الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حسم مصير الإخوان والجماعات الإرهابية فى أوروبا

حسم مصير الإخوان والجماعات الإرهابية فى أوروبا
حسم مصير الإخوان والجماعات الإرهابية فى أوروبا




توجه  البريطانيون أمس  الخميس  الى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس عموم جديد بعدما اصدرت رئيسة الوزراء تيريزا ماى قرارا  بحل المجلس بعد الانفصال عن الاتحاد الاوربى فى محاولة منها لقياس شعبية  حكومتها فى الشارع .
وشهدت الانتخابات صراعا محتدما بين حزب العمال و حزب المحافظين  الذى كشفت   استطلاعات الرأى تقدمه بفارق ١٧ نقطة  رغم وجود انقسام واضح فى الشارع البريطانى حيث يقف الاعلام بقوة خلف حزب العمال الذى رفض قرار الانفصال عن الاتحاد الاوربى .
ويرى مراقبون ان الانتخابات الحالية ستكون بداية جديدة لمواجهة الإرهاب فى بريطانيا والقضاء على تواجد الجماعات الإرهابية مثل جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات المتشددة التى احتضنتها بريطانيا فى الآونة الاخيرة.

1 - النظام الانتخابى والحكومى فى المملكة المتحدة

من أجل فهم الانتخابات الحالية والسياسة البريطانية عامة، يجب النظر إلى النظام الانتخابى والسياسى فى بريطانيا، حيث تلعب المؤسسة الانتخابية دورا مهمًا فى الحياة السياسية البريطانية، فوجود مؤسسة ملكية قائمة على مبدأ الوراثة، وكذلك وجود مجلس اللوردات المكون من أعضاء يعينون لمدى الحياة أو يتولون مناصبهم بالوراثة قد يدعو للاعتقاد بأن الانتخابات لا تلعب إلا دورًا هامشيًا محدودا فى الحياة السياسية إلا أن الحقيقة مغايرة لهذا تماما. فالمؤسسات السياسية الوراثية لم يعد لها تأثير كبير فى البلاد. أما الدور الرئيسى الذى تلعبه المؤسسة الانتخابية فيبدو من خلال تفاعلها وتأثرها بطبيعة النظام الحزبى القائم فى البلاد، والتميز بوجود حزبين رئيسيين فيها.
فلقد أدى انقسام الأغلبية الساحقة من الشعب البريطانى إلى تيارين سياسيين رئيسيين «يتجسد الأول فى حزب المحافظين ويتمثل الثانى فى حزب العمال».
إلى زيادة أهمية وفعالية وتأثير المؤسسة الانتخابية فى حياة البلاد، بالنسبة للمؤسسات السياسية الأخرى. فالشعب البريطانى عندما يتجه، مبدئيا مرة كل خمس سنوات، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس العموم. وهذا المجلس الذى يتكون من أغلبية من النواب منتمين إلى أحد الحزبين الكبيرين إنما يقوم بشكل مباشر باختيار السياسة العامة التى يفضل أن تسير عليها البلاد خلال السنوات الخمس التالية، كما يقوم، فى الوقت نفسه، باختيار رئيس الوزراء، الذى سيكون رئيس الحزب الفائز بالانتخابات، وأعضاء الحكومة الذين سيكونون أيضًا من بين أعضاء اللجنة القيادية لهذا الحزب.

2 - الحكومة لم تعد تخشى الصدام مع البرلمان

ونظرا للأهمية البالغة لهذه النتائج المباشرة للانتخابات فى بريطانيا، فإن رئيس الوزراء ومن وراءه بالحكومة، يجد نفسه مسئولا، عن سياسته وأعماله، أمام الشعب أو الهيئة الناخبة وليس أمام أية سلطة أخرى. وفى هذا الأمر تعديل عملى للقاعدة النظرية الرئيسية فى النظام البرلمانى والمتمثلة فى مسئولية الحكومة ورئيس الوزراء أمام البرلمان. فالواقع أن فى بريطانيا لم يعد يخشى حدوث أى صدام حقيقى مع مجلس العموم، وذلك بسبب وجود أغلبية حزبية منضبطة ومؤيدة له ولحكومته، بشكل ثابت داخل المجلس ولذلك لقد عطل هذا الواقع جوهر الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة. وهناك رأى لبعض الخبراء فى السياسة البريطانية أنه لم يعد رئيس الوزراء يحسب حسابًا حقيقيًا إلا للشعب حين يتخذ مواقفه المختلفة من القضايا السياسية والعامة الأخرى ويتجسد هذا الأمر من خلال حرصه على فوز حزبه بالانتخابات العامة المقبلة. وهذا هو ما تم ملاحظته فى الفترة السابقة لولاية دايفيد كاميرون رئيس الوزراء السابق للمملكة المتحدة وخاصة بعد قرار مغادرة الاتحاد الأوروبى من قبل المملكة المتحدة، الذى أثار جدلاً حقيقيًا داخل المملكة بالرغم من أن القرار تم اتخاذه من خلال انتخابات على مستوى المملكة، إلا أنه كان قرارًا مثيرًا للجدل. ومن المتوقع أن يكون الطابع الغالب للانتخابات الحالية هو طابع يعكس قرارات للحكومة السابقة المتعلقة بمغادرة الاتحاد الأوروبى ومكافحة الإرهاب، فهذان الملفان هما الأهم حاليًا على الساحة البريطانية.

 3 - الحكومة اعتادت على حل مجلس العموم

ومن المهم أن ننوه إلى أن حل مجلس العموم قبل انتهاء مدته الرسمية وهو ما قامت به رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماى، قد أصبح نوعا من التقليد المتبع فى بريطانيا الذى يحدث عادة بسبب رغبة الحكومة فى معرفة رأى الشعب فى قضية عامة مهمة ومصيرية بالنسبة للبلاد، أو بسبب رغبتها فى تدعيم قوة الأغلبية الحزبية المؤيدة لها فى المجلس، وفى هذه الحالة الثانية يختار رئيس الوزراء موعد الحل وإجراء الانتخابات الجديدة فى وقت يعتقد أنه أكثر ملاءمة لفوز حزبه. ومهما يكن السبب، فإن هذا الأمر يسمح للناخبين بإبداء آرائهم فى القضايا السياسية فى فترات زمنية غير متباعدة نسبيًا.

4 - حزب المحافظين يتصدر المنافسة

وتتميز الأحزاب السياسية الكبرى فى بريطانيا بطابعها الأيديولوجى المعتدل، وبكونها أحزاب أطر شديدة التنظيم وتعتبر هذه الأحزاب أحزابا أيديولوجية لأنها كانت تاريخيًا تجسد مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية المتباينة. فالحزب المحافظ يعتبر تقليديا حزب الطبقات الأرستقراطية والبرجوازية الكبيرة، وحزب العمال يمثل الطبقة العاملة وحزب الأحرار يعبر إلى حد ما عن مصالح بعض قطاعات البرجوازية الصغيرة وأرباب المهن الحرة إلا أن هذا التقسيم المبسط للأمور لا يمكنه أن يحجب عن الأنظار واقع التقارب الأيديولوجى الكبير بين هذه الأحزاب الذى يتمثل بعدم وجود تناقض بين برامجها وأهدافها السياسية المختلفة.
وأظهر استطلاع لمؤسسة سيرفيشن فى شهر مايو الماضى أن حزب المحافظين الحاكم فى بريطانيا متقدم بفارق كبير بلغ 17 نقطة على حزب العمال المعارض، وأن شعبية حزب الاستقلال المناهض للاتحاد الأوروبى تتراجع بشدة وبين الاستطلاع الذى أجرته المؤسسة لحساب برنامج «جود مورنينج بريتين» أن نسبة تأييد حزب المحافظين الذى تتزعمه رئيسة الوزراء تيريزا ماى بلغ 47٪ مقابل 30٪ لحزب العمال. وبلغت شعبية حزب «الديمقراطيون الأحرار» سبعة فى المئة فى حين قال أربعة فى المئة فقط أنهم سيؤيدون حزب الاستقلال والذى شهدت شعبيته انخفاضا بنحو تسعة فى المئة عن نسبة الدعم التى حصل عليها فى انتخابات 2015 وتقلصت جاذبية الحزب بسبب مغادرة بريطانيا المنتظرة للاتحاد الأوروبى والتزام ماى بالخروج من الاتحاد. ووجد الاستطلاع أن 54٪ من ناخبى حزب الاستقلال قالوا إنهم سيصوتون للمحافظين، وفى حال صحة نتائج استطلاعات الرأى فهذا يعنى أن الانتخابات المبكرة ستنتهى لصالح حزب المحافظين مرة أخرى، وبأغلبية ربما تزيد على الأغلبية المريحة التى يتمتع بها الحزب فى البرلمان حاليا، ولكن ماى تريد من البريطانيين بهذه الانتخابات أن تجدد التفويض لهذا بتنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبى، نظرا للانعكاسات التى سيترتب عليها الخروج.
وبحسب آخر احصائيات واستطلاعات رأى، فإن حزب المحافظين لديه الأفضلية فى الانتخابات الحالية بالرغم من أن الهامش ما بينه وبين حزب العمال الذى يقوده جيريمى كوربين «أكبر خصم لحزب المحافظين» ليس كبيرًا.
وقد تمت ملاحظة وجود دعم إعلامى موسع فى الفترة السابقة لحزب العمال خاصة جيريمى كوربين الذى عارض الخروج من الاتحاد الأوروبى والذى ينتقد الوزيرة تيريزا ماى خاصة بعد تقليصها لميزانية الشرطة فى إنجلترا والتى ربط البعض بين هذا التخفيض فى الرواتب والميزانيات وبين فشل الشرطة البريطانية مؤخرا فى رصد ومنع الأحداث الإرهابية الأخيرة فى إنجلترا.

5 - الرهان على شعبية تيريزا ماى

لذلك فبعد أخذ العوامل السابق ذكرها فى الاعتبار، فإنه من الآمن أن نتوقع فوز حزب المحافظين برئاسة تيريزا ماى، التى قامت بمطالبة إجراء انتخابات مبكرة للتأكد من أنها تحظى بالدعم الشعبى فى المرحلة الصعبة المقبلة والتى ستقود فيها البلاد، وهى تخرج من الاتحاد الأوروبى، وبالرغم من إمكانية فوز تيريزا ماى إلا أن الفوز لن يكون فوزا مريحا كما كان المتوقع على الأقل، إذا كان فوزا مستحقا فى الأصل، وفى اعتقاد الخبراء فهناك فرصة ضئيلة لفوز كوربين، ولكن حتى وإن لم يفز فى هذه الانتخابات، ففى الغالب سياسات حزب المحافظين فى الفترة المقبلة، المليئة بعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، لن تحظى بالشعبية الداخلية وفى الأغلب لن يستطيع المحافظون الفوز فى الانتخابات التالية، خاصة أن المحافظين أنفسهم، وعلى رأسهم دايفيد كاميرون وتيريزا ماى، كانا قد عارضوا الخروج من الاتحاد الأوروبى.

 6 - أزمة تقليص ميزانية الداخلية

وفى المناظرة التليفزيونية الأخيرة لمرشحى الانتخابات فى بريطانيا، هاجم جيريمى كوربين وزيرة الداخلية الحالية والممثلة لحزب المحافظين بسبب تقليصها ميزانيات الشرطة، فيعتبر كوربين هذا الأمر أحد أولوياته وأولويات بريطانيا إذا كانت الدولة جادة فى محاربة الإرهاب ومنعه داخليا، وفى المناظرة التليفزيونية التى رتبتها بى بى سى فى الأول من يونيو، تكاتف خصوم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى لانتقادها بسبب عدم مشاركتها فى مناظرة انتخابية شارك فيها سبعة من قادة الأحزاب البريطانية، بالرغم من أن رئيسة الورزاء كانت قد استبعدت بعد دعوتها إلى إجراء الانتخابات ظهورها فى أى مناظرة، ولكن اتهمت مع ذلك ماى بعدم امتلاكها «الشجاعة»، و«بالهروب من المناظرة» التى رتبتها بى بى سى على مدى 90 دقيقة.