الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الإخوان والسلفيون أدوات الصراع السعودى - القطرى على قيادة المنطقة




ذكرت دراسة نشرها معهد دراسات السياسة الخارجية أن أحداث الربيع العربى التى وقعت أشعلت التنافس بين المملكة العربية السعودية وقطر على السيطرة على الشرق الأوسط، فكل منهما يسعى إلى بسط نفوذه على الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد انتهاء الديكتاتوريات من شمال أفريقيا، الأمر الذى سمح بظهور قوى للتيارات الدينية.
 
وأشارت الدراسة إلى أن الدولتين النفطيتين بحثتا التأثير على التغيرات السياسية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشروطهما الخاصة، بهدف تحسين مصالحهما الجيوسياسية، وضمان أن شعوبهما لن تنتفض ضدهما.
 
وبالرغم من أن البلدين بعيدان من أن يكونا معقلا للديموقراطية، إلا أن قطر أثبتت سهولة أكثر فى التعامل مع الصعود الديمقراطى للحركات الإسلامية حولها من السعودية. وكانت النتيجة أن التنافس الذى وجد بينهما ساهم فى تقويض دور السعودية التاريخى بأن تكون حصن الإسلام المحافظ فى الشرق الأوسط، فضلا عن كونها القوة الجامعة لمجلس التعاون الخليجى.
 
 

 
تتناول الدراسة طبيعة العلاقة بين قطر والسعودية تاريخيا مركزة على تبادل انعدام الثقة المرافقة لمصلحة مشتركة فى الحفاظ على استقرار منطقة الخليج العربى، وتشير إلى أنه قبل استقلال قطر فى عام 1971، كان للعائلة الملكية السعودية علاقات مع رجال أعمال قطريين من أفراد العائلة الحاكمة حاليًا. وفى 1992، قتل جنديان قطريان فى اشتباكات على الحدود بين الدولتين، ما ساهم فى وجود عقد من العلاقات المتوترة وفى 1996، اتهم أعضاء فى الحكومة القطرية الرياض بدعم انقلاب على السلطة، بعدما استطاع الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى الإطاحة بوالده فى انقلاب غير دموى داخل القصر فى 1995.
 
وفى يوليو 2006 تواصل المسئولون السعوديون مع الجهات الممولة لمشروع «دلفين للغاز الطبيعى» فى البحر، وهو مشروع وصلت قيمته إلى 3.5 مليارات دولار ويوصل أنابيب الغاز القطرية بالإمارات، ليخبروهم بأن الأنبوب سيدخل الأراضى السعودية من دون موافقة الرياض. والتوتر ذاته تكرر عند اقتراح مد أنبوب مماثل بين قطر والكويت.
 
وبدأ التقارب بين الدولتين فى سبتمبر 2007، عندما توجه الأمير القطرى إلى الرياض لزيارة العائلة الحاكمة، وتبع ذلك ذهاب الملك السعودى عبدالله بن عبدالعزيز إلى قطر فى ديسمبر من العام ذاته.
 
وخلال عامى 2008 و2009 تبادل المسئولون السعوديون والقطريون الزيارات الدبلوماسية، وحلوا العديد من القضايا العالقة بينهما، ولكن الارتباط بين قطر وإيران بقى عائقًا فى العلاقة المستحدثة بينهما.
 
وبالرغم من الدفء الذى بدأ قبل خمس سنوات بين البلدين، فإن «الربيع العربى» أعاد التوترات بين السعودية التى تعتبر «مقر الثورة المضادة» وبين قطر التى دعمت القوى «الثورية» ما عدا البحرينية، فضلاً عن الموقف المتناقض من «الإخوان المسلمين».
 
وتحتفظ السعودية بنظرة قاتمة تجاه المكاسب الانتخابية التى حققتها فروع «الإخوان المسلمين» فى المنطقة، معتبرة أن فى ذلك تهديدًا لنموذجها الملكى الفردى، حيث لا أحزاب سياسية، ولا اتحادات عمالية والقليل جدًا من مفهوم المجتمع المدنى.
 
فى المقابل تحتفظ قطر بعلاقات وثيقة مع «الإخوان»، وسبق أن جندت قناة الجزيرة من أجل إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وهى التى تستضيف أحد رموز الجماعة، القطرى من أصل مصرى، يوسف القرضاوى. وكانت قطر استقبلت المرشح الرئاسى السابق خيرت الشاطر فى مارس 2011، وناقشت معه أفق التنسيق مع حزب «الحرية والعدالة» الجناح السياسى للجماعة، فيما استمرت السعودية فى دعم مبارك.
 
وفيما يخص إخوان تونس، فإن رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشى ذهب إلى الدوحة فى أول زيارة له عقب الانتخابات النيابية بعد الثورة التونسية. ويعيد الكثيرون فوز «النهضة» إلى «البترو.دولار» القطرى» ويستعرضون واقعة تعيين الغنوشى لصهره، وهو باحث سابق فى قناة الجزيرة، فى منصب وزير الخارجية.
 
هذا التلاعب فى الانتخابات التونسية أدى إلى اندلاع الاحتجاجات ضد التدخل القطرى فى الشئون الداخلية التونسية، فى الوقت الذى لايزال فيه الغنوشى ممنوعا من دخول السعودية. ولمواجهة صعود جماعات «الإخوان المسلمين» المرتبطة بقطر، عملت السعودية على دعم خصومهم السلفيين.
 
ويقول خليل العنانى الباحث فى سياسات الشرق الأوسط أن السلفيين يتهمون الإخوان بأنهم إسلاميون أقل مما يجب، ويساومون كثيرا، بينما يرد الإخوان بأن مواقف السلفيين ساذجة وشديدة الجمود ولا تتفق مع السياق المصرى الحديث.
 
إن الربيع العربى ليس الحراك الشرقى الأوسطى الوحيد الذى أثار غضب النظام السعودى فإن صعود القومية العربية فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، فضلا عن الثورة الإيرانية فى العام 1979 هددا موقع الرياض كمرتكز للنظام الاقليمى.
وبقدر ما حاولت السياسة الخارجية السعودية احتواء صعود الرئيس المصرى جمال عبدالناصر عبر دعم أعدائه فى اليمن، فضلا عن توجيه الضربات لنظام الثورة الإيرانية عبر تمويل الرئيس العراقى صدام حسين خلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، تعمل مؤخراً على دعم المجموعات السلفية فى دول تشهد تغيرات سياسية. ولكن من خلال ثورتها الخاصة وبرنامجها فى المنطقة، تنافس قطر جارتها عبر الرهانات السياسية فى كل من تونس ومصر.
 
فإن صعود الإسلام المحافظ والديمقراطى قد يكون موجة قادرة قطر على قيادتها، الأمر الذى يتخوف منه السعوديون، ولكن فى الوقت ذاته، فإن التأثير القطرى قد ينافسه صعود مصر فى المستقبل أو حتى العراق.