السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مساجد لها تاريخ.. جامع القيروان (1)

مساجد لها تاريخ.. جامع القيروان (1)
مساجد لها تاريخ.. جامع القيروان (1)




جامع القيروان يُعَدُّ من أكبر المساجد الجامعة الباقية فى الإسلام، وأعظمها مظهرًا؛ إذ يبلغ طوله 126 مترًا وعرضه 77 مترًا، وطول بيت الصلاة فيه 70 مترًا وعرضه 37 مترًا، وصحنه فسيح واسع طوله 67 مترًا وعرضه 56 مترًا. ولهذا الصحن مجنبات عرض كل منها نحو ستة أمتار وربع متر، وتنقسم المجنبة إلى رواقين ويشتمل بيت الصلاة على 17 رواقًا عموديًّا على جدار القبلة.
لقد كان هذا المسجد منارة العلم فى المغرب الإسلامى قاطبة؛ حيث تخرج فيه من العلماء من يفخر بهم العالم الإسلامى على مرِّ العصور، ولعل أبرز شاهد على ذلك هو أن شيوخ القيروان ممن تلقوا علومهم فى هذا المسجد هم الذين جعلوا من مسجد القرويين بفاس جامعة كبرى، على إثر نزوحهم من القيروان إثر الغارة الهلالية.
وكان من بين العلماء الذين نشروا علمهم فى هذا الجامع كل من: على بن زياد تلميذ مالك بن أنس، وأسد بن الفرات، الذى أقام مدة طويلة بالمدينة المنورة قادمًا إليها من القيروان ليأخذ المذهب المالكى.
كما أن الإمام سحنون بن سعيد هو الآخر قد سافر إلى المدينة المنورة للاستزادة من العلم وعاد إلى القيروان؛ ليلقى دروسه فى جامعها؛ وليكون إمامًا وقاضيًا فى القيروان.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن هناك العديد من علماء القيروان ممن شاركوا فى كثير من الأمور السياسية والعسكرية للدولة؛ حيث شارك البعض فى وضع خطة مدروسة لغزو جزيرة صقلية فى عهد الأغالبة، ولعل قاضى القيروان المشهور «أسد بن الفرات»، الذى تلقى علومه فى مسجد القيروان، وقاد الجيش إلى فتح صقلية حتى قال المؤرخون فى هذا العمل الحربى «إن خطة صقلية هى خطة مدروسة، فكر فيها قادة القيروان آنذاك مليًّا، وشارك فى وضعها علماء القيروان أيضًا ولا سيما قاضيها أسد بن الفرات.
لم يكد يمضى على بناء جامع القيروان عشرون عامًا حتى هدَّمه حسان بن النعمان الغسانى، ما عدا المحراب، شيد حسان بن النعمان مسجدًا جديدًا فى موضع الجامع القديم فيما بين عامى 78 - 83 للهجرة (693 - 697) احتفظ فيه بمحراب عقبة. وتم بناء مسجد حسان من الجهة الشمالية المقابلة للقبلة تجنبًا لتغيير جدار المحراب.
ذكر الدكتور أحمد فكرى فى كتابه عن جامع القيروان أن حسانًا قد زاد فى عدد أروقة الجامع، وأن بيت الصلاة الجديد كان يشتمل على أربعة أساكيب (أى أروقة عرضية). ولم يكن للمسجد آنذاك مجنبات تُطل على الصحن وتدور حوله.
وفى عام 105 للهجرة (724) ضاق الجامع بالمصلين، فأمر الخليفة هشام بن عبد الملك عامله على القيروان وقتئذ بشر بن صفوان (103 - 109هـ)، بزيادة المسجد فاشترى بشر أرضًا محيطة بالمسجد من شماله، وضمها إليه، وبنى فى الصحن ماجلاً (صهريج للمياه)، وأضاف إلى بيت الصلاة ثلاثة أروقة أخرى، مَدَّ بها طول بلاطاته، ثم بنى بشر مئذنة للمسجد فى منتصف جداره الشمالى داخل الصحن، على بئر كانت تعرف ببئر الجنان، ونصب أساسها على الماء.