر أو العشرين الأخيرة، وأن كاتبها بوعى فنى شديد، وحس سخرية متقن شرح الأنساق التى يقوم عليها المجتمع، سواء فى الخرافة أو السحر أو التاريخ أو الهيمنة العسكرية أو نمو البلطجة وتعاونهم مع رجال الأمن. أما الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف رئيس الإدارة المركزية للشئون الأدبية ومنح التفرغ فقال أنه قرأ لصبحى موسى أربعة أعمال فى الفترة الأخيرة، وجميعها مدهشة وقوية وتؤكد على أنه كاتب كبير، وفى هذه الرواية استطاع أن يعرى المجتمع المصري، مؤكداً على أن الثورة قامت، وأن المهدى المنتظر هو كل شخص فينا، أما الروائية والصحفية زينب عفيفى فقد قالت أن هذه الرواية قدمت لنا المجتمع المصرى من الداخل، من القلب، وسخرت من كل الأنساق الحاكمة لمجتمعنا فى العمق، وصبحى كاتب ساخر ومدهش وقادر على جذب القارئ من السطر الأول فى النص حتى أخر كلمة،ومن جانبها قالت الكاتبة هالة البدرى أنها لم تقرأ لصبحى من قبل كى تعرف نموه وتطوره الفني، لكنها وجدت نفسها أمام كاتب مكتمل التطور والأدوات الفنية، وأنه أدهشها بسردة وحبكته وقدرته على انتاج السخرية والفانتازيا، متحدث عن كل ما نعانية من قسوة ولكن بمحبة ونعومة وابتسامة ساخرة. قال الناقد والمترجم ربيع مفتاح الذى أدار الندوة أن صبحى موسى كاتب من أبرز كتاب جيله، صدرت له عدة أعمال روائية ومجموعات شعرية، وأدار النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة لمدة عامين، تقدم أعماله الروائية قضايا إشكالية هامة، بدءاً من روايته الأولى صمت الكهنة مروراً بروايته «أساطير رجل الثلاثاء» و»الموريسكى الأخير» وصولاً إلى روايته الأخيرة نقطة نظام، والتى يناقش فيها الأنساق الاجتماعية والثقافية الحاكمة للجماعة البشرية، من خلال قرية صغيرة لا نعرف أن كانت القرية الدولة أم الدولة القرية، والتى تنتهى أحداثها بجملة «الشعب يريد إسقاط النظام»، والرواية قائمة على السخرية والأسطورة التى تثير لدينا تساؤلاً عن إن كانت الأسطورة معوق للشعوب عن الثورة والتقدم.أما الكاتب والناقد محمد قطب فقد قال أنه من الظلم أن نسجن الرواية فقط فى المسألة السياسية فقط، وهى رواية مهمة جداً فى هذا الجانب، لكنها مهمة ايضاً فى عدد من الجوانب الأخرى، كالسخرية والفنتازيا والتأريخ للواقع الاجتماعى للريف المصرى، لكن أهم من كل ذلك هو التقنية التى استخدمها موسى فى الكتابة، حيث يجعل السارد جزء من النص، ويجعل القارئ فى حالة تشوق دائم لذلك السرد الدائرى الذى استخدمه، وقالت الكاتبة منى ماهر أن هذا هو العمل الأول الذى قرأته لموسى، وأنها أدهشت من قدرته على جذب القارئ لعوالمه السحرية، وقرأت جملة رأت أنها جملة مفتاح لدخول إلى عالم النص، حيث يتحدث السارد عن نفسه وأهله بوصفه سفيرهم فى عوالم المحروسة. وقال الناقد صالح السيد أن هذه الرواية لا تتحدث عن الثورة بقدر ما تتحدث عن الرؤية التى يعيش بها مجتمعنا، وأنها تفتضح مجموعات من العلاقات الفاسدة التى تنتج الأساطير كما تنتج السحرة والمجاذيب، وأن هذه الأنساق كان لابد أن تسقط بفعل الثورة عليها.