السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مفاجأة.. مليارات دولار لدى البنك المركزى غير مدرجة فى الاحتياطى

مفاجأة..       مليارات دولار لدى البنك المركزى غير مدرجة فى الاحتياطى
مفاجأة.. مليارات دولار لدى البنك المركزى غير مدرجة فى الاحتياطى




كتب – أحمد زغلول

حالة من التفاؤل سادت السوق، بعد أن كشف البنك المركزى، نهاية الأسبوع الماضى، عن ارتفاع الاحتياطى النقدى لديه إلى 36 مليارًا و36 مليون دولار، وهو الرصيد الأعلى تاريخيًا للاحتياطى فى مصر، حيث كان أعلى مستوى سابق فى حدود 36 مليارًا و5 ملايين دولار وذلك فى ديسمبر 2010 .. والأمر الأبرز هو أن الاحتياطى النقدى ارتفع بنحو 17 مليار دولار فى أعقاب تحرير سعر الصرف وحتى نهاية يوليو 2017.

لكن المفاجأة التى نكشف عن تفاصيلها هنا هو أن لدى البنك المركزى نحو 10 مليارات دولار غير مدرجة فى الاحتياطى النقدى، هذا ما أظهره تقرير صادر عن البنك المركزى، واطلعت على تفاصيله «روزاليوسف»، حيث يوضح التقرير أن هناك إيداعات بالعملة الأجنبية لدى البنك المركزى غير مدرجة فى الأصول الاحتياطية تقدر قيمتها بـ5.68 مليار دولار بنهاية يوليو 2017، كما أن هناك أوراقًا مالية بالنقد الأجنبى غير مدرجة فى الأصول الاحتياطية بقيمة 4 مليارات دولار.
وتعليقًا على ذلك أوضح د.فخرى الفقى، مساعد مدير صندوق النقد الدولى سابقًا، أن الأمر الذى يعكسه وجود أرصدة بخلاف الاحتياطى لدى البنك المركزى، هو أنه يحاول أن يُبعد الأرصدة قصيرة الأجل التى مصدرها الاستثمار فى أذون الخزانة والأوراق المالية عن الاحتياطى النقدى بقدر الإمكان، لافتًا إلى أن ذلك يحقق للاحتياطى الاستقرار ويبعده عن الهزات العنيفة فى حالة خروج مستثمرى الأوراق المالية من السوق فى أى وقت.
وأكد «الفقى» ، فى تصريح لـ «روزاليوسف» أن هناك بعض البنوك المركزية فى العالم تستخدم أرصدة الاستثمار فى أذون الخزانة لرفع رقم الاحتياطى النقدى لديها، وهناك بنوك أخرى لا تدرجه فى الاحتياطى النقدى، وفى حالتنا هنا فإن البنك المركزى لديه حساب مجنب للأرصدة الناتجة عن استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة.
وأوضح «الفقى» أن استثمار الأجانب فى أدوات الدين الحكومية أو فى الأوراق المالية، تفيد السوق لأنها توفر سيولة قصيرة الأجل بالنقد الأجنبى للبنك المركزى يمكن استخدامها لسد احتياجات أو التزامات عاجلة، كما أنها تساعد فى تغطية عجز الموازنة العامة للدولة والذى يقدر أن يسجل 370 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى، لافتًا إلى أن البنك المركزى يحصل على 20% مقطوعة من عائد استثمار الأجانب فى أذون الخزانة.
وأكد «الفقى» أن ارتفاع قيمة الاحتياطى النقدى إلى 36 مليار دولار يعزز من الثقة فى الاقتصاد المصرى، ويرفع من مخاطر المضاربة على الدولار، ما يساهم فى الإجهاز على أيّ محاولات لعودة السوق السوداء للعملة، كما أنه يدفع الدولار للتراجع إلى ما دون مستوى الـ 15 جنيهًا خلال فترة 12 شهرًا، مؤكدًا أن أيّ تراجعات للدولار فى الوقت الراهن لن ترتد مرة أخرى مثلما حدث فى مرتين سابقتين، معزيًا ذلك إلى تحسن التدفقات بالنقد الأجنبى من القطاعات الاقتصادية المدرة للعملة الأجنبية من صادرات وتحويلات مصريين بالخارج والسياحة، وارتفاع الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.
قفزة فى الصادرات المصرية
وطبقًا لأرقام وزارة الصناعة والتجارة فقد حققت الصادرات المصرية قفزة كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016، حيث سجلت 11 مليارا و130 مليون دولار، مقابل 10 مليارات و295 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2016، بزيادة نسبتها 8%.
وفى المقابل انخفضت الواردات خلال تلك الفترة لتصل إلى 24 مليار دولار، مقابل 34 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بانخفاض نسبته 30%، وقد انعكس ذلك على حجم الميزان التجاري، حيث انخفض العجز فى الميزان التجارى من 24 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المنصرم إلى 13 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الجارى بفارق 11 مليار دولار، بما يمثل 46% انخفاض فى العجز فى الميزان التجارى.
وتؤمن الصدارات المصرية تدفق النقد الأجنبى للسوق، وهى أحد روافد ارتفاع الاحتياطى النقدى للبلاد، وقد جاءت زيادتها نتيجة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة للحد من استيراد منتجات متدنية الجودة، واستعادة نسب التحسن، وتحقيق المستهدف من خطة تنمية الصادرات، وترشيد الواردات، والحد من استنزاف العملات الصعبة، وزيادة الاعتماد على الصناعة المحلية من خلال إحلال المنتجات المحلية محل المنتجات المستوردة التى لها مثيل محلى ويتم استيرادها من الخارج، قد أسهمت بشكل فعال فى تراجع العجز فى الميزان التجارى.
تحسن إيرادات السياحة   
وبالنسبة لحركة السياحة ، وكونها مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبى، فقد شهدت خلال الشهور الماضية تحسنا لافتًا، رغم عدم عودة السياحة الروسية، وثمة مؤشرات أولية أعلن عنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد ارتفاع أعداد السائحين الوافدين من جميع دول العالم بنسبة بلغت نحو 48.6% خلال شهر مارس الماضى، ليبلغ نحو 654.9 ألف سائح، فى مقابل نحو 440.7 ألف سائح خلال نفس الفترة من العام السابق.
وأوضح جهاز الإحصاء من خلال النشرة الشهرية لإحصاءات السياحة لشهر مارس 2017، أن منطقة أوروبا الغربية سجلت أكثر المناطق إيفادًا للسائحين خلال شهر مارس الماضى بنسبة 31.9%.
وسجل عدد الليالى السياحية التى قضاها السائحون المغادرون من الدول العربية نحو1.7 مليون ليلة خلال شهر مارس 2017، مقابل 983.6 ألف ليلة فى مارس 2016 بنسبة زيادة قدرها 73.3%، بينما بلغ متوسط مدة إقامة السائح المغادر نحو 9.1 ليلة فى مارس  الماضى، مقابل  6.1 ليلة خلال نفس الشهر من العام السابق.
زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة
أما الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهى الأعلى فائدة للاقتصاد والاحتياطى النقدى، فقد كشفت المؤشرات الأولية للعام المالى 2016 - 2017 عن ارتفاع المؤشرات الخاصة بالاستثمار، حيث ارتفع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى نحو 6.6 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2016 إلى مارس 2017، من العام المالى 2016-2017، مقارنة بنحو 5.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام 2015-2016 بنسبة زيادة بلغت 11.9%.
ومن المتوقع أن يبلغ صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر نحو 8.7 مليار دولار خلال العام المالى 2016 - 2017، مقارنة بنحو 6.9 مليار دولار خلال العام المالى 2015-2016 بنسبة زيادة تقدر بنحو 26%، ووفق المؤشرات من المتوقع أن تتجاوز تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العام المالى الجارى 2017 - 2018  أكثر من 10 مليارات دولار.
وبرز تصريح منذ أيام قليلة ماضية لـ فيكتوريا بين، مدير عام مؤتمرات يورومنى لمنطقة الشرق الأوسط، بأنه لأول مرة منذ عام 2011، تشعر رءوس الأموال الدولية بالارتياح تجاه السوق المصرية.
قفزة فى الاستثمارات الأجنبية بأذون الخزانة
كذلك تصاعد رصيد استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المصرية من 111.7 مليون دولار فى أكتوبر 2016 إلى 9.8 مليار دولار فى يونيو 2017، بفارق حوالى 9.7 مليار دولار، ما يعكس ارتفاع الثقة فى الاقتصاد المصرى وقدرته على سداد التزاماته.
ويعد تحرير سعر الصرف هو القرار السحرى الذى فتح الأبواب المغلقة لتدفق رءوس الأموال الأجنبية والسيولة الدولارية إلى السوق بعد أن كانت قد عانت تجفيفًا لكافة مصادر النقد الأجنبى لصالح المضاربات فى السوق السوداء، حيث شهدت جميع مؤشرات الاقتصاد تحسنًا بعد قرار البنك المركزى بتحرير سعر العملة فى 3 نوفمبر 2016 .
الحفاظ على إيرادات قناة السويس
ومع زيادة تدفقات النقد الأجنبى من المصادر المختلفة، لا يمكن هنا إغفال قناة السويس التى استطاعت أن تحافظ على حجم إيراداتها دون تراجع رغم انخفاض حركة التجارة العالمية فى الفترة الماضية، وذلك يرجع إلى حفر التفريعة الثانية لقناة السويس والتى اختصرت من وقت المرور بالنسبة للسفن وتمكنت من الحفاظ على حصة مصر من حركة الملاحة البحرية، فى الوقت الذى زادت فيه بعض القنوات المنافسة من قدراتها مثل قناة بنما والتى تم الانفاق على توسعتها نحو 8 مليارات دولار وتم افتتاح التوسعات فى يوليو 2015.
القروض الخارجية وتأثيرها على الاقتصاد
فى الوقت نفسه يبرز مع ارتفاع الاحتياطى من النقد الأجنبى للبلاد، سبب آخر وهو إتاحة مؤسسات التمويل الدولية لخطوط تمويل لمصر، وعلى رأس هذه المؤسسات صندوق النقد الدولى الذى وقع اتفاقًا يضخ بموجبه 12 مليار دولار فى قرض ممدد لمصر، وخلال شهر يوليو الماضى ضخ الصندوق لمصر 1.25 مليار دولار وهى الشريحة الثانية من الدفعة الأولى من القرض، ومن المتوقع أن تحصل البلاد على الشريحة الأولى من الدفعة الثانية فى يناير المقبل بقيمة مليارى دولار.
كذلك فقد طرحت البلاد سندات دولية، وتلقت تمويلات من البنك الافريقى للاستيراد والتصدير، ومؤسسات أخرى، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع حجم الدين الخارجى إلى نحو 73.9 مليار دولار، وذلك طبقًا لأحدث تقرير صادر عن البنك المركزى.. إلا أن د.فخرى الفقى، مساعد مدير صندوق النقد الدولى سابقًا، أكد لـ«روزاليوسف» أنه رغم أن زيادة الدين تثير القلق، إلا أن الدين الخارجى لمصر مازال فى الحدود التى يمكن التعامل معها.
وبصفة عامة تشهد المنطقة العربية زيادات كبيرة فى ديونها الخارجية فى الفترة الأخيرة، وأظهر تقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، أن حجم الديون الخارجية للدول العربية، ارتفع بأكثر من ضعفين منذ العام 2000، وذلك نتيجة لجوء عدد منها للاقتراض لتمويل العجز ودعم الإنفاق.
ووفقا للتقرير فإن إجمالى الدين الخارجى لـ20 دولة عربية قفز من 426.4 مليار دولار فى العام 2000، إلى حوالى 891 مليار دولار العام 2014، ثم إلى 878 مليار دولار العام 2015، ونحو 923.4 مليار دولار فى العام 2016. وقال التقرير إن الزيادة كانت نتيجة إقدام العديد من دول المنطقة على الاقتراض وإصدار سندات دين سيادية لتمويل العجز فى موازنتها العامة، نظرا للارتفاع المتواصل فى حجم الإنفاق.
سعر الدولار بعد ارتفاع الاحتياطى
ويعزز ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى للبلاد من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، وهو يغطى ما يزيد على 8 أشهر من الواردات السلعية وهو معدل يعطى أريحية للاقتصاد، ويدعم التصنيف الائتمانى للبلاد والذى قامت مؤسسات دولية على رأسها ستاندرد آند بورز وفيتش وموديز بالابقاء عليه عند مستوى جيد، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
كذلك فلابد أن ينعكس ارتفاع الاحتياطى النقدى على سعر صرف الدولار والعملات الأخرى أمام الجنيه، وثمة توقعات بأن يشهد سعر صرف الدولار تراجعًا إلى مستوى 15 جنيهًا خلال الفترة المقبلة. وتوقعت بنوك استثمار، انخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه، خلال العام المالى الجارى، لما بين 15.7 و17 جنيها، وسط انفراجة واضحة فى المعروض من العملة الصعبة فى الجهاز المصرفى.. وتوقع محللون بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، تراجع متوسط سعر الدولار، إلى نحو 15.7 جنيه خلال العام المالى الجارى، و15.4 جنيه خلال العام المالى المقبل.. وطبقًا للمحللين فإن الأشهر المقبلة قد تشهد تراجعا تدريجيا فى سعر الدولار أمام الجنيه خلال الشهور المتبقية من 2017، ولكن الانخفاض الملحوظ يبدأ مع الربع الأول من 2018 مع تحسن الميزان التجارى للمحروقات مع بدء إنتاج حقل ظهر وتراجع الواردات من الغاز المسال.