السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مساجد لها تاريخ: جامع القيروان (2)

مساجد لها تاريخ: جامع القيروان (2)
مساجد لها تاريخ: جامع القيروان (2)




يذكر ابن عذارى أن يزيد بن حاتم جدَّد بناء المسجد الجامع بالقيروان عام 157 للهجرة (774م)، لكننا نعتقد أن أعمال يزيد لا تعدو إصلاحه، وتجديد بعض زخارفه.
وظل المسجد على حالته بعد زيادة بشر بن صفوان.. إلى أن تولى زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب الإمارة بإفريقية عام 221 للهجرة (836م)، فبدأ بهدم أجزاء كثيرة من المسجد دون أن يُغَيِّر كثيرًا من نظامه، أو يبدل من حدوده.  ويذكر البكرى أن زيادة الله أراد هدم المحراب، فقيل له: إن من تقدمك توقفوا عن ذلك لما كان واضعه عقبة بن نافع ومن كان معه، فألحَّ فى هدمه لئلا يكون فى الجامع أثر لغيره، حتى قال له بعض البناة، أنا أدخله بين حائطين، ولا يظهر فى الجامع أثر لغيرك، فاستصوب ذلك وفعله، ولم يمسسه بسوء.
وبنى المحراب الجديد بالرخام الأبيض، ويغلب على الظن أن بيت الصلاة فى عهد بشر بن صفوان كان يتألف من 18 رواقًا، فهدم زيادة الله الرواقين التاسع والعاشر، وأقام بدلاً منهما رواقًا واحدًا فسيحًا، فأصبح للمسجد 17 رواقًا، الرواق الأوسط منها أكثر من بقية الأروقة اتساعًا وارتفاعًا. ويمكننا أن نفسر عبارة المؤرخين بأن زيادة الله هدم الجامع كله، بأنه هدم أسقف الجامع وأقامها من جديد.
وبنى قبة على أسطوان المحراب، زخارفها على نمط زخارف اللوحات الرخامية التى كسا بها المحراب الجديد. أما أسوار الجامع ومحرابه وأعمدته فظلت كما كانت عليه أيـام بشر بن صفوان.
ويبدو أن زيادة الله أنفق على هذه الأعمال المعمارية بالجامع أموالاً كثيرة، وأنه زوَّد الجامع بصورته الأخيرة التى نراها فى يومنا هذا، وهى صورة لم تتغير على مر الزمن.. وهو الذى وضع للأروقة نظامها الفريد الذى يَشِفُّ عن أصالة وابتكار.  وذكر ابن عذارى أنه قال: «ما أبالى ما قدمت عليه يوم القيامة وفى صحيفتى أربع حسنات: بنيانى المسجد الجامع بالقيروان، وبنيانى قنطرة أبى الربيع، وبنيانى حصن سوسة، وتَوْلِيَتى أحمد بن أبى محرز قاضى إفريقية».
الواقع، إن ما قام به زيادة الله من عمارة يُعَدُّ بناء جديدًا للجامع، وهو ما كان يفخر به زيادة الله، وفى عام 248هـ (862م) تمت زيادة فى جامع القيروان، ولا ندرى ماذا قصد المؤرخون من ذكر هذه الزيادة، ولكننا نعتقد أن المقصود بها تتمة أعمال البناء التى شرع فيها زيادة الله.
ولما تولى إبراهيم بن أحمد بن الأغلب الإمارة زاد فى طول الجامع عام 261هـ (875م)، وبنى القبة المعروفة بباب البهو على مدخل الرواق الأوسط، كذلك أقام إبراهيم بن أحمد المجنبات التى تدور حول الصحن. وظل المسجد على هذه الصورة دون أى تغيير حتى أضاف إليه بنو زيرى واجهات.
وقد سُجِّلَ تاريخ هذه الإضافات على أحد أعمدة المجنبة الغربية؛ إذ نُقشت عليه كتابة بالخط الكوفى نصها «هذا ما أمر بعمله خلف الله بن غازى الأشيرى فى رمضان من عام اثنين وأربعمائة».
كذلك أقام المعز بن باديس بالمسجد المقصورة الخشبية التى تزال منصوبة حتى اليوم بجوار المحراب. وفى عام 693 هجرية أمر بترميم بيت الصلاة.