الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مساجد لها تاريخ الجامع الأموى بدمشق (2)

مساجد لها تاريخ الجامع الأموى بدمشق (2)
مساجد لها تاريخ الجامع الأموى بدمشق (2)




تمَّ تشييد الجامع وفق مخطط جديد مبتكر يتناسب مع شعائر الدين الإسلامي، وأغراض الحياة العامة، فجاء فريداً فى هندسته، لم يبن على نسقه فى العهود السابقة أى بناء آخر.
وبذل له الوليد الكثير من الجهد والمال كى يكون المسجد آية فى الإبداع وتحفة من التحف الفنية، فأمضى فى بنائه وزخرفته قرابة عشر سنين بدءاً من ذى الحجة عام (86هـ)، وهكذا ظهر جامع دمشق وقتئذ ثورة على البساطة والتقشف وانطلاقة جديدة فى مضمار فنون العمارة والزخرفة الإسلامية.
وتأسست بإشادته مبادئ هندسة الجوامع الكبرى التى شيدت بعده فى العالم الإسلامي، إذ ظل المعماريون عدة قرون يستوحون منه وينسجون على منواله، فاستحق بجدارة تسميته إمام الجوامع، وظلَّ قروناً فتنة للناظرين، تبارى الشعراء والكتَّاب فى وصفه، وإبراز محاسنه وعدّ أعجوبة من عجائب الدنيا الخمس المعروفة فى ذلك الزمان.
مخطط الجامع
يتألف بناء الجامع من مستطيل طوله (156م) وعرضه (97م)، يحتل جانبه الشمالى صحن مكشوف تحيط به أروقة مسقوفة، ويحتل قسمه الجنوبى الحرم أو المصلى. وللجامع ثلاثة أبواب رئيسه تفضى إلى الصحن، تصله بجهات المدينة الثلاث الشرقية والغربية والشمالية، وهناك باب رابع فى الحرم يقع بالجانب الغربى منه يصله بالجهة الجنوبية من المدينة.

أقسام الجامع وعناصره المعمارية
1- السور والأبواب: سور الجامع مبنى بالحجارة الكلسية، ومزوّد بدعائم جدارية، وهو من العهد الروماني، إلا أنَّ أكثر أقسامه جددت فى العهود العربية، وكان يحتل زوايا السور الأربع أبراج مربعة الشكل استخدمت بعد الفتح منابر للأذان بقى منها إلى اليوم البرجان الجنوبيان وعليهما أقيمت المئذنتان الشرقية والغربية.
الباب الشرقى للجامع محافظ على وضعه الأصلى الأموى، وكان يدعى باب (جيرون) واسمه اليوم باب (النوفرة)، يتألف من باب فى الوسط ذى قنطرة عالية وبابين صغيرين على جانبيه، ويقابله الباب الغربى ويدعى باب (البريد)، وهو مؤلف من ثلاث فتحات، ويلى البابان الشرقى والغربى دهليز فخم يتصل بالأروقة المحيطة بالصحن، وبالمشاهد القائمة على جانبيه، أما الباب الشمالى فمؤلف من فتحة واحدة فقط، وهو مجدد فى العهود العربية اللاحقة وكان يدعى باب (الفراديس)، ويعرف اليوم بباب (العمارة).
أما الباب المفتوح فى الحرم «باب الزيادة» أُحِدث فى السور عند بناء الجامع، ويتألف من فتحة واحدة واسعة. أما الباب الأساسى الكائن عند منتصف الجدار الجنوبى فقد استخدمت إحدى فتحاته كباب لدخول الخلفاء إلى الجامع، والعودة منه إلى قصر الخلافة.
2- الصحن والأروقة: الصحن مستطيل، تتخلله ثلاثة مبان صغيرة، تتوسطه البحرة، ويوجد فوقها قبة تقوم على أقواس وأعمدة، وفى الجهة الغربية قبة الخزنة، وهى بناء مضلع قائم على ثمانية أعمدة كورانتيه الطراز، جميلة التيجان أما فى الجهة الشرقية فتوجد قبة أخرى على ثمانية أعمدة تدعى قبة زين العابدين، ثم أحيطت الأعمدة فى العهد العثمانى بجدار، وتحوّلت إلى غرفة وعُرِفت بقبة الساعات.  وفى وسط الصحن يوجد عمودان من الحجر يحملان رأسين مزخرفين من النحاس، كانا يستعملان للإسراج وإنارة الصحن. ويحيط بالصحن رواق مسقوف محمول على عضائد وأعمدة تتناوب كل عضادة مع عمودين.
3- الحرم: يتألف الحرم من ثلاثة أروقة موازية للقبلة، يمتد بينهما صفان من الأعمدة تحمل قناطر كبيرة نصف دائرية فوقها عدد مضاعف من القناطر الصغيرة، كما هو الحال فى الأروقة المحيطة بالصحن.
ويقطع هذه الأروقة من وسطها رواق أوسع وأكثر ارتفاعاً يسمى «المجاز القاطع»، ويتوسط المجاز هذا قبة عالية ترتفع قرابة (36م) محمولة على أربعة عضائد ضخمة فوقها قبة مثمّنة، مزوّدة بالنوافذ، وتعرف بـ(قبة النسر)، ولعلهم حين أقاموا هذه القبة استوحوا فكرة وجود عرش الرحمن فى قبة السماء.