الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

واحة الإبداع.. أبى الثانى

واحة الإبداع.. أبى الثانى
واحة الإبداع.. أبى الثانى




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات للفنانة
مروة عادل


 

 

 

أبى الثانى


بقلم - آية رفعت


دخلت غرفتى مسرعة واغلقت الباب جيداً، دموعى بدأت فى السيل، فلا أستطيع أن اكمل بهذه الإهانات أبداً.. كيف سأعيش كيف ساواجه نفسى بالمرآه.. انظر لوجهى فاجده بائس ولونه اقرب للحمار الممزوج بسواد الحزن والغم. فكم من مرة اسمح له بإهانتى وكم من مرة يوبخنى ولا استطيع الرد..  فلا يمكننى الرد نعم لا يمكننى ولكنى لا استطيع تمالك دموعى التى تنهمر حزنا على ما يحدث لى..
أستدير وأنظر للكرسى الخاص بى أمام مكتبى وأجلس عليه مطاطية الرأس ابكى فى صمت، فتأتى يده لتلمس شعرى برفق وجاء صوته الدافئ لأذنى قائلاً: «كفى يا حبيبتى.. ماذا حدث لكى تحزنى هكذا؟»
رفعت رأسى ونظرت لوجهه البشوش الذى وضع الزمن خطوطه على ملامحه واسندت رأسى إلى صدره قائلة:» أبى.. الم تسمع كيف اهاننى وكاد يصفعنى.. لقد تعبت يا ابى من العيش معه ولم اعد استطيع الصمود. لماذا كل هذا الكم من الاهانات بشكل يومى فلم يطلب منى شىء لم اقدم عليه وعندما أناقشه بمستقبلى أو باى امر لا يستمع الى ويهددنى بالضرب إذا لم اسمع كلامه كله.»
= ولكنى يا ابنتى كلهم ..
قاطعته قائلة:» لا أبداً.. ليس كلهم هكذا فانت أمامى حاليا تستمع لشكواى وتنصت لى ولم تتركنى وحيدة حزينة فى غرفتى انظر لمرآتى واشكى للجدار، تشجعنى قبل أى عمل أريد أن اقدم عليه تدعمنى وحتى أن اخطأت لا توبخنى لا تهيننى لا ترغمنى على اشياء لمصلحتك الخاصة، أتذكر يا أبى عندما نحتنا سويا تمثالا على شكل حصان، وهو أتى ليلا وكسره لى.. أتذكر عندما أتيت من امتحان الثانوية العامة مرهقة، فضربنى ووبخنى على اجاباتى وعندما ارتمت بين ذراعيك هنا.. فلماذا هو لا يوجد به أية صفات مثلك؟ لماذا لا أخاف منك ورغم ذلك احترم رأيك بينما أخاف منه ولا انفذ ما قاله، بل واكرهه واحبك انت.»
رفع يده وملس على وجهى بحنان شديد ونظر لى بابتسامة صافية ووجه مشرق وقبل جبينى ومسح موعى وهو يقول:» وأنا أيضاً أحبك يا اجمل نعمة أرسلها الله لى».
«يا نقمة وابتلاء.. انتى ايتها الغبية». صوت يكسر الصمت انه صوته ماذا افعل.. اتسمع كيف يتحدث الى هناك فرق كبير بيك وبينه. فهو يحمل نفس ملامحك نفس الطول نفس الهيئة ونفس الصوت أيضاً ولكنك تتحدث معى بنبرة حنية على عكس صوته الأجش الذى لا ينطق سوى بالسباب.
_»ايتها الغبية»
= آتية.. استأذنك يا أبى، فابى الثانى يستشيط غضبا عندما لا اجيبه على الفور..
فرد على باتسامته الهادئة المعهودة:» لا يا حبيبتى هو ابيك الاول الفعلى وانا الثانى من صنع خيالك.. فانا معك اينما كنتى ولكن الواقع دائما ما يغلب الخيال فليس لى حول ولا قوة سوى تطييب خاطرك.»
= وهل هذا بقليل أنت الأول بقلبى وستظل الأول وهو الثانى. فكم تمنيت ان تندما معا بالواقع.
_ لا ينفع فالخيال دائما اجمل من الواقع لانه غير ملموس ولا يخضع لقواعد الدنيا من كره وغل وانانية. الآن اذهبى قبل ان يوبخك للمرة الثانية.
نظرت للمرآة وانا ابتسم فكلمات ابى تجعلنى دائما أضحك فهو سند كل فتاة، ولكنى املك اب خاص مختلف عن الباقيين. افتح الباب لاجد نفس الوجه ولكنه عبوس احمر من كثرة الغضب يظل يعلو بصوته ولكنى لم أكن أركز بشىء إلا كلمات أبى.. نظرت على كرسى المكتب الفارغ وابتسمت.وأنا أهمهم: «شكرا لوجودك بحياتى ولن يوجد من يراك بقلبى أو يزحزح مكانتك حتى وإن كان أبى الثانى».