الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

سماح الحريرى: تأثرت بأسرتى الموسيقية والقراءة تنقذنى من صدأ العقل

سماح الحريرى: تأثرت بأسرتى الموسيقية والقراءة تنقذنى من صدأ العقل
سماح الحريرى: تأثرت بأسرتى الموسيقية والقراءة تنقذنى من صدأ العقل




حوار - مجدى الكفراوى

لم تبتعد كثيرا عندما ضلت طريقها من الغناء إلى الكتابة باعتبار أن الإبداع يأتى من مصدر داخلى واحد.. اتجهت لكتابة الدراما عن عشق واقتناع بدورها وأثرها فى الواقع، ولثراء الحالة الوجدانية التى تخلقها الكتابة ونسج العلاقات والأشخاص فانغمست فى هذا العالم حتى النخاع.. هى الكاتبة المبدعة سماح الحريرى صاحبة الروائع «الحقيقة والسراب – القاصرات – ساحرة الجنوب- الحلال» فى حوار لروزاليوسف.. فإلى نصه.

 

■ البداية كانت فى محراب فن مغاير «موسيقى عبد المنعم الحريري» حدثينا عن تلك الفترة «الطفولة والنشأة»؟
- نشأت فى بيئة فنية موسيقية، فقد كان لأبى الموسيقار الراحل عبد المنعم الحريرى أكبر الأثر فى تشكيل حس تذوق الفنون لدى أنا وإخوتي، وعائلة الحريرى أسرة موسيقية عريقة، فجدودى هم مرسى الحريرى ودرويش الحريرى وهما من أساطين فن الموشح، وكذلك عمى مصلح الحريرى الذى كان من الموسيقيين المخضرمين فى تدريب أهم الأصوات التى أبدعت وأمتعتنا فى فترة الخمسينات، وكان أبى رحمة الله عليه يحيطنا بالموسيقى فى كل تفاصيل حياتنا، ويحول لنا الكلام العادى لألحان،  وكانت أجمل لحظاتنا حين نتجمع حوله فى «فراندا الفيللا» بحلوان لنستمع إلى عزفه على العود أو الكمان ونغنى معه ويصلح لنا أى أخطاء أو نشاز، وكان يأخذنا كثيرا فى رحلات نيلية أو بحرية ويعزف لنا على الكمان وسط الماء فى ليالى لا تنسى.
تأثرت بهذا المناخ كثيرا ووهبنى الله صوتا يشهد له المتخصصين والمحيطين بى ولكنى لم أحسن استغلاله، واتجهت لكتابة الدراما عن عشق واقتناع بدورها وأثرها فى الواقع، ولثراء الحالة الوجدانية التى تخلقها الكتابة ونسج العلاقات والأشخاص، وانغمست فيها حتى النخاع وأصبح الغناء هو حالة مزاجية خاصة جدا.
ولكن يبقى للنشأة أكبر الأثر فى تشكيل الحس الفنى والقدرة على التذوق، فالفنون متماسة ومتقاربة وجميعها مصدر الإحساس المرهف.
■ ماذا تمثل القراءة بالنسبة لك؟
- القراءة هى مصدر الزخم العقلى والروحى للفنان، هى الأساس الذى يشكل العقل فبدونها من أين يتأسس العالم، مهما كانت عقلية الشخص غنية فهى بحاجة لاكتساب خبرات الآخرين والإطلاع على عوالم مختلفة ذات مذاقات متنوعة، فأنا مثلا أحيانا أشعر وكأن عقلى فى حالة صدأ، غير قادر على الإبداع أو الاسترسال مع الحالة الفنية التى أعيشها، ولا ينقذنى فى هذه الحالة سوى القراءة، فأنفصل تماما عن حالتى الفنية وانغمس فى حالة فنية مكتملة لأديب أو روائى أحبه، لأعود بعدها أكثر تدفقا وثراء، ويزول الصدأ وأكمل عملى بتدفق.
■ ما تقييمك للرواية العربية الآن وهل تتفقى مع أننا فى زمن الرواية؟
- الرواية العربية يتجدد ازدهارها من فترة لأخرى، لا تسير على وتيرة واحدة، ولا تخبو أبدًا، كل حقبة لها ما يميزها من روايات وروائيين، ودائما لدينا متميزين وعباقرة فى الرواية، وأرى أنه لا يصح أن نقول إننا فى زمن الرواية وإلا أى زمان كنا فيه مع نجيب محفوظ العملاق، وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ويوسف السباعي، ومن أتى بعدهم من أساتذة عظماء شكلوا وجدان الشعوب قبل غزو التليفزيون ثم الفضائيات ثم وسائل التواصل الاجتماعى.
■ كيف ترين حركة النقد فى مصر؟
- الحركة النقدية متذبذبة، فأحيانا تزدهر وتتسم بالموضوعية والحيادية وتبدو احترافية تماما، وأحيانا أخرى تخضع للأهواء والميول وتبتعد عن الموضوعية أو تتسم بالسطحية ويتم التعامل معها كمهنة ومصدر دخل، ولكن بنظرة عامة لدينا نقاد يتعاملون بمهنية عالية ويقودون حركة النقد العربى بجدارة.
■ ما الفرق بين كتابة المسلسل وكتابة الرواية؟
- هناك فرق كبييير بين كتابة المسلسل والرواية، فالرواية مهما كانت دقيقة وتفصيلية لا يمكن أن تستوعب تفصيلات المسلسل وتنوعاته، العمل الدرامى هو فن معاش، وتفصيلى ومتشعب وأشخاصه عبارة عن دم ولحم، كما أن المسلسل لا بد أن يحتوى على أحداث ساخنة ومثيرة لجذب المشاهد ولجعله يرتبط بمتابعته، وهناك أيضا فرق كبير، فالرواية قد يحتل خط منها فصل كامل أو جزء طويل متماسك ومتكامل فى حين أن المسلسل لا بد أن يوفر الكثير من التنوع والتقافز بين الخطوط لتوفير الثراء الفنى والإشباع لدى المتابع، على عكس الرواية التى قد يمتد قارئها فى متابعة خط واحد لمدة طويلة مادام مكتوب بإتقان وحرفة وبلا ملل.
■ ما تقييمك للأعمال الدرامية التى عرضت فى رمضان؟
- الأعمال الدرامية المعروضة هذا العام أغلبها ممتاز،لا شك أن السنوات الأخيرة تميزت فيها الدراما المصرية واستعادت مكانتها بعد أن ترهلت لسنوات وتراجعت، فقد مررنا بسنوات قاسية، ساءت فيها سمعتنا الفنية وأعطينا الفرصة لآخرين أن يتصدروا المشهد الفنى عربيا، وأنا لست ضد صعود الفن عامة فى كل الوطن العربى وأحبذ المنافسة بشدة، ولكن ضد تراجع بلدى التى استمرت طوال السنين الماضية هى رمز الفن والتميز والبريق والإبداع.
دخول مخرجى السينما ثم دخول شباب المخرجين والمؤلفين والانفتاح على الأفكار الجديدة والغريبة، أعطى ثراء للأعمال الدرامية وقفز بنا قفزة واسعة للأمام أتمنى أن تصبح فى اضطراد دائم لتظل مصر منارة الفن والإبداع.
■ ما أحب أعمالك إلى قلبك ولماذا؟
- أحب أعمالى إلى قلبى هو (الحقيقة والسراب)،لأنه كان بداية طريقى مع مخرج كبير هو مجدى أبو عميرة، الذى كان يتنافس على العمل معه كبار المؤلفين والنجوم والمنتجين، وتحمس لعملى أنا المبتدئة، وكذلك فإن هذا العمل منحنى شهادة تقدير على صدرى لازلت أفتخر بها، حين قرأه الراحل العظيم أسامة أنور عكاشة ليقيمه، وكتب به تقرير أشبه بأشعار المديح دون أن يعرفني، بل لأنه كان مهاجما لكم التقارير التى كتبت للإشادة بالعمل ظنا منه أن الكاتبة تحمل واسطة أو جواز مرور من أحد الكبار، ولكنه حين قرأه كتب ما تجاوز كل المديح وأوصى بالإنفاق عليه وجلب نجوم كبيرة للعمل، كما اننى أعشق «القاصرات» لأنه كان يتناول قضية شائكة فى وقت حرج، وهى فترة تولى الإخوان حكم مصر، وكان هذا العمل تحدى صارخ لما كانوا يسعون إليه.
وأرى فى ساحرة الجنوب باب واسع انفتح لكتاب الدراما لتناول هذا اللون من القضايا الغيبية، وقد حقق نجاح منقطع النظير.
■ متى ستبدأين الكتابة للسينما؟
- الكتابة للسينما بالنسبة لى قرار مؤجل، لأن السينما لها قوانينها التى أرى أنها لا تناسبنى لهذا فلابد أن تتوفر شروط خاصة لاستطيع الإقدام على تلك الخطوة، أهمها التفاهم التام والكيميا الفنية العالية بينى وبين المخرج لنكون على «تراك» واحد أثناء تنفيذ العمل، حتى لا أفاجأ بأن ما يعرض ليس هو ما كتبته، أو أنه قد أضيف إليه ما أرفضه أو أتحفظ عليه نظرا للرؤية التجارية والتسويقية التى تسيطر عل الإنتاج السينمائى.
■ فى تصورك ماذا ينقص الدراما المصرية؟
- ما ينقص الدراما المصرية أولا التحرر من سطوة النجم، فهى ما تجعل الكثير من الأعمال تخرج ضعيفة عما هو متوقع لها،.وكذلك الحد من تدخلات بعض المخرجين فى النص تحت دعوى فهمه للدراما أو تحت دعوى راحة الممثلين، فلابد من احترام التخصص، المؤلف هو المسئول الأول والأخير عن المكتوب، لذا لا بد من ترك السطوة الكاملة له فى صياغة النص مع الاحتفاظ بكامل الحق للمخرج فى المناقشة والاعتراض لكن التغيير لا بد أن يكون بيد المؤلف، لا شك أن هناك بعض الأمراض فى العملية الفنية بمصر لا بد أن تحجم لمزيد من الكمال والنجاح والانتشار.
■ ما تقييمك لأداء المؤسسة الحكومية المشتغلة بالثقافة؟
- المؤسسات الحكومية كوزارة الثقافة أو مدينة الإعلام أو قطاع الإنتاج وصوت القاهرة، لم يعد لهم أى وجود فى عملية الإنتاج الفنى للأسف، فقد تراجعوا تماما مع انتشار القنوات الخاصة والتكتلات الإنتاجية الضخمة وتحكم رأس المال فى السوق وسطوة قانون المنافسة، ولا ننكر أن طغيان المنافسة قد أثرى العملية الفنية وارتقى بمستوى الدراما، ولكن لماذا لا تدخل تلك المؤسسات إلى الحلبة لتنتج وتدعم وتنافس، لا شك أن هناك الكثير من المشروعات الضخمة التى تنتظر دعم جهة حكومية لأن الجهات الخاصة تبحث عن المضمون والمربح، ولكن الجهات الحكومية عادة يكون لها دور بجانب المكسب والربح، لذا لا بد من عودة دور المؤسسات الحكومية لمزيد من الاتساع فى تناول القضايا والموضوعات الضخمة والمهمة.