الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الشاعر الإماراتى ناصر البكر الزعابى: عالمية قصيدة النثر ساهمت فى انتشارها.. والشعر العامى مرجع تراثى وتاريخى لا يستهان به

الشاعر الإماراتى ناصر البكر الزعابى: عالمية قصيدة النثر ساهمت فى انتشارها.. والشعر العامى مرجع تراثى وتاريخى لا يستهان به
الشاعر الإماراتى ناصر البكر الزعابى: عالمية قصيدة النثر ساهمت فى انتشارها.. والشعر العامى مرجع تراثى وتاريخى لا يستهان به




حوار – خالد بيومى

ناصر البكر الزعابى شاعر إماراتى واعد، يكتب شعر العامية والفصحى، صاحب لغة شعرية مغايرة ومعجم متوضئ بالضوء والنغم، السابح فى الإيقاع، ويحار قارئ شعره هل هو مصور أم موسيقى أم عراف تهمى نبوآته وخيوط حكمته، بما جعله شاعرا يتجاوز السائد والمألوف، وهو عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، صدر له ثلاثة دواوين شعرية هي: «لا بوح بعد هذا، حجر النافذة، شيء ما يتسلل». هنا حوار معه:

 

■ فى البداية حدثنا عن مرجعياتك وشجرة نسبك الشعرى؟
- بدأت كتابة الشعر منذ وقتٍ مبكر، متأثراً بتجارب عديدة لشعراء عمالقة، ففى مجال الشعر العامى تأثرت بأشعار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، والشاعر الراحل سالم الجمرى، والشاعر الراحل فايق عبدالجليل، والأمير بدر بن عبدالمحسن؛ أما فى مجال الفصحى فقد تأثرت بالعديد من الشعراء مثل أحمد العسم، وعبدالله السبب، وسالم أبو جمهور، وعدنان الصائغ، وحمدة خميس، وسركون بولص؛ لم أرث الشعر من أحد وهى موهبة ربّانية تحتاج إلى الصقل والمثابرة والاجتهاد والعزيمة، من الممكن أن يظهر فى العائلة عشرات الشعراء ومن الممكن أيضاً أن يظهر شاعرٌ واحد فقط، هى قدراتٌ وموهبة وتوفيق ربّانى.
■ لماذا اخترت كتابة الشعر فى زمن الرواية والصورة والسوشيال ميديا؟
- لأننى أعرّف نفسى كشاعر فقط، وليس انتقاصاً من أيٍّ من الأجناس الأدبية الأخرى، لكننى أعشق الشعر وأراه الوسيلة الأجمل للتعبير عن المشاعر والرواية قرينة الشعر، والصورة لا تُلغى جماليات الشعر؛ ووسائل التواصل الاجتماعى ساهمت بشكلٍ فعّال فى تطوير الأدب ونقله إلى العالم بأسلوب مبسط وسلس، كما أننى أكتب المقال دون الخروج عن إطار الشعر والتأمل فهو الهاجس الأكبر، رغم وجود بعض الكتابات الرياضية والفنية بحكم التجربة والإطلاع.
■ «حجر النافذة» ماذا عنه؟ ومن أى نافذة تطل على عالمك الشعرى؟ فى زمن القبح والإرهاب؟
- الأمل نافذة الأرواح والجمال ينتصر على القبح فى النهاية؛ ولعل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذج راقى للحب والسعادة والتسامح لكل من زار وعاش هذه الأرض الطيبة، كتاب «حجر النافذة» عبارة عن نصوص شعرية توثّق سيرة حياة والدى رحمه الله، والذى كان رائداً مؤسساً من روّاد الحركة الكشفية فى الإمارات، وفيه بعض من التفاصيل الإنسانية وقد لاقى نجاحاً جيّداً ولله الحمد، ولعله شىء بسيط أرد فيه الجميل فى ذكرى وفاة والدى رحمه الله؛ لم أقصد التقرّد والتميّز فى تخصيص مجموعةٍ شعرية كاملة تتحدّث عن والدى يوسف عبيد البكر؛ بقدر ما كان غرساً قد يجنى ثماره جيلٌ قادمٌ ذات يوم.
 ■ صدر لك مؤخراً ديوان «شىء ما يتسلل» ما التجربة الشعرية التى يطرحها الديوان؟
- قصيدة النثر رافد أدبى مهم، وعالمية قصيدة النثر ساهمت فى انتشارها؛ احتوى الديوان على مجموعة من النصوص التى تناولت جوانب اجتماعية وعاطفية ومشاهداتٍ يومية؛ ومواقف تجمع بين الطرافة والغرابة؛ أحرص دائماً على توثيق هذه المشاهد وتدوينها باستمرار، وتنوّع بين النصوص القصيرة والمتوسطة والطويلة، وأتمنى أن ينال استحسان المتلقي، الديوان يوثّق سيرة عامٍ كاملٍ من الترحال مع المحافل الأدبية برفقة الزملاء الشعراء والكتّاب وحمل لواعج القلب أينما ارتحل؛ لعله الكتاب الذى كان يتحدّث عن فترةٍ زمنية محددة ومفصلية فى حياتى الشخصية
■ تكتب قصيدة الهايكو .. هل تأسرك النزعة الصوفية فى شعرك؟
- ليس لدى نزعة صوفية فى كتاباتى؛ لكن الشاعر ابن بيئته يتأثر بعاداته وتقاليده بشكل كبير؛ ما شدّنى فى قصيدة الهايكو هى نصوص الحكمة والموعظة التى ميّزت هذا اللون الأدبي؛ والحداثة التى لا تلغى أصالة الحاضر وحاولت دمجه فى واقعنا المعاصر دون المساس بأصالتنا وتراثنا العريق، أرى أن الهايكو عبارة عن ومضة محدّدة بدقّة، كأنها تصويبة لاعبٍ محترف اختار أقصر طريقٍ للمرمى مستخدماً براعته ومهارته من أجل هدفه المنشود.
■ هل يمكن التوقف عن البوح بعد صدور ديوانك الأول «لا بوح بعد هذا»؟
- نعم هناك بوحٌ نتوقّف عنه وليس كل البوح؛ أترك التأويل للقرّاء؛ هناك مواقفٌ وحكايات يتعذّر علينا روايتها مرّة أخرى، ولم أقصد أن يكون هذا هو البوح الأخير بالتأكيد، أحياناً يعجز اللسان عن التعبير عن مشهد هائل ليس من عجزا أو إفلاس بقدر ما هو مدخلٌ لطريقٍ مختلف عمّا سبق.
■ يتواجه فى شعرك عموما اليومى والصوفى.. الغنائى والتجريدى.. الذاتى والموضوعي.. ماذا عن جدلية هذه الثنائيات فى شعرك؟
- لا توجد ثنائيات مقصودة فلكل شاعرٍ منابته وينابيعه التى ينهل منها متزوّداً بالاطلاع والقراءة المكثفة والمنوعة، ومتابعة المشهد الثقافى المزدهر فى السنوات الأخيرة، فهى تأمّلات ومعتقدات وأفكارٌ ورؤى تحتمل الصواب والخطأ ولكل كاتبٍ اجتهادٌ وهدف ونسعى دائماً لتقديم الجديد والأفضل بإذن الله تعالى، أرى أن النفس البشرية تشبه فصول السنة بتقلّباتها الجوية والمناخية؛ مما أفرز كتاباتٍ متنوّعة جذبت اهتمام الناس لأنها تعبّر فى الغالب عنهم وعمّا يشعرون به فى يومياتهم.
■ هل تعود هذه الثنائيات إلى الصراع الداخلى الذى تحياه كشاعر؟
- كل إنسانٍ يعيش صراعاً بين الإيجابية والسلبية والخير والشر والعواطف المتناقضة، ومن منهما يستطيع ترويض الآخر، لكن باب التفاؤل يبقى الأجمل دائماً حتى ولو كان موصداً لفترةٍ طويلةٍ من الزمن؛ كثيرٌ من المفارقات التى نصطدم بها فى لحظة دهشة وذهول تجعلنا نسيّر القلم نحو مسلكٍ جديد.
 ■ ما علاقتك باللغة.. هل تجد فى اللغة وطنا وإقامة وسط عالم يضج بالاغتراب؟
- لغتنا العربية هى لغة القرآن الكريم وهى الأجمل على الإطلاق، ومهما كان الاغتراب فلن يستطيع حجبها لأنها تعيش فى دمائنا، وكلنا نعتز بلغتنا وهويتنا وتراثنا وأوطاننا؛ أرى أن الكاتب هو المسئول الأول عن مفردته وهو الأدرى بذائقته الخاصة، ويستطيع تطويع النصوص لصالح فكرته شريطة الإتقان والابتعاد عن التصنّع
■ برأيك .. ما الذى يمكن أن يقدمه الشعر فى عالم يتفاقم فيه الظلم؟
- الشاعر هو البستانى الذى يسقى بذور الخير وقد يكون المعول الذى يجتث كل شىء، الشاعر مسئولٌ عن كلمته؛ لذلك أرى أن التسامح والصفح هو أساس السعادة والخير والرخاء، والطيبة مفتاح القلوب.
 ■ تكتب العامية والفصحى.. أين تجد نفسك أكثر؟
- أميل للفصحى لكن لهجتنا العامية تلتصق بنا وبيومياتنا وحكاياتنا وتراث أجدادنا؛ ونحاول التوفيق دائماً بينهما قدر الإمكان، هما وتران متوازيان فى الغالب؛ ولكل لونٍ ذائقة.
■ كيف تفسر نظرة النقاد إلى الشعر العامى كإبداع من الدرجة الثانية؟
- نحن بحاجةٍ إلى النقد الجمالى أوّلاً قبل أى تصنيف، ونحن نحترم جميع الآراء ولكل ناقد رؤية وتحليل يحتمل الصواب، لكننى أرى أن الشعر العامى هو مرجع تراثى وتاريخى لا يستهان به أبداً.
■ ألا تراودك فكرة كتابة الرواية؟
- هى فكرة تراودنى بين الحين والآخر لكننى حتى هذه اللحظة لم أتخذ هذا القرار، ولست مشغولاً بهاجس كتابة الرواية بقدر ما أحاول إكمال مشاريعى المستقبلية.
 ■ عانى الشعر فى الخليج العربى حالة من العزلة رغم وجود أصوات شعرية مهمة فى أفقه.. ما سبب هذه العزلة برأيك؟
- أعتقد أن العزلة قد انتهت إن كانت قد وجدت فى الأساس؛ لقد أصبح الإبداع فى متناول يد القرّاء بشكلٍ يسير ومبسّط ويستطيع الوصول إلى تاريخ أى كاتب أو أديب بالبحث والاجتهاد؛ ورأينا ثمار هذا الازدهار فى السنوات الأخيرة حيث التقينا بالعديد من المثقفين والأدباء فى معارض الكتب والمؤتمرات وأرى أن مفردة العزلة قاسية كثيراً.