الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإهمال يقتحم «قلعة العريش»

الإهمال يقتحم «قلعة العريش»
الإهمال يقتحم «قلعة العريش»




العريش - مسعد رضوان

«قلعة العريش».. كانت يوما شامخة ترصد بأعين حراسها ضجيج الغزوات، ثم تحولت مع مرور الزمن إلى شاهد وبقايا أثر يعتبر الوحيد الباقى من عبق التاريخ فى مدينة العريش عاصمة شمال سيناء، حيث شهدت هذه القلعة أحداثا تاريخية مهمة، وتعد من أهم القلاع الحصينة، خاصة أنها كانت مركزا للقاء تجار الشام وتركيا وفلسطين فى مصر، لكنها حاليا أصبحت مجرد أطلال بعدما تهدم معظمها وأصبحت مأوى للقطط والكلاب ومرتعا للضالين.
فى حين اكتفت هيئة الآثار المصرية بوضع سياج دائرى عليها لم يمنع العديد من المواطنين المجاورين لها من إلقاء القمامة فيها وفى محيطها، رغم أنه من الممكن أن تصبح أثرا سياحيا مهما وموردا اقتصاديا كبيرا لمصر، خاصة أنها تقع بجوار سوق الخميس الأسبوعى فى حى الفواخرية، وبداخلها بئر عميقة وحديقة ومساكن للجند.
تأخذ تلك القلعة شكلا مربعا بمساحة توازى نحو 600 متر مربع، ومحاطة بخندق لزوم التحصين ثم يحيطها سور مربع يبلغ ارتفاعه حوالى 8 أمتار، وطول كل من ضلعيه الشرقى والغربى 75 متراً، بينما طول الضلعين الشمالى والجنوبى 85 متراً، وفى أعلى السور تنتشر المزاغل، أى الفتحات الصغيرة، التى كانت حامية القلعة تستخدمها لضرب النار من خلالها، ولصد أى هجوم محتمل على القلعة، ويوجد فى كل ركن من أركان السور الأربعة برج مدفع، وفى أسفل كل برج يوجد مخزن «جبخانة» لتخزين القنابل والذخيرة.
ويرجع سبب شهرتها التاريخى لتوقيع معاهدة العريش فى 24 يناير من عام 1800 ميلادية، التى بموجبها تم جلاء الفرنسيين عن مصر ويتشابه تخطيطها المعمارى مع تخطيط قلعتى الجندى فى وسط سيناء والجبل فى القاهرة اللتين شيدتا فى العصر الأيوبى.
وتعتبر واحدة من عدة قلاع تذخر بها شبه جزيرة سيناء ضمن سلسلة قلاع تم إنشاؤها على مر العصور الفرعونية والرومانية والإغريقية والإسلامية للحماية مثل قلاع «الحفن ـ الفرما ـ المحمدية ـ نخل ـ جبل المغارة ـ الطور ـ قاطية ـ الطينة ـ صلاح الدين فى جزيرة فرعون ـ نويبع ـ العقبة ـ الجورة ـ ثارو».
وبحسب عدد من الباحثين فإن القلعة كان يحيط بها خندق كبير يمنع اقتراب القوات الغازية من السور، لكن هذا الخندق لم يبق له أى أثر الآن بعد أن ردمته الرمال نتيجة الإهمال، وزحف عشرات البيوت والمحال التجارية إلى سور القلعة، لدرجة أن الباب الرئيسى للقلعة وهو باب مصفح بالحديد يرتفع لنحو 5 أمتار أصبح حاليا يتوسط سوق البلدة.
وإلى جانبى الباب من داخل السور يوجد 3 غرف، إحداها إلى اليمين وفيها مقر بوليس القلعة، بينما تضم الغرفتان إلى يسار الباب خزنة المحافظة ودفاترها القديمة، وفى صحن القلعة يوجد مبنى كبير بطبقتين، الطبقة العليا تضم منزل الناظر ومفتش المحافظة، فيما تضم الطبقة السفلى ديوان كتاب المحافظة، وإلى الجانب الشرقى من السور يوجد مكتب الناظر والمحكمة الجزئية ومكتبى التلغراف والبريد.
فضلا على ناحية الجنوب تجد منازل البوليس ومسجد يُعرف بالجامع العباسى الذى تم إنشاؤه عام 1898، وبين المبنيين فى الوسط والجنوب توجد حديقة صغيرة، ويوجد بينها وبين بناء الشرق بئر مطوية بالحجر عمقها حوالى 88 قدماً وقطرها 4 أقدام، يميل ماؤها إلى الملوحة، وكان يستعمل للغسيل وسقاية الحديقة والبغال والحمير والخيول والجمال.
وكان صحن القلعة يحتوى على حوض أثرى من الجرانيت الأحمر له قاعدة هرمية الشكل طوله 107 سنتيمترات وعرضه 80 سنتيمتراً وارتفاعه 60 سنتيمتراً، وقد نقش على جدرانه الأربعة كتابة بالهيروغليفية موضوعها الإله شو، ويُقال أن هذا الحجر نُقل إلى القلعة من مدينة جوشن القديمة، وهى قرية صفط الحنة فى محافظة الشرقية حاليا، وبقى فى العريش إلى أن نقلته مصلحة الآثار إلى القاهرة سنة 1907، كما توجد 6 أحجار من الرخام أعلى باب القلعة وضعت فوق بعضها فى خط عمودى ونُقشت عليها بعض الآيات القرآنية.
ولقد ظلت قلعة العريش لقرون طويلة واحدة من أهم قلاع مصر على بوابتها الشرقية، ومنذ أن بناها الفراعنة شهدت أسوارها العديد من الحروب التى تركت آثارها عليها وسطرتها كتب التاريخ على مدار العصور المختلفة، وكانت لسنوات طويلة مقراً للحكم فى شبه جزيرة سيناء التى كانت محافظة واحدة قبل تقسيمها إلى محافظتين.
ويؤكد مسئول فى محافظة شمال سيناء أن هيئة الآثار هى المعنية قانونا بالقلعة كأثر تاريخى فقيدت بذلك حركة المحافظة والمحافظين ضد أى حركة للتجديد أو الإصلاح، لكنها تبادلت معها المراسلات وتقدمت باقتراحات لإدخالها كمزار سياحى يضاف إلى السوق السياحى وعمل مشروع للصوت والضوء.
وأعلن أنه فى عام 2009 وافق المجلس الأعلى للآثار على اعتماد مبلغ 6 ملايين جنيه لتطوير قلعة العريش، وذلك فى إطار سياسة وزارة الثقافة لتمويل المناطق الأثرية ووضعها على الخريطة السياحية، لكنه لم يتم شيء حتى الآن على أرض الواقع.
ويقول مصدر من الآثار فضل عدم ذكر اسمه: كانت هناك محاولة لتنفيذ فكرة عمل مجسم لقلعة العريش فى الحديقة المتحفية فى متحف آثار العريش، لكن الاعتمادات المالية حالت دون ذلك،
ويتابع: وقد تم عمل بعض الحفائر من الجهتين الشرقية والبحرية لتحديد مسار سور القلعة وظهرت الآثار، كما ظهر البرج الشمالى، وبقى استكمال حفائر الجهة الغربية.