الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«رأس التين» استراحة لرؤساء وملوك العالم

«رأس التين» استراحة لرؤساء وملوك العالم
«رأس التين» استراحة لرؤساء وملوك العالم




الإسكندرية - نسرين عبد الرحيم

لم تنجح الأفلام والمسلسلات التى ارتبطت بالفترة الملكية فى تصوير عظمة وفخامة القصور الملكية المصرية القديمة التى تعتبر شاهدا على عظمة التاريخ المصري، حيث  تزخر الإسكندرية بكم كبير من الأماكن الأثرية والتراثية منها القصور الملكية التى يعود تاريخها إلى عهد أسرة محمد على، فتجد مئات الحكايات والقصص الأسطورية التى ارتبطت بتاريخ تلك القصور وما كان يحدث بها، إلا أن الحقيقة الأكيدة أن تلك القصور كان بعضها شاهدًا على أهم الأحداث والتحولات السياسية فى مصر مثل قصر رأس التين الذى يعتبر من أهم القصور الرئاسية ويحظى بشهرة عالمية نظرا لأنه عاصر أسرة محمد على باشا والتى امتد حكمها فى مصر نحو 150 عامًا، ووثق لثورة 23 يوليو عندما غادر منه الملك فاروق مصر على اليخت الخاص به «المحروسة» متجها إلى مدينة إيطاليا حيث تم نفيه وقام بكتابة وثيقة تنازل من خلالها لنجله عن العرش. 
ولقد ارتبط قصر رأس التين بالكثير من القصص والحكايات لدى السكندريين نظرا لأن طبيعة القصر وعادات الملوك كانت بها بعض الطرفة والغرابة إلا أن هناك حقائق مؤكدة عن القصر الذى تعود تسميته إلى بنائه وسط حديقة ممتلئة بثمار التين الأمر الذى جعل المنطقة المحيطة به تسمى برأس التين.
ويعود تاريخ بناء القصر إلى عام 1834 ولقد قام محمد على فى بداية الأمر بتصميم القصر على التراث الفرنسى فاستعان بالمهندس سيريزى بك، كما اشترك معه عدة مهندسين فرنسيين وخصص جناح يسمى الحرملك خاص بالنساء واستغرق بناء القصر 11 عاماً ثم تم إضافة أجنحة أخرى وديكورات حتى تم افتتاحه رسميا عام 1847، ولقد كان سبب بناء القصر على التراث الأوروبى عدد الجاليات الأوروبية الموجودة فى الإسكندرية فى تلك الفترة، ونظرًا لموقع القصر الاستراتيجى المطل على البحر فإنه كان يعد المصيف الخاص بالملوك وقتها، ولقد شهد القصر عدد من التطورات على مر الزمان، حيث أعيد بناءه فى عهد الملك فؤاد ليتماشى مع تلك الفترة فتم تطويره على التراث الإيطالى على يد المهندس الإيطالى فيروتشى والمهندس حسن باشا العدوى وهو أيضاً الذى بنى قصر الحرملك بالمنتزه، وتكلف وقتها أربعمائة ألف جنيه وأصبح مشابهًا لقصر عابدين.
ويوجد بالدور الأرضى صالون الحرملك الخاص بالنساء وأجنحة الخدم والحاشية، ثم القاعة المستديرة حيث وقع الملك السابق فاروق وثيقة تنازله عن العرش، أما القبو ففيه أيضا الصالة المستديرة الثالثة التى توصل إلى السلم الموصل إلى مرسى الباخرة المحروسة التى غادر عليها الملك فاروق مصر متجها إلى إيطاليا، والقطار حيث كان هناك قطار من عربتين خاص بفاروق وعائلته يقال إنه كان يستخدمه ليصل من خلاله لقصر المنتزه.
ومن الغريب أن ذلك القطار كان به كم من  الزخارف الذهبية وقد اختفى عقب أحداث ثورة 52 وكان قد أحضره الملك من إيطاليا، كما كان بالقصر حمام سباحة إلا أن الملك هدمه وأنشأ بديلا عنه حماما بحريًا على حاجز الأمواج بعد الحرب العالمية الثانية، وقد وصل مؤخرا برصيف طويل بقصر رأس التين، وكان يصل إليه برًا بعربة جيب وكان به استراحة بها غرفة للنوم ومكتب كامل لإعداد الطعام وحجرات مملوءة بأدوات الصيد البحرى وقد تسلمتها فى السنوات الأخيرة القوات البحرية بعد أن تم سحب جميع متعلقات الملك فاروق وشقيقاته الأميرات السابقات حيث كان هذا المكان المصيف الرئيسى لهن فى الإسكندرية.
ولقد كان قصر رأس التين دائما مصدر إبهار وإعجاب الزائرين من الحكام العرب منهم الشيخ ياسر عرفات الذى يقال أنه قام بزيارة القصر ومكث فيه ثلاثة أيام هو وزوجته عامى 96 و97 ومادلين أولبريت وزيرة الخارجية الأمريكية وأيضا الرئيس السابق للعراق صدام حسين والذى كان حتى المرحلة الثانوية يدرس فى فاكتوريا كولج بالإسكندرية ثم بعد أن أصبح رئيسا قام بزيارة القصر عند زيارته للإسكندرية، وملك الأردن الملك حسين.
ويقول دكتور مختار الكسبانى أستاذ التاريخ والآثار، إن جميع حكام مصر وحكام الثورة كانوا يجتمعون فى تلك القصر للنظر فى أمور البلاد والعلاقات الخارجية.