الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كمال الهلباوى: تصوير الصراع الحالى أنه (إسلامى ــ ليبرالى) أمر خطير




بعدما أعلن الرئيس دعوته للحوار الوطنى مع النخبة والقوى السياسية ورفضت الجبهة الوطنية للإنقاذ الدعوة، وحضر قرابة 45 شخصية وكانت النتيجة إصدار الرئيس للإعلان الدستورى الجديد وإلغاء السابق مع بقاء نتائجه، وهو الأمر الذى قابلته النخبة السياسية بالرفض وأدى لاستمرار الأزمة السياسية ومن ثم الصراع خاصة مع التمسك بإجراء الاستفتاء على الدستور فى موعده.
وحول قضايا الدولة والصراع الدائر بين جماعة الإخوان المسلمين والقوى السياسية الليبرالية، ونتائج هذا الصراع ومصير البلاد فى ظل الإعلان الدستورى الجديد والاستفتاء على الدستور، حاورنا دكتور كمال الهلباوى، المتحدث الإعلامى السابق لجماعة الإخوان المسلمين فى هذا الشأن.
■ لماذا الاختلاف بين الإسلاميين حتى الآن؟
- طبيعى لاختلاف التحليل وفهم الدلالات واستخراج الأدلة وللعلم علينا التأكيد على أنهم سيظلون مختلفين ليوم القيامة والدليل على هذا أن مادة الدلالة الكلية لا يمكن حصرها حصرا كليا.
■ كيف ترى خطورة أن يرى البعض الصراع الحالى (إسلامى - علمانى)؟
- هذا جنوح وخطر 100٪ ولاحظت أن هناك من يكفر الآخر ويطلق عليه ألفاظ ليبرالى ضد الشريعة وهذا سلفى أو إخوانى مع الشريعة، وما كان لمؤمن قط أن يحكم على الآخر بالكفر فالجنة حق والنار حق وكلها أمور بيد الله، محمد مرسى والجماعة مسئولة عن استشهاد المواطنين فى أعمال عنف، لأن توجيه الصراع كما لو كان بين الدين والكفر من شأنه زيادة الاحتقان بين طوائف الشعب والذى سينتج عنه المزيد من الدماء، ومن العار أننا نقول إن هناك شهيدًا أو قتيلاً من قبل الإخوان المسلمين أو من قبل الليبراليين فحرمة الدم واحدة وجميعهم مسلمون، وبعض المعارضين تقع عليهم المسئولية أيضًا فهناك من يطلبون مساعدة من الخارج، وإشراك المجتمع الدولى لحل مشكلة مصر أو رجوع العسكر إلى الحكم، وهى حلول كلها سيئة وتقبلهم للاعتداء على مقرات الإخوان فى مختلف المحافظات أمر يرسخ العنف والانقسام والطائفية ولا يمكن أن نتقبل فى إطار الحرية والسلم أن يحدث اعتداء على مقرات الإخوان حتى لو كرههم الناس، أن الاحتقان الموجود حاليًا بمصر إذا لم تسع القوى الوطنية وبالتعاون مع الرئاسة لاحتوائه فعلينا توقع المزيد من القتلى، فقد أصبح الوطن مقسمًا ما بين فريق كان رافضًا الإعلان بالكامل، وفريق ثالث لا يقبل كل ما فى الإعلان، وإنما يقبل منه ما يتفق مع أهداف الثورة، وحتى الإعلان الدستورى الجديد اختلفوا حوله.
■ وماذا عن الخلط بين الدين والسياسة؟
- الدين لا يأمر بالمعصية أو التخلف أو العنف أو الكذب أو الخداع أو المراوغة ولكن ما يحدث من قبل الإسلاميين العاملين بمجال السياسة تطبيق الشكل غير الجوهر، وقد يرتدى الناس ثوب الدين وهم شياطين وعلينا التأكد أن الدين سواء كان للمسيحية أو اليهودية أو الإسلامية لا يحث على العنف أو الكره أو الانقسام.
■ هل ترى أن هناك اتجاهًا للدولة من أجل أخونة الأزهر والأوقاف؟
- هل المقصود من التساؤل هو أخونة الأزهر ولا أزهرة الإخوان، وأيًا كان المغزى والمعنى فإن الدين سلوك وسطى معتدل وسواء مارسه الإخوان أو السلفيون، والأزهر لن يكون مع دعاوى التشدد والجمود حتى لو سعى أى تيار لذلك فتاريخ الأزهر وشيوخه سيأبى ويحول دون تلك المحاولات، فالأخونة أو الأسلفة كلام مرفوض ولن يحدث.
■ الخلاف الدائر حول الإعلان الدستورى القديم واستمرار الأثر الناتج عنه وإصدار إعلان جديد.. كيف ترى سياسات الرئيس حيال ذلك؟
- كان على الرئيس عندما تراجع عن الإعلان الدستورى السابق وأنه أصدر إعلانًا دستوريًا جديدًا فإنه لا يصح إلا أذا استشار فيه القامات والخبرات الدستورية التى بمصر وألا يكون دون انحياز لأحد ودون إعطاء سلطات تكاد تكون فرعونية ولا يؤدى للاعتداء على أى سلطة وإذا توافرت تلك الاشتراطات فلو كانت توافرت تلك المواصفات فكان سيحظى الإعلان بقبول الشارع حتى لو اعترضت النخبة.
■ طالبت بعض القوى بإلغاء الاستفتاء على الدستور.. فكيف ترى مشروعية تلك المطالب؟
- بالطبع كنت مع ضرورة تأجيل الاستفتاء مثلا ربما 3 أو 6 شهور على الأقل من أجل إتاحة الفرصة لجميع القوى السياسية سواء كانت ليبرالية أو إسلامية من أجل دراسة مشروع الدستور مادة مادة ومناقشته على الملأ والتوافق حول المواد المختلفة والتى أدت لخروجهم من الجمعية التأسيسية للدستور.
■ هل أنت ممن طالبوا بإعادة تشكيل اللجنة؟
- للأسف الجمعية التأسيسية لم يكن بها إدارة حوار كما يجب بين كافة القوى وانسحب العديد منها، ولم يتم دراسة المواد دراسة مستفيضة، وهل يمكن القول أن هذا هو دستور مصر ووثيقة 25 يناير، وهل هؤلاء قادرون على التأريخ للثورة والذى كلف هذه الجمعية أن تضع وثيقة الثورة كان عليه أن يتيقن أن بها قيادات فكرية وفقهاء وعلماء وأساتذة لهم القدرة على الوصول لدستور قوى، فالرسول يقول «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» وليس أن يسلقه كما حدث الآن مع دستور مصر، فالرسول عندما وضع دستور المدينة فى مجتمع مختلط به أنصار وأوس وخزرج ومسلمون ومسيحيون ويهود وبنو عامر وغيرهم ووضع دستور أمة لهم جميعًا وليس للمسلمين.
■ كيف ترى دعوة الرئيس للحوار؟
- الأزمة كانت بسبب غياب ثقافة التفاهم بين الجميع والميل للصدام وبالتالى الحوار خطوة جيدة، ولكن الحوار له مكان وزمان وظروف وموضوعات وملابسات معينة، والحوار لابد أن يكون أكبر من مجرد دعوة للقاء برئاسة الجمهورية ويحضره جزء بسيط من المعارضة ولا يمثل الأغلبية من القوى السياسية وبذلك سيظل الحوار الكامل والجاد والانقسام موجود والمظاهرات مستمرة، هو الحل الوحيد، وذلك لإعادة بناء الثقة بين كل الأطراف وكان أملى أن يحضروا الحوار أو على الأقل يرسلوا مبعوثين منهم ليحضروا، وذلك لتوضيح أسباب اعتراضهم، حينها يمكن أن يذهبوا بمشروع دستور آخر يعالج ما يرفضونه فى مشروع دستور الجمعية التأسيسية.
■ ما انطباعك عن نتائج الحوار الوطنى؟
- كان من نتائج الحوار الوطنى أن أعلن الرئيس الإعلان الدستورى الجديد وألغى الإعلان القديم ولكن بقيت آثاره ومن ثم استمر إجراء الاستفتاء الشعبى فى موعده وهو الأمر غير المقبول فطالما تمكن من إلغاء الإعلان الدستورى السابق والإعلانات الدستورية المتعلقة بالمجلس العسكرى فإنه من الممكن ألا يتعلل بالمادة 60 من الإعلان الدستورى السابق وكان بإمكانه تأجيل الاستفتاء، وبالتالى لم يقدم الإعلان الدستورى سوى قليل من المتنفس للمعارضة والشعب.
■ هل بذلك قد تمكن من التواصل مع النخبة السياسية بتلك الإجراءات، رغم عدم حضورهم الحوار الوطنى؟
- بالطبع رغم انتقادى لعدم حضور النخبة لاجتماعات الحوار الوطنى، ألا أنهم لديهم بعض الحق بعد ظهور نتائج الحوار، كما أنه لم يكن منظمًا وله أجندة واضحة وتقريبًا كان أشبه بحوار مع النفس، فلم يحضره المعارضون للرئيس ولكن حضر الموالون له والمحسوبون على النظام ومن ثم لم يعد الثقة للنخبة فى جدوى الحوار مع الرئاسة.
■ متى تتوقف المظاهرات والاحتجاجات؟
- بالطبع لن يتوقف وربما ستزيد الأمور سوءًا عند حلول موعد الاستفتاء الشعبى على الدستور فقد يصبح يومًا دمويًا، وتكثر المشاجرات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس ومحاولات لمنع الناخبين من الذهاب لمقرات الاستفتاء.
■ نتيجة الاستفتاء ستكون بـ«نعم» أم «لا»؟
- بالطبع حتى لو صوتت الأغلبية بنعم، فستكون أغلبية قليلة، بمعنى أنها لن تمثل ثلثى الناخبين أو أكثر، لأن الإعلان الدستورى الجديد لم يشترط العدد.
■ كيف رأيت وضع القضاة فى عهد الرئيس مرسى؟
- ليس القضاة فقط فى خطر، فالرئيس عندما قرر تحصين قراراته كان البلد كله فى خطر لأن الانقسام أشد من الأمراض المعدية والطائفية والروح الاستعلائية.
■ هل عادت هيبة القضاء بعد إلغاء تحصين قرارات الرئيس؟
- لا فما زالت هيبة القضاء ضائعة فالقضاة رفضوا تمرير الدستور والاستفتاء عليه ورغم ذلك صمم الرئيس على إجراء الاستفتاء فى موعده رغم رفض القضاة.
■ طالب وجدى غنيم بضرورة إقامة الحد ومحاكمة المعارضين بتهمة الانقلاب على الحاكم الشرعى.. فإلى أى مدى تتوافق مع تلك المطالب؟
- الناس المتشددون لا يسمع إليهم لأنهم يظنون أنهم يضعون الجنة والنار كيفما شاءوا، وهؤلاء ليس لهم دور فى التشريع، فكيف يحكم بتطبيق الحدود والشعب لا يجد قوت يومه وهناك 9 ملايين لا يستطيعون الزواج والعدالة الاجتماعية بعيدة عن أغلبية الشعب، كما أنه لا يمكن أن نتهم القوى السياسية المعارضة بتهمة قلب نظام الحكم لمجرد النقد والاعتراض فهم لم يتآمروا ضد مصلحة البلاد.
■ ماذا عن المظاهرات وانقسامها ما بين إسلامية وليبرالية؟
- كل واحد يقود مظاهراته بعيدًا عن الآخر بسلمية ودور الأمن الحفاظ على السلمية، ويتحمل الرئيس وأجهزة الأمن حمايتهم وعدم الإضرار بهم سواء من كان أمام الاتحادية أو أمام رابعة العدوية وغيرهما. ولم يكن يجب أن تتظاهر الجماعة فى موضع تظاهر القوى الأخرى التابعة للمعارضين والاشتباك معهم وخلع خيامهم.
■ كيف ترى مطالب الثوار بعزل الرئيس؟
- المطالب المتعلقة بالعزل والرجوع لنقطة الصفر تمثل خطرًا وستؤدى لحدوث أخطار أخرى فالمرض يولد أمراضًا أخرى، وكل الدعوات الخاصة بعزل الرئيس لا تصب لصالح الوطن، والفرقة والانقسام والانشقاق والعودة للوراء مرفوضة.