الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجراد على وشك التهام محاصيل الشتاء




تزايدت التحذيرات من غزو الجراد للمحاصيل الزراعية فى مصر الموسم الجارى فى الفترة الأخيرة، وكانت البداية بمهاجمة آلاف الأفدنة فى الوادى الجديد والعوينات وسواحل البحر الأحمر وشرق بحيرة ناصر والتهام المحاصيل الزراعية، وخسائر المزارعين التى تصل لملايين الجنيهات، دعا ذلك المسئولين فى مصر للاستعداد لمواجهة موجة الجراد الجارفة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو".
 
ويوجد فى مصر 55 محطة رصد للجراد موجودة منذ أربعينيات القرن الماضي، ومزودة بالمبيدات وأدوات المكافحة والرش والمهندسين والعمال من أجل القضاء على أى بؤر جديدة للجراد الذى ينتهى موسم هجرته الشتوى فى شهر مارس من كل عام، ورغم أن الدراسات البيئية والمسح البيئى على تحركات الجراد خاصة فى الدول القريبة من مصر مثل أريتريا والسودان تشير إلى تهديد مصر بموجة الجراد وهو ما ثبته هجوم الجراد على زراعات الوادى الجديد والعوينات، إلا أن وزارة الزراعة المصرية تنفى أى خطر قائم أو محتمل من التهام الجراد للزراعات.
 
موجة الجراد حسب خبراء قسم بحوث الجراد بوزارة الزراعة توجد فى إثيوبيا والصومال والسودان وإريتريا وأحيانا تتخطى تلك الدول لتعبر البحر الأحمر إلى السعودية، كما أن وجود عدد من الجراد التى لا تتعدى أصابع اليدين فى بضعة آلاف من الأمتار لا يشكل خطرا داهما، ولذلك تتجاهله فرق المكافحة حيث إن إهدار كميات كبيرة من المبيدات والرش عليها غير مجد اقتصاديا، خاصة أن مصر تعتبر محطة ترانزيت للجراد وليست محطة تكاثر.
 
وبعد اجتياح الجراد للزراعات فى آلاف الأفدنة بشرق العوينات والوادى الجديد زادت مخاوف الأهالى والمزارعين من كارثة حقيقية نتيجة التهام المحاصيل وبالتالى تعرضهم للسجن بعد اقتراض الكثيرين منهم مبالغ مالية طائلة من بنوك التنمية والائتمان الزراعية من أجل زراعة الأرض وانتظار حصاد المحاصيل وبيعها وسداد المديونيات، وبعد اجتياح الجراد لزراعاتهم فإنهم يعجزون عن السداد والتعرض للسجن - حسب مصطفى خلف مزارع من الوادى الجديد - ويطالب المزارعون مسئولى وزارة الزراعة بالقضاء على الجراد قبل تكاثره وتدمير الأخضر واليابس، بدلا من التقليل من خطورة الجراد الذى التهم محاصيلهم الفترة الماضية ويمتد هجومه حتى نهاية الشتاء.
 
وانتقد المزارع خلف تجاهل وزارة الزراعة الكارثة وتصريحات مسئوليها فى وسائل الإعلام بعدم وجود أى أسراب للجراد الصحراوى فى الوادى الجديد متسائلا : طالما الأمر كذلك فما الذى دمر زراعاتنا بهذا الشكل؟
 
ورغم الامكانيات الضعيفة للإدارة العامة لمكافة الجراد بوزارة الزراعة والتى لا يمكنها أن تغطى المساحة الجغرافية جنوب مصر كاملة إلا أن المهندس محمد عبدالرحمن مدير الإدارة السابق يؤكد استعداد المكافحة من خلال فرق مخصصة للطوارئ خاصة جنوب مصر شرقا وغربا على حسب منطقة هجوم الجراد، للتصدى للجراد فى حالة تغييره لمساره كما حدث فى عام 2004 بفعل الأجواء المناخية التى تغيرت مسارها وغيرت مسار خط سير الجراد.
 
لافتا إلى تعاون مصر والدول الأعضاء فى المنطقة الوسطى فى تطورات الجراد مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" لبحث تطورات الموقف الحالى والمستقبلى للجراد والإجراءات المطلوبة لتعاون تلك الدول فى مواجهته.
 
ولا تتعد الميزانية المرصودة من وزارة الزراعة للمكافحة عن مليونى جنيه سنويا فى الأحوال العادية، وتخصص الدولة للمكافحة من 6 إلى 8 ملايين جنيه فى حالة الطوارئ فقط وهى التى يهاجم فيه الجراد الزراعات المصرية بشكل كبير ومروره بأسراب كبيرة فى الأجواء المصرية حيث تتبع الميزانية وقتها الدولة مباشرة من خلال الخطة القومية لمواجهة الكوارث والمحدد لها ميزانية سنوية بوزارة المالية.
 
وقال الدكتور مأمون العلوى -أمين عام هيئة مكافحة الجراد بالمنطقة الوسطى بمنظمة الفاو - أن المنظمة تتعاون مع وزارة الزراعة المصرية ممثلة فى الإدارة العامة لشئون الجراد والطيران الزراعى فى المكافحة الوقائية للجراد فى المناطق المتوقع فيها الإصابة من خلال الرصد والاستكشاف والحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، وتبادل المعلومات والأبحاث مع مركز أبحاث الجراد الصحراوى بالوزارة، وتوفير الدعم الفنى والمالى للدورات التدريبية فى الرصد والمكافحة وشراء المعدات.
 
ولفت العلوى إلى أن أسراب الجراد تتأثر بالعوامل الجوية، وفى الموسم الحالى الذى بدأ فى نهاية أكتوبر الماضى ظهرت بعض الحشرات الكاملة الانفرادية بزراعات أبوسمبل وتوشكى على مئات الأفدنة، ومع بداية نوفمبر توافدت أسراب من خارج مصر إلى مناطق "العلاقى وأدندان وأبوسمبل ودرب الأربعين والخارجة" حول بحيرة ناصر، ومناطق " أبورماد والشلاتين وبرانيس " على سواحل البحر الأحمر، وحتى نهاية نوفمبر 2012 أتمت فرق الاستكشاف عمليات المسح البيئى لـ66 ألف فدان رصدت فيها إصابات بكثافات مختلفة من الجراد، وتعاملت فرق وزارة الزراعة مع 7 آلاف فدان ومازالت عمليات الاستكشاف والمكافحة جارية حتى الآن.
 
وتوقع أمين هيئة مكافحة الجراد بالمنطقة الوسطى بالفاو توافد بعض أسراب الجراد من شمال السودان، فضلا عن تجمع الحشرات الانفرادية من المناطق المحيطة ببحيرة ناصر الى سواحل البحر الأحمر من أبورماد وحتى حماطة، حيث إن الظروف البيئية والجوية ملائمة لحدوث تكاثر فى تلك المناطق، لذلك تنسق المنظمة بين مصر والسودان لتنظيم مسح مشترك عبر الحدود المصرية - السودانية للتعرف على طبيعة الاصابات ومستوى عمليات المكافحة فى كل جانب، وتبادل المبيدات حال توفر المخزون وعدم الحاجة إليه فى إحدى الدول.
 
وعن خطورة الجراد يقول العلوى بأن سربا صغيرا مكون من مليون حشرة فقط يلتهم 2 طن من النباتات يوميا، ويفضل النباتات النجيلية وهى التى يعيش عليها المصريون بشكل أساسى ويعتبرونها محاصيل استراتيجية كالقمح والشعير والأرز.
 
الدكتور محمد توفيق مستشار وزير الزراعة والرئيس السابق للإدارة المركزية لمكافحة الآفات بالوزارة – علق بأن الجراد الموجود فى الوادى الجديد وشرق العوينات وجنوب مصر هو جراد نطاط وليس له أى علاقة بالجراد الصحراوي، وليس له أى أضرار على الزراعات، وأن ما يشاع فى وسائل الإعلام عن وجود جراد صحراوى عار تماما من الصحة.
 
ورغم تأكيد مسئول منظمة الفاو على وجود أسراب للجراد جنوب مصر الفترة الماضية واحتمال ورود أسراب جديدة من السودان الفترة الحالية إلا أن الدكتور صلاح عبدالمؤمن - وزير الزراعة واستصلاح الأراضى - نفى وجود جراد صحراوى مشيرا إلى أن الموجود جراد عادى تجمع على نوع من الحشائش تسمى "حشيشة برمودا" والتى كانت قد زرعتها إحدى الشركات الاستثمارية بالجنوب، وبعدها توجهت لجان من الزراعة لمعاينة الوضع وتمت مكافحة الجراد، كما تم مكافحته فى الواحات البحرية وتوشكى وحلايب وشلاتين وغيرها.