الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«فانوس رمضان».. عادة قديمة تنهيها الأزمة الاقتصادية

«فانوس رمضان».. عادة قديمة تنهيها الأزمة الاقتصادية
«فانوس رمضان».. عادة قديمة تنهيها الأزمة الاقتصادية




الإسماعيلية ـ شهيرة ونيس


أيام قلائل تفصلنا عن شهر رمضان الكريم، الذى يحمل من العادات والعبادات ما لم تجده فى أى شهر آخر، فعلى مدار الأعوام السابقة، وفى مثل هذه الأيام من كل سنة، تجد هناك فرحة غير مسبوقة بين جموع المواطنين، كبارا كانوا أو صغارا، حيث تجد أن الكبار مشغولون بياميش رمضان ولوازمه، والصغار مشغوفون بالزينة وشراء الفوانيس.
إلا أن هذا العام فى محافظة الإسماعيلية، تجد أن الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، قتل فرحة الأهالى بـ«فانوس رمضان»، حيث يعتبر الفانوس من الفنون الفلكلورية الّتى نالت اهتمام الفنانين والدارسين، حتى أن البعض قام بدراسة أكاديمية لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصّوم ثم تحويله إلى قطعة جميلة من الديكور العربى فى الكثير من البيوت المصريّة الحديثة.
بداية يقول علاء الزرعي، تاجر الفوانيس الأشهر فى محافظة الإسماعيلية: إن رمضان هذا العام مختلف عن سابقيه، حيث تحكم سعر الدولار فى كمية ومنتج الفوانيس بصورة سلبية، وأثر على حركة البيع والشراء الخاصة بفوانيس رمضان، حتى أصبح الإقبال على الشراء فقط للفئات «فوق متوسطة الدخل» لأنهم فقط القادرون على شراء أحد رفاهيات الحياة، خاصة فى ظل الارتفاع الشديد فى الأسعار الخاصة بالسلع والخدمات الأساسية فى الحياة «المأكل ـ المشرب ـ الملبس».
ويلفت الزرعى إلى أن الأمر لم يقتصر على ذلك فقط، بل أصبح «وقف حال» للتجار، بسبب ركود حركة البيع والشراء، والعزوف عن التوافد على أصحاب محلات الفوانيس، وطالت الأزمة جميع الأطياف من التجار، منوها إلى أن أنواع الفوانيس الجديدة لهذا العام فهى «البوكيمون» الذى يصل سعره إلى 110 جنيهات، و«الباظ» الذى يصل إلى 150 جنيهات، و«القط الشقى» الذى يصل إلى 70 جنيها، و«الميكى ماوس» بـ70 جنيها.
ويشير التاجر المتضرر إلى أنه نظرا لارتفاع الأسعار فقد لجأ البعض من تجار الفوانيس إلى شراء فوانيس «الهاند ميد» من الخرز والخشب، لكن الشغل اليدوى له عيوب كثيرة بسبب ضعف الخامة وعدم تحملها هذا بالنسبة للفوانيس المصنوعة من الخشب، أما الخرز فهو أكثر منه جودة وصلابة وسعره فى متناول الجميع.
أثناء التجول فى الأسواق، وأشهر الأماكن المتخصصة فى بيع الفوانيس، لم نر أى زحام كما اعتدنا فى السنوات الماضية قبيل حلول الشهر المبارك، وبمجرد الانتظار إلى جوار أصحاب المحلات، وجدنا إجابة معظم «الزبائن» الذين يسألون عن أسعار الفوانيس واحدة: «شكرا.. هلف وأرجعلك»، فضلا عن اكتفاء البعض بالتقاط الصور التذكارية مع الفوانيس.
يقول محمود عبدالسميع، أحد المواطنين: أسعار الفوانيس ارتفعت عن العام الماضى، لكن لا توجد أدنى مقارنة بين الفوانيس المستوردة والمحلية بسبب ارتفاع الدولار، الذى أثر سلبا على جميع السلع والمنتجات، منها فانوس رمضان، حيث أصبح من كان يشترى 4 فوانيس لأطفاله أصبح يشترى فانوسا واحدا أو لم يشتر نهائيا.
وتلفت عفاف عبدالغنى، ربة منزل، إلى أن الفوانيس هذا العام أصبحت للفرجة فقط، بسبب ارتفاع أسعارها، منوها إلى أن شارعى مكة والمدينة المنورة، اللذين يقعان بحى المحطة الجديدة، والأشهر بتجارة الأدوات المكتبية والفوانيس خلال شهر رمضان، خليا تماما من المواطنين، حيث تجد إقبالًا ضعيفًا للغاية أمام فروشات الفوانيس، فضلا عن أن أسعار الفوانيس تقع كـ«الصاعقة» على أذهان القلة المتواجدة فور علمهم بالأسعار.
وتقول عبدالغنى: «إحنا كنا بنشترى 3 فوانيس لأولادنا، كل سنة، لكن السنة دى هنيجب منين، وأرخص فانوس بـ100 جنيه، وإحنا مش لاقيين نجيب السلع ولوازم رمضان والياميش، عشان أسعارها نار»، منوها إلى أن جميع السلع والمنتجات ارتفعت فى الوقت الذى تجد فيه دخول المواطنين كما هى لم يتحرك لها ساكنا.
يشار إلى أن هناك العديد من القصص عن أصل الفانوس، منها أن الخليفة الفاطمى كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، وكل طفل يحمل فانوسه، ويقوموا معاً بغناء بعض الأغانى الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين، أنه أراد أن يضىء شوارع القاهرة طوال ليالى شهر رمضان، فأمر شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها، ناهيك أن هناك أخرى ترجع إلى أن العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا فى شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة فى الطريق لكى يبتعدوا، وبهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال. لكن أول من عرف فانوس رمضان هم المصريين، وذلك يوم دخول المعز لدين الله الفاطمى مدينة القاهرة قادما من الغرب، وكان ذلك فى يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية، حيث خرج المصريون فى موكب كبير اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية من ناحية الجيزة للترحيب بالمعز الذى وصل ليلا، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه.