الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سينما الترسو

سينما الترسو
سينما الترسو




تحقيق- آية رفعت

«مولد وصاحبه غايب» أفضل مقولة تنطبق على دور العرض التى تصنف على أنها درجة ثالثة أو سينما «الترسو» كما أشيع عنها سابقا. فبعدما كانت من أشهر السينمات الخاصة بالأحياء الشعبية والفقيرة والتى تنتشر فى مختلف المحافظات، أصبحت تغلق على مدار السنوات والكثير منها تم هدمه، حيث أثير جدل واسع فى الأشهر الأخيرة بعد هدم أكثر من سينما قديمة سواء بالقاهرة أو بباقى محافظات الدولة. وذلك فى الوقت الذى تنادى به جميع القيادات بضرورة نشر الثقافة والفنون، حتى أن محافظات مصر أصبح لا توجد بها سوى دار واحدة أو اثنتان ولا يعملان فى أغلب الأحيان، ومع عدم اهتمام الموزعين بهم أصبحت دور العرض مهجورة ولا توجد بها اجهزة متوفرة للعرض بها.

ورغم أن أغلب هذه السينمات قد تم بناءها بالستينيات من القرن الماضى إلا انهاتحولت من السينمات الأشهر التى تعرض الأفلام للعرض الثانى على التوالى بأسعار أقل، إلى سينما «المناظر» والتى انتشرت بها الأفلام الخارجة وبعضها لم يمر على الرقابة، خاصة مع أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات مع انتشار أفلام الفيديو والتى تهافت عليها المنتجون والموزعين تاركى العرض الثانى بالترسو ليتم طبع الفيلم وبيعه. ولم يكن جمهور المدينة هو الوحيد المتضرر فحسب لكن أبناء المحافظات لايزالون يعانون من إغلاق سينماتهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر مدينة عريقة مثل الأقصر والتى تم اختيارها كعاصمة الثقافة العربية شهر مارس الماضى. حيث إنها بلا دور عرض، الا واحدة تم افتتاحها فى احد المولات حديثا ولم تعمل بعد رغم افتتاح المول منذ عام تقريبا، بالاضافة إلى وجود شاشات عرض فى الاماكن المخصصة لثقافة الدولة مثل قصر الثقافة والمكتبة العامة وقاعة المؤتمرات ولا تعرض بها أعمال سينمائية جماهيرية للحصول على الايرادات. وعن تجربة مهرجان الاقصر للسينما الافريقية بالمدينة قالت المخرجة عزة الحسينى مديرة المهرجان انهم عندما سافروا لاول مرة وجدوا ان قاعات العرض الخاصة بالأفلام فى قصر الثقافة وقاعة المؤتمرات ليست مجهزة بمعدات حديثة واضافت قائلة: «نحن تقريبا قمنا باعداد المكتبة العامة للعروض منذ بدايتها ولكن بالنسبة لقصر الثقافة فوجدنا ان المكينة الخاصة بالعرض هناك تعمل على نظام الـ35 ميللى وهو نظام لا يعمل به كل سينمات العالم تقريبا وكل الأفلام التى تقدم لنا كانت ديجيتال. فاضطررنا إلى تجهيزه بمكينة جديدة، اما قاعة المؤتمرات فوجدنا ان المكينة الخاصة بها لم تعمل مطلقا بل وبداخلها شريط الاختبار الخاص بها رغم انها موجودة منذ عشر سنوات تقريبا. فنحن قمنا بتجهيز المكينة بـ17 ألف جنيه لاستخدامنا نظام الـDPC. وحاليا نعمل على تجهيز باقى المعدات بعد مرور ست دورات حتى لا نقع فى مشاكل تقنية من حيث الصوت والصورة.»
وعن فكرة هدم السينمات الدرجة الثالثة واتهامها بعدم وجود اهمية لها قال المخرج على عبد الخالق ان هذه السينمات شهدت ميلاد اعظم الأفلام التى عرفتها السينما المصرية، فهى المكان الذى كان مناسب لجميع الطبقات الاجتماعية مؤكدًا أنها كانت الاسهل لوصول المواطن للسينما سواء بالقاهرة أو بالمحافظات وأضاف قائلا:» الترسو كانت الأنسب لزيادة توزيع الأفلام من حيث إنها تقوم بدور العرض الثانى لها بتذاكر أقل من نصف تذاكر السينمات الكبرى. ولا أدرى لماذا أهملت الدولة دور العرض والسينمات بينما هناك قوانين اصدرت قديما تمنع هدمها. فلا أدرى لماذا يتم وضع مشاكل دور العرض كلها على كاهل وزارة الثقافة بينما الوزير نفسه اعترف أن أغلب ميزانيتها يذهب على الاجور فقط. وأنا من رأيى ان الامر فى قبضة غرفة صناعة السينما فهى المفوضة لشئون دور العرض».
وأضاف عبد الخالق ان الفيديو برئ من اغلاق هذه السينمات حيث قال انه عندما ظهر الفيديو كانت هذه السينمات لا تزال تعمل وتلقى إقبالا مؤكدًا ان الاهمال الذى اصابها دفع أصحابها لبيعها أو هدمها وهو ما يجب مراجعته مع الدولة نفسها لان القطاع الخاص لازال يستثمر ببناء دور عرض بها أعلى درجات الرفاهية بينما التذاكر لم تعد بمتناول المواطن البسيط، كما ان المتواجدين خارج القاهرة والاسكندرية يضطرون للسفر بدلا من ان يتم نشر الثقافة بشكل افضل. مستشهدا بالدول الاوروبية التى تهتم حتى الآن بسينما «الحي»  والتى تعتبر سينمات صغيرة وضعيفة الامكانيات متواجدة بالعديد من الاحياء لكى تقترب من المواطن البسيط.
ومن جانبه رد سيد فتحى المتحدث باسم غرفة صناعة السينما ان الغرفة ليست لها سلطة على دور العرض خاصة أنها أملاك لافراد وكل فرد حر فى ملكه، فلا يوجد لديها اية اداة للمراجعة أو المحاسبة لان الامر بالنهاية حرية شخصية للمالك. واضاف قائلاً: «هذه السينمات لم يتم مناقشتها بالغرفة لانه لا يوجد ما لدينا لمنع هدمها أو تحويلها أو اغلاقها. فنحن لسنا رقباء عليهم ولكن ما يكون بيدنا فقط هو انه عندما يلجأ لنا مالك لاحد دور العرض بمشكلة ما نحاول حلها غير ذلك ليس لنا يد. كما انه من الظلم اتهام القطاعات الحكومية الثقافية بعدم الاهتمام بها فلو الجمهور لم يقبل على السينما فسوف تغلق سواء بسبب المديونيات أو تغيير النشاط أو عدم تجديدها وبالتالى لا تجد من يقبل عليها. فهذه السينمات ظهرت بدلا منها اخرى مكيفة ومجددة ولا يوجد لها جمهور كبير الآن خاصة مع انتهاء عهد العرض الثانى للأفلام».
أما السيناريست سيد فؤاد فقد أعلن منذ فترة قصيرة عن بداية تبنيه مشروعاً لرصد ومحاولة إنقاذ دور العرض السينمائية خاصة الدرجة الثالثة وسينما المحافظات، حيث قال انه يتعاون به مع عدد كبير من السينمائيين والمفكرين ومنهم الكاتب الكبير يوسف القعيد. كما اضاف ان الدين يهدمون دور عرض أو يبيعونها لتغيير النشاط مخالفين للقانون وسوف يتم جمع اصحاب هذه الاملاك لأنهم تعاملوا بشكل غير قانونى وفقا للقانون الذى تم اصداره فى الستينيات والذى يجرم هدم اى دار سينما الا لاعادة بناء اخرى أو مجمع يحتوى على سينما مثل المولات.
أما د.خالد عبد الجليل رئيس المركز القومى للسينما فقال إنه بصدد مشروع لإنقاذ عدد من السينمات فى انحاء الجمهورية وصرح قائلا: «نحن نعيد فتح 24 سينما من الاصول المملوكة فى وزارة القافة سيتم التعامل فيها مع شركة النصر واحياء السينمات بقصور الثقافة . وهناك حصر ليتم تطويرها سينما الحى والاقاليم فى المرحلة المقبلة. أما سينما الدرجة الثالثة أو الترسو فاصبح لا يوجد لها وجود خاصة وانه لا يوجد عروض اخرى للأفلام غير العرض الاول وظهور الفيديو اثر عليها بشكل واضح ويليه الفضائيات والانترنت. ولكن من المقرر اعادة افتتاحها لتكون سينمات باماكنها الطبيعية وقد تكون تذاكرها أرخص فى السعر».