الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» تواصل نبش خفايا «متحف الفن الحديث» بقطر.. نكشف زيف نسب تمثال لـ «مختار» صاحب «نهضة مصر»

«روزاليوسف» تواصل نبش خفايا «متحف الفن الحديث» بقطر.. نكشف زيف نسب تمثال لـ «مختار» صاحب «نهضة مصر»
«روزاليوسف» تواصل نبش خفايا «متحف الفن الحديث» بقطر.. نكشف زيف نسب تمثال لـ «مختار» صاحب «نهضة مصر»




كتبت - سوزى شكرى

 

ما زلنا نواصل كشف حقيقة الأعمال الفنية التشكيلية والنحتية المعروضة بمتحف الفن الحديث بقطر، فبعد أن كشفنا بالأدلة القاطعة من واقع ملفات وزارة الثقافة وجود لوحة للفنان محمود سعيد – لوحة «قبرص بعد العاصفة» والتى تعد من مقتنيات متحف الفن المصرى الحديث بالأوبرا، «روزاليوسف» كشفت عن وجود هذه اللوحة بالقاهرة 2013 قبل بيعها لمتحف قطر، ثم كشفنا فى الأسبوع الماضى عن وجود ثلاث لوحات للفنان محمد ناجى كانت من مقتنيات مستشفى المواساة بالإسكندرية وسردنا وقائع تهريب اللوحات من خلال بائع «الروبابيكا» إلى المتحف القطرى وذلك فى ظل غياب متابعة الفنان أو الورثة للأعمال الفنية وحصرها فى المؤسسات الخاصة ومحاولة انقاذها قبل سرقتها وتهريبها.
واليوم نكشف من موسوعةِ متحف الفن الحديث والعالم العربى بقطر، ادعاء كاذب فى نسب عمل فنى للنحات محمود مختار (1934- 1891) صاحب «تمثال نهضة مصر» الشهير والذى نفذ مجموعة تماثيل شاهدة على فترة تاريخية وسياسية مهمة من تاريخ مصر، و«مختار» أول من أعاد الحياة لإزميل النحات المصرى بعد أن صمت لآلاف ومئات السنين، وهو الوحيد الذى أقامت له الدولة متحفًا خاصًا لإنتاجه الفنى بالجزيرة، حقق محمود مختار فى حياته الفنية القصيرة مكانة وشهرة بين عامة الشعب المصرى تنافس شهرة الزعماء والسياسيين.
البداية كانت بحسب ما جاء فى كتالوج (سجل SAJJIL– قرن من الفن الحديث – طبعة أولى 2010- هيئة متاحف قطر)، ذلك الكتالوج المصاحب لافتتاح المتحف القطرى فى 20 ديسمبر عام 2010، وضعت فى الكتاب صورة للتمثال نصفى كتب فى توصيفها ( محمود مختار – سعد زغلول – غير مؤرخ – برونز على قاعدة مرمر – 30×16.5×14 سم – رقم 2.144 – 2007).
هذا الادِّعاء ينم عن عبث قطر كما اعتادت بالفن المصرى القومى وانشغالها برغبة تملك واقتناء الأعمال الفنية المصرية، وتسجيلها للمنحوتة بتوصيف خاطئ جعلنا نشكك فى أصالة العمل، فالخطأ التوثيقى كشف عن التزييف الثقافى والفنى التى تقدمه قطر من خلال متاحفها، ولكن ما يهمنا بالدرجة الاولى هو رفع اسم رائد النحت المصرى «محمود مختار» من على المنحوتة التى لا تنتمى إليه، ونسرد لكم فيما بين السطور المقبلة أرشيف أعمال الفنان محمود مختار فيما يخص ما قام بتنفيذه من تماثيل لسعد زغلول تحديدًا، والتى يظهر فيها مدى ارتباط وقناعات مختار بشخصية سعد زغلول، التى برزت فى إظهار نظرات وقوة ملامح «سعد زغلول»، وسمات الأسلوب النحتى وقوة وجمال منحونات مختار، التى يتصارع المتنافسون فى قاعات المزادات العالمية عليها، سوف نلاحظ الفرق والفارق بين المنحوتة المعروضة بقطر وبين أعمال محمود مختار للزعيم الأمة «سعد زغلول».
وبالبحث من خلال بعض المصادر الأرشيفية توصلنا إلى الآتي:
أولا: توصلت «روزاليوسف» لمصدر أرشيفى وهو كتاب «الفنان محمد حسن - مشاهير الفنانين – بقلم أحمد أحمد يوسف – إصدار دار المعارف» غير محدد سنة الإصدار، ولكن يرجح أنه فترة الستينيات، وبداخل الكتاب ملزمة خاصة لأعمال للفنان محمد حسن فى مجال التصوير وأيضا منحوتاته، باعتبار أن الفنان محمد حسن فنان تشكيلى ونحات، وقد وجدنا فى صفحة رقم (5) لقطة - 5 ب – تمثال نصفى من أعمال الفنان محمد حسن مكتوب بجانبه تمثال سعد زغلول، وهذا التمثال يتطابق ويتشابه إلى حد كبير مع التمثال المعروض بمتحف قطر.
ثانيا: من كتاب «مختار – حياته وفنه» – للناقد الكبير الراحل «بدر الدين أبوغازى» نسخة 2009، وفيه تحدث «أبوغازى» عن التماثيل الميدانية للزعيم «سعد زغلول» التى نفذها محمود مختار «وهما تمثالان أحدهما فى القاهرة وثانيهما فى الإسكندرية، وقد واجه «مختار» هجوما وانتقاد حادا من الكثيرين بسبب هذه التماثيل الميدانية، وفى صفحة 83 تحدث «بدر الدين أبو غازى» نقديًا عن بداية فكرة إقامة تمثالين للزعيم سعد زغلول عام 1927 وتكريم سعد زغلول باعتباره رمزًا لكفاح الأمة وطموحها، وأن مصر تجمعت حوله واختصرت نفسها فى شخصه، ومن هنا أراد «محمود مختار» أن يسجل هذه المرحلة فيسجل معنى «سعد زغلول».
أقام «مختار» تمثالا ميدانيا فى الإسكندرية رمزا لتحطيم القيود وجعل من انقباض يديه وصرامة ملامحة ومن العزم الأكيد الذى يبدو فى خطوته، وأحاط التمثال من أسفل بلوحات تعبر عن هتاف الجماهير، والتمثال الثانى لسعد زغلول بالقاهرة والمطل على النيل أمام دار الأوبرا المصرية ومقابلا لكوبرى قصر النيل، وقد صفه «أبو غازى» فى كتابه بأنه جعل يد «سعد» رمزًا للبعث والانتصار، ويمثل طموح الأمة وتطلعها للمضى فى النضال وحوله صور من حياة الشعب ورموز للمقومات (الإرادة – العدالة – الدستور) وفى مقدمة التمثال كتبت «تحية للزعيم».
وعن القيمة الجمالية لمنحوتات محمود مختار تحديدًا لملامح الزعيم سعد زغلول التى أجادها، ونعتبرها الفيصل فى عقد مقارنة بين التمثال النصفى المعروض بمتحف قطر، وبين التمثال النصفى الموجود فى متحف محمود مختار بالقاهرة، فقد ذكر الناقد «بدر الدين أبو غازى» عن منحوتات مختار فى كتابه: «أن مختار فى نحته للزعيم سعد زغلول، يتميز بعمق فى الإحساس وقوة فى الأداء، وأن رأس سعد زغلول حين نقف أمامها من قريب نتأمل القوة الخارقة التى قادت يد الفنان وهو ينحتها، قوة تلوح فى طريقة التشكيل، وبراعة ومنحوتة تعد صرحًا بنائيا متناسقًا، صرامة قوة عضلاته ونظراته، توازن متانة التكوين».
وأشار الكتاب فى صفحة 135 «بيان تقريبى لأعمال محمود مختار التى أبقى عليها الزمن»، لأن العديد من الأعمال حطمها «مختار» بنفسه، ولم يبق عليها حتى لا تدخل فى التقييم، وبالإضافة لإقامته بين القاهرة وفرنسا، ومن أعماله للزعيم «سعد زغلول» - كما ذكرت بالكتاب - نفذها فى الفترة ما بين سنة 1927 إلى سنة 1929، هي: تمثال نصفى لسعد زغلول (برونز) – متحف الفن الحديث بالقاهرة، والذى نقل إلى متحف محمود مختار بالقاهرة، تمثالين ميدانيين لسعد زغلول (تمثال سعد زغلول بالإسكندرية – تمثال سعد زغلول بالقاهرة)، كما يوجد رأس سعد زغلول موجودة أيضا فى مدخل متحف بالقاهرة.
وبالمقارنة بين كل ما ذكرناه من صفات تقنيات مختار والتمثال المعروض بمتحف قطر، يتبين أنه ليس من منحوتات مختار، وربما أيضا ليس من أعمال الفنان محمد حسن رغم التطابق والتشابه الكبير، إلا أن قطر زورت فى نسب المنحوتة لصالح نشوة الامتلاك التى تعانى منها كدولة بدون حضارة.