الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

هل أخطأ البنك المركزى برفع الفائدة؟

هل أخطأ البنك المركزى برفع الفائدة؟
هل أخطأ البنك المركزى برفع الفائدة؟




كتب – أحمد زغلول


انتقادات عديدة وجهت للبنك المركزى فى اليومين الماضيين بعد أن فاجأ السوق برفع الفائدة بنسبة 2% باجتماع لجنة السياسات النقدية الأخير الذى عُقد يوم الخميس الماضى، وتمثلت أوجه الاعتراض على القرار فى أنه يعرقل حركة الاستثمار ويؤثر على تداولات البورصة، كما أنه، بحسب المنتقدين، يمكن أن يتسبب فى زيادة ركود السوق، كذلك أبدى البعض تشككه فى فاعلية القرار وقدرته على مواجهة التضخم.
مُبرر رفع الفائدة
لكن ومن جانبه أورد البنك المركزى مبرراته وأسبابه التى دفعته إلى رفع سعر الفائدة 200 نقطة أساس،حيث أكد، بصفة عامة، أن القرار جاء استهدافًا لتحجيم التضخم، والحفاظ على القيمة الشرائية للجنيه، مؤكدًا أن الرفع سيكون لفترة مؤقتة.
وذكر «المركزى»، أنه تخفيفًا للآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء وكذلك ارتفاع ضريبة القيمة المضافة ، وفى ضوء النتائج الايجابية للسياسة النقدية والتى بدأت منذ نوفمبر 2016، فقد قررت لجنة السياسات النقدية للبنك المركزى رفع سعر الفائدة 200 نقطة أساس.
وأشار البنك المركزى إلى أن المعدل الشهرى للتضخم العام حقق 1.7% فى مايو 2017 مثل الشهر السابق، فى حين ارتفاع معدل التضخم الأساسى إلى 2% فى مايو من 1.1% فى إبريل، ولقد كان ذلك بسبب ارتفاع مساهمة الحج والعمرة لتسجل 36% و44% من نسبة التضخم العام والأساسى على التوالى، ويعد ذلك ارتفاعًا مؤقتًا يتوقع انحساره خلال فترة وجيزة.
ولقد سجل معدل التضخم  العام السنوى انخفاضًا من 31.5% إلى 29.7%، وذلك انعكاسًا لقرارات السياسة النقدية بالإضافة إلى تأثير فترة الأساس من العام الماضى.
وعلى الرغم من ذلك ، وبعد استبعاد أثر الصدمات المؤقتة، استمر التضخم الضمنى مرتفعًا عن المسار الذى يتسق مع معدل التضخم المستهدف من قبل البنك المركزى ، الأمر الذى أدى باللجنة إلى اتخاذ قرار رفع الفائدة فى اجتماع الخميس، وأكد البنك المركزى أنه سيتخذ من القرارات ما تمكّنه بحكم صلاحياته القانونية من تخفيض التضخم إلى 13% فى الربع الأخير من العام المقبل.
ردود على الانتقادات
وفيما يتعلق بالانتقادات التى واجهها القرار، وأولها أنه سيؤثر على الاستثمار فى البورصة المصرية، حيث سيدفع المستثمرين «للاستسهال» فى إيداع أموالهم فى البنوك لأنها ستحقق لهم عوائد كبيرة، ومن ثم ستنسحب جزءًا من الاستثمارات فى البورصة إلى خزائن البنوك، وهذا الانتقاد مردود عليه بأن البنوك التى تتلقى مدخرات الأفراد عززت من استثماراتها فى الأوراق المالية فى الفترة الأخيرة.
وقد رفعت البنوك من استثماراتها فى الأوراق المالية للقطاع الخاص، إلى 74.5 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى، كما ارتفعت الاستثمارات فى الأوراق المالية الخاصة بالقطاع العام إلى 400 مليون جنيه، والأوراق المالية الحكومية إلى تريليون و459.5 مليار جنيه.
ومن المتوقع أن تزداد استثمارات البنوك فى البورصة مع ارتفاع حجم السيولة لديها بارتفاع قيمة الودائع، وهو الأمر المتوقع مع ارتفاع الفائدة على الحسابات وشهادات الاستثمار، ولأن البنوك ستكون فى حاجة إلى استثمار هذه السيولة التى حصلت عليها بتكلفة مرتفعة، وفى أدوات تحقق عائدًا سريعًا، ومن بين هذه الأدوات البورصة، ومن ثم فمن المتوقع أن تستوعب البورصة تأثيرات رفع الفائدة والتى يعتبر العنصر «النفسى» جزءًا منها.
أما الانتقاد الثانى والذى يتمثل فى أن رفع الفائدة من شأنه أن يزيد تكلفة الاقتراض الحكومى بموجب أدوات الدين، فإنه أمر لا يمكن إنكاره، حيث إن الحكومة تقوم بالاقتراض لمواجهة عجز الموازنة العامة بموجب أدوات الدين، لكن الجانب الايجابى لقرار رفع الفائدة سيكون جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لأدوات الدين الحكومية، وهو ما يساهم فى استقرار سوق الصرف، ويساعد فى عدم انفلات أسعار الفائدة على أدوات الدين، حيث إن طلبات الأجانب للاستثمار فى أذون الخزانة، يدعم تغطية هذه الأدوات بسعر فائدة وإن كان مرتفعًا بالأساس، لكن لن تتم المغالاة فى فى أسعار فائدة التغطية.
وفيما يتعلق بتأثير رفع الفائدة على الاستثمار ومعدلات النمو الاقتصادى، فقد أوضح د.فخرى الفقى، مساعد المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى سابقا، أن رفع اسعار الفائدة ليس له أى تأثير على الاستثمار لأن تأثيراتها قصيرة الأجل والاستثمار يتأثر بالأسعار طويلة الأجل.
أما تأثيرات رفع الفائدة على التضخم، فإنها إحدى أهم الأدوات التى يمتلكها البنك المركزى لمواجهة ارتفاع الأسعار، باعتبار أن أحد الأهداف الرئيسية للبنوك المركزية هو الحفاظ على الأسعار فى الأسواق عند حدود مقبولة، وقد أعلن البنك المركزى مؤخرًا أنه يستهدف معدل تضخم 13% فى الربع الأخير من العام المقبل، وذلك يتطلب جهودًا مضنية لا سيما أن قرارات الاصلاح الاقتصادى أدت إلى زيادات غير مسبوقة فى الأسعار بالأسواق.
ولجأت بنوك مركزية كبرى فى العالم إلى رفع أسعار الفائدة إلى ما يزيد على 20% فى أوقات الأزمات، وهى قرارات فى الأساس اضطرارية، وقد لجأ إلى رفع الفائدة إلى 20% مجلس الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى)، فى سبعينيات القرن الماضى عندما تخلت الولايات المتحدة عن معيار الذهب ما تسبب فى تراجع الدولار وارتفاع سعر الذهب.
ولم ينته التضخم حتى رفع الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة حتى وصلت إلى 20% فى بداية الثمانينيات ضمن محاولاته لكبح ارتفاع التضخم.
وإلى جانب ما سبق فقد كان ضروريًا رفع الفائدة، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات 30%، حيث إنه مازال العائد على مدخرات الأفراد سلبيًا بالنظر إلى مستوى التضخم، ومن ثم فإن أحد أهداف القرار الحفاظ على مدخرات الأفراد، بقدر الإمكان، من تآكل قيمتها لدى الجهاز المصرفى، كما أن الرفع الأخير يعطى البنوك فرصة لتقليص الفارق بين ما تدفعه من عوائد على الإيداع، وما تتحصل عليه من عوائد الاقراض، حيث مازالت مستويات الفائدة على الإقراض فى حدود 16.5%.