الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكويت.. دبلوماسية الاعتدال مع حكام الدوحة المتطرفين

الكويت..  دبلوماسية الاعتدال  مع حكام الدوحة المتطرفين
الكويت.. دبلوماسية الاعتدال مع حكام الدوحة المتطرفين




كتب - خالد عبدالخالق


من الصعب ان تمارس دولة  دبلوماسية الوساطة بين طرفين غير متجانسين؛ طرف يدعوا الى محاربة الإرهاب ونبذ العنف والتطرف والطرف الاخر يدعم الإرهاب ويموله، بل ان وجوده قائم على دعم تلك الجماعات الارهابية، لذلك يكون موقف الطرف الوسيط هو الاصعب خاصة فى المراحل الاولى من الأزمة، الكويت هى الدولة الوحيدة المقبولة للقيام بدور الوساطة خاصة وأن السعودية طرف فى تلك الازمة لذلك تقدم الدور الكويتى على- الدور العمانى -  لكن لماذا الكويت؟ لان الكويت تقف دومًا على الحياد فى الأزمات والخلافات السياسية التى تظهر بين دول الخليج العربية وسبق ان قام امير الكويت بدور الوساطة فى اعقاب ازمة سحب سفراء السعودية والامارات والبحرين من قطر عام  2014 ونجح فى ازلة الاحتقان؛ الا ان تصرفات امير قطر ومخالفته وتراجعه عما تم الاتفاق عليه ادت الى ان أصبح يقيناً  لدى الدول المقاطعة ان تميم غير جاد ومدرك لما يقوم به من تصرفات وانه لن يغير سياساته الداعمة للجماعات الإرهابية والعنف والتطرف.
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من القيادات الخليجية التى شهدت تأسيس مجلس التعاون الخليجى قبل نحو 37 عاما لذلك يصعب عليه ان يرى الخلافات بين الاعضاء قد تؤدى الى تفكك هذا الاتحاد الذى ظل قائما رغم كل التحديات ، حتى ان امير الكويت قال «ليس سهلًا على من هو مثلى عندما يكون حاكمًا أن يقف صامتًا دون أن يفعل كل ما باستطاعته للتقريب بين الأشقاء وهذا واجب لا أستطيع التخلى عنه». والكويت من خلال اميرها تعمل على رأب الصدع لكن تميم  يصر على التمادى فى الاخطاء والمحظور.
قطر تستغل الوساطة الكويتية فى تدويل عملية المقاطعة وقد ظهر هذا جليا من خلال الزيارات التى قام بها وزير خارجيتها الى عدد من العواصم الاوروبية ونشاط رئيس وزرائها ووزير خارجيتها السابق حمد بن جاسم فى واشنطن، اضف الى ذلك الزيارات التى شهدتها الكويت والرياض خلال الاسبوع الجارى فقد زار الكويت خلال الاسبوع الجارى وزير الخارجية الامريكى ريكس تيلرسون وقبله كان نظيره الالمانى زيغمار غابرييل، ونائب أمين عام الأمم المتحدة جيفرى فيلتمان، ووزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون.
الملاحظ ان تصريحات المسئولين الأوروبيين والامريكيين لم تأت متماشية مع المطالب التى قدمتها الدول الاربع للكويت لتسليمها للدوحة وهذا يشير الى عدد من الامور وهى:
 • إن الموقف الأوروبى والأمريكى من محاربة الإرهاب غير واضح بالرغم من التصريحات التى نسمعها من المسئولين بين الحين والاخر عن محاربة الإرهاب، لانه حتى الان لم نر ضغطًا أوروبيًا او امريكيًا على قطر بل كانت هناك تصريحات تصب فى صالح قطر او انها تتضامن مع الدوحة، ريكس تيلرسون نفسه قال فى أعقاب الكشف عن المطالب 13 التى قدمتها الدول للدوحة ان المطالب يجب ان تكون «واقعية وقابلة للتنفيذ»، وزير الدفاع الامريكى  كان له تصريحات عن التعاون العسكرى وقاعدة العديد اعتبرتها الدوحة دعم لها فى تلك الأزمة.
• وزير الخارجية الألمانى تحدث عن استبعاد العمل العسكرى من الازمة وأن تعاون استخباراتى بين الدوحة وبرلين بمقتضاه سوف تقدم الدوحة اى استفسارات أو معلومات تطلبها المانيا عن الإرهاب، بريطانيا هى الاخرى لا تختلف عن سابقيها.
• قطر تعمل على نقل الأزمة الى مرحلة تبدل الأدوار بمعنى انها الان تهدد باتخاذ إجراءات ضد الدول المقاطعة وطلب تعويضات عن الخسائر التى لحقت بها وقد تحدّث وزير الخارجية القطرى عن لجوء بلاده إلى القضاء ضد ما سمّاه بـالحصار غير المشروع، وفى هذا اشارة الى انها قد تلجأ الى الأمم المتحدة ومجلس الامن وهذا معناه دخول أطراف أخرى للازمة كروسيا لها سياسات ومصالح متباينة مع الحليف التقليدى القديم للخليج وهى أمريكا . كما امهلت الدوحة الدول الاربع 3 ايام قبل ان تنسحب من مجلس التعاون الخليجى .
الزيارات السابقة للكويت تشير الى انها تحظى بدعم وتأييد دولى فى موضوع الوساطة، لكن حتى الان الكويت غير مخولة سياسياَ لان تطرح رؤية او موقف يمكن ان يتم البناء عليه لان قطر تكابر وتتمادى فى تحدى ارادة الدول الأربع. لذلك فان الدور الكويتى فى تلك الازمة ربما يختلف اسلوب عمله ودوره عن ازمة 2014 . موقف الكويت الحالى هو محاولة تهدئة الامور وان كانت وصلت الى تصعيد ومن المرجح ان يزداد التصعيد خاصة ان قطر بدأت هى الاخرى بالتصعيد والتهديد، وهى بذلك تنقل الازمة من مرحلة فرض الشروط من قبل الدول الاربع الى فرض شروطها كالانسحاب من مجلس التعاون الخليجى والمطالبة بتعويضات عما لحق بها من خسائر جراء المقاطعة.
اطراف الازمة فى المرحلة الثانية بعد رفض الدوحة مطالبات الدول الأربع واعلان الدوحة عن مطالب جديدة لها، الوسيط الكويتى  يلعب على هذه المتطلبات بأن يصيغ الأقرب إلى التنفيذ ثم ما يليه، امريكا وبريطانيا يدعوان للحوار لاحتواء الأزمة، إيران وتركيا اكبر المستفيدين حتى الان من الازمة، وروسيا مرشحة للعب دور اكبر  حال لجوء الدوحة لمجلس الامن . ومن ثم فانه يتوجب على امريكا القيام بدور اكبر فى تلك الازمة لان الموقف الامريكى بهذا الشكل من شأنه تشجيع اطراف اخرى كروسيا للدخول فى تلك الازمة والتدخل مباشرةً فى شئون الخليج بعد ان تدخلت فى قضايا المنطقة بنجاح كبير.