الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكنائس المصرية: الإرهاب لن يرهبنا.. ومستمرون فى الأنشطة الداخلية

الكنائس المصرية: الإرهاب لن يرهبنا.. ومستمرون فى الأنشطة الداخلية
الكنائس المصرية: الإرهاب لن يرهبنا.. ومستمرون فى الأنشطة الداخلية




كتبت - ميرا ممدوح

«الصيف ليس له شكل واحد للاستفادة منه المهم قيمة الوقت تتضح أمامك، وتحاول الاستفادة منها فاجتهدوا واعملوا، اجعل لك وقتًا مثمرًا، الوقت هدية وفرصة لا تفوتها»، هكذا حث البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الشباب للاستفادة من قرار إلغاء الرحلات الكنسية والمصايف.

فى ظل استمرار التهديدات التى يواجهها الأقباط من جانب الجماعات الإرهابية المسلحة، لتنفيذ مخطط التنظيمات لإحداث فتنة بين نسيج الوطن الواحد «مسلمين ومسيحيين»، فضلاً عن استهدافهم لعناصر الأمن من قوات الجيش والشرطة البواسل، طالبت وزارة الداخلية الكنائس المصرية بإجراءات احترازية خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى أدى الكنيسة إلى إصدار قرار بإلغاء زيارات الأديرة والمؤتمرات والتجمعات خارج الكنائس والخلوات حتى نهاية شهر يوليو الجارى.
جاء قرار إلغاء الرحلات ليربك جدول الأنشطة المختلفة داخل الكنائس، خاصةً التى تجرى فعالياتها خارج حدود الإيبارشيات، ففى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تنظم أسقفية الشباب مهرجان الكرازة، وهو الفعالية الأهم فى كل الأنشطة التى تقوم بها، والمشاركون فيه يأتون من كل الإيبارشيات داخل مصر وخارجها، ويتضمن مسابقات فنية وثقافية وإعلامية وألحانًا وعقيدة، وشارك بها فى العام الماضى أكثر من 2 مليون متسابق، تم تصعيد 250 ألف منهم للتصفيات النهائية المركزية، وأدت التحذيرات الأمنية إلى تغيير جوهرى فى المهرجان حيث تم الإعلان عن إجراء التصفيات على مستوى كل إيبارشية، بدلاً عن إجرائها بشكل مركزى، كما جرت العادة وذلك كوضع استثنائى.
أما الكنيسة الكاثوليكية فقررت تعليق رحلاتها ومؤتمراتها تضامنًا مع الكنائس الأخرى، وذلك حفاظًا على أمن وسلامة الجميع، فضلاً عن إصدار الطائفة الإنجيلية قرارًا بإلغاء مؤتمر القسوس، والذى كان من المقرر انعقاده بالغردقة فى الفترة من ١٧ إلى ٢١ يوليو تضامنًا مع توجهات الدولة للحفاظ على أبناء الكنيسة.
إلغاء الرحلات جعل البابا تواضروس يستشهد فى نصيحته التى وجهها من خلال صفحته الشخصية على «فيس بوك» بإحدى آيات الكتاب المقدس، قائلاً: «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله»، مضيفًا: «الخادم  الشاطر هو الذى يستغل فرصة تأجيل بعض الأنشطة الصيفية بسبب ظروف طارئة، ويحول الوقت إلى صورة أخرى من الخدمة الفردية لكل مخدوم أو مجموعات محدودة من المخدومين، وممارسة تأملات وتسبحة أو قراءة ثقافية مفيدة أو صلاة هادئة، أو تشجيع الترابط الأسرى والتواجد معًا فى المنزل أو مع الأصدقاء والمعارف».
قرارات رؤساء الكنائس جعلت عددًا من الأساقفة يقومون بإصدار تعليمات مشددة داخل كنائسهم ومطالبتهم باليقظة والحذر، حيث طالب الأب رفيق جريش مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية، الشباب مراعاة قرار إلغاء الرحلات خلال إجازة الصيف، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء حفاظًا على سلامتهم كمواطنين مصريين قد يكونوا عرضة للاستهداف من قبل قوى الشر - بحسب تعبيره، كما أنه قرار يصب فى مصلحة الوطن كله، حتى لا يستطيع أحد أن ينشر الذعر والفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
وأضاف جريش: «قوى الشر لا تستهدف المسيحيين فقط، ولكن قوات الشرطة والجيش، وأى تجمع به مصريون أملاً فى تشويه صورة مصر خارجيًا، وإضعافها داخليًا، وهو الأمر الذى يسلتزم مزيدًا من الجهد واليقظة من قوات الشرطة».
وشدد مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية، على أن الأنشطة داخل الكنائس مستمرة مثل أنشطة مدارس الأحد والاجتماعات والصلوات، متمنيًا استئناف باقى الأنشطة الكنسية كالرحلات والمخيمات الكشفية، والتى تساعد فى نمو الأطفال والشباب روحيًا وثقافيًا واجتماعيًا، مؤكدًا فى الوقت ذاته على أهمية وعى ويقظة الشباب داخل الكنيسة حفاظًا على أرواحهم وسلامة الوطن.
وأكد القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الأنشطة الكنسية داخل الكنائس مستمرة ولم تتوقف، مشددًا على وجود تنسيق أمنى دائم بين الكنائس والداخلية منذ حادث البطرسية، لافتًا إلى أن القرار شمل وقف الرحلات والسفر حتى نهاية شهر يوليو على الطرق السريعة والتى قد تكون فيها الرحلات عرضة للاستهداف.
وأشار حليم إلى احتمالية تجديد القرار لحين استقرار الأوضاع الأمنية، فالجماعات الإرهابية تستهدف الدولة المصرية ككل، فهم يستهدفون رجال الشرطة والجيش، مستطردًا إلى أن أحد أسباب استهداف الأقباط هو ضرب الدولة المصرية، إلى جانب نظرة هذه الجماعات للمسيحيين على أنهم أعداء الإسلام واستهدافهم واجب دينى.
ولفت المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، إلى أن الأديرة تستقبل الزوار، والرحلات العائلية الفردية، فيما عدا دير السيدة العذراء والمعروف بـ«المحرق»، الذى قام بإلغاء مولد السيدة العذراء والذى يستمر 26 يومًا تبدء منذ 12 يوليو الماضى وحتى الأول من أغسطس.
وعن الحل قال حليم: «للخروج من الأزمة على مؤسسات الدولة التكاتف للعمل على إعادة بناء منظومة الأخلاق والقيم المصرية الأصلية، ونشر التسامح وقبول الآخر المختلف»، مشددًا على أن المسئولية ليست على عاتق المؤسسات الدينية فقط وإنما الثقافية والتعليمية والإعلامية فالكل مسئول وله دور.
وأكد حليم أنه لم تتكاتف المؤسسات كلها معًا لبناء منظومة الأخلاق، واعتبارها هدفًا قوميًا للحفاظ على الوطن فإن الأضرار ستصيب المجتمع المصرى ككل، ولن يكون أحد بعيدًا عن مرمى هذه الجماعات الإرهابية، مشددًا على أهمية إحداث تغيير على أرض الواقع حتى نضمن مستقبل بلادنا والأجيال المقبلة.
وأضاف القس رفعت فكرى نائب رئيس سنودس النيل الإنجيلى: «إن قرار إلغاء الرحلات والتجمعات كان الحل الأقل مرارًا»، مستطردًا: فنحن أمام خيارين كلاهما مر.. الأول استمرار الرحلات مع احتمالية حدوث حوادث إرهابية، أو إلغائها وحرمان الشباب والأسر منها حفاظًا على أرواحهم.
وأشار فكرى إلى أن مثل هذه التحذيرات الأمنية وأن كانت مؤقتة إلا أنها لا تضر المسيحيين فقط ولكن الدولة المصرية ككل، وذلك لأن مثل هذه القرارات قد تؤثر على قطاع السياحة والاقتصاد، متنميًا عدم استمرار الأوضاع على هذا المنوال، مضيفًا: «قرار منع الرحلات أصاب البعض بالغضب، إلا أنهم تفهموا الأمر وبعضهم لجأ للسفر بشكل فردى وعلى مسئوليتهم الشخصية».
وشدد فكرى على أن التحذيرات والتشديدات الأمنية ليست كافية، فمواجهة الإرهاب والتطرف لن تنتهى بين ليل وضحاها، ولا بد من تجفيف منابع الإرهاب وتنقية المناهج التعليمية من أى مواد تنشر ثقافة الكراهية، مؤكدًا أهمية وجود «مكافحة فكرية» إلى جانب الأمنية.