الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العراقية سمرقند الجابرى: أرضنا يتعاقب عليها الجلادون




 ■ أنت شاعرة وقاصة وفنانة تشكيلية وإعلامية.. أين تجدين نفسك أكثر؟
 
- هى حواسى فلا أقدر النظر دون السمع واللمس، بها كلها انبض، وإن أقعدتنى موهبة خدمتنى الأخرى، كأنهن أربع أخوات يخدمن بعضهن بعضا، فلا أعرف لروحى وجود دونهن، كان وجودى دائما فى خطر لذا تجد لى أسلحة عدة.
 
■ هل هذا يعد تشظياً فى الموهبة أم ثراء إبداعياً؟
 
- هو إصرار على العطاء، فى داخل الإنسان الواعى متحسسات كونية شديدة الرهافة تقوده الى اثبات نفسه، شىء يسير فى الدم يبحث عن ضالة، التشظى متى ما عرقلت الموهبة صاحبها وادخلته عالم الحيرة والشتات، ولكن الموهبة التى تخدم صاحبها وتمنحه دائما مكافأة سخية بموهبة أجمل وأكبر وأبهى، فعلا أنا ثروتى فيما أملك من مواهب ومقدرين لها هكذا جمعت أفضل الأصدقاء لخير طريق.
 
■ كيف يتم اختيار أبطالك فى سردك القصصى؟
 
- عندما تريد الحديث إلى لا وعيك، فأنت حتماً لن تختار وقتاً، أنت فقط تقدر حاجتك لأن تتوحد بقيمة عليا، قد يدفعنى الغضب أو الحزن أو الفرح أو التمرد إلى الكتابة فى لحظة وفى مكان وزمان على ورقة أو قصاصة أو أدون ما أكتب فى الهاتف الجوال وإن لم أدونها كتابة دونتها تسجيلاً صوتيا، أما أبطالى فهم أغلبهم فى القصص وفى القصيدة من خيال ممزوج بذكريات وأمنيات.
 
■ التخيل والتأمل والاستقصاء .. ماذا تمثل هذه العوامل لك كمبدعة؟
 
- فتح لى الفن والأدب أبواباً سحرية، عالجت فيها مشاكلى الذاتية فى مجتمع ازدواجى غير مستقر أمنيا واقتصاديًا وسياسياً، كل تلك الصراعات كانت أثقالاً يؤلمنى حملها على كاهلى الروحى فكيف يمكن أن أصنع ساتراً يحمى ما أملك من مشاعر مرهفة وأحلام، الموسيقى قدمت يد عونها الانفراد بالذات استكمل عملية تخيلى وتأملي، الإعلام علمنى الاستقصاء والأنثى المتنمرة أكملت الباقى لتقدم قوسا قزحيا متناغما.
 
■ كيف تتعاملين مع الزمان والمكان أثناء كتابتك؟
 
- لا أضع هامشا للزمان والمكان عندما أكتب، تلك حسابات النقاد، القاص والشاعر عصفور حر، لا أقلم جناحيه بالمسميات.
 
■ كيف وظفت ثقافتك فى الأساطير والملاحم والتراث فى أعمالك؟
 
- أحب الموروث الشعبى التى سمعتها عن أبى وجدتي، القادمة من النجف، التى كانت تحفل بسجل حكايات فات المؤرخون، أن ينهلوا منه فانتهزت فرصة لأنقض بنهم على عالم تراثنا العراقى الزاخر بروح الشرق فى قصصى وحتى فى برنامج الأطفال الذى كنت أعده كى أنقل تلك الروح إلى غيري.
 
■ يقول أدونيس: لو أردت أن تكون شاعرا فعليك أن تكون عراقيا .. هل توافقين على هذا القول؟
 
- من أول فجر لهذه الأرض، ولد شاعر فى بابل، لذا بدأ للشعر تقويم ضوئى من أرض بلادي، مرت أعوام الله علينا ورأينا أن الزمن يريد رد جميله لأرض الرافدين ورغم أن الأدب ليس حكرا ولكنه ميز أبناء وطنى عن بقية خلق الله، فكل شيء هنا بخدمتنا الفصاحة والقضية، فلسفة تناقلها العراقى جينات محشوة بالإبداع مرت حضارات على كوكبنا الأرضى تنافسنا تسابقنا ولكنا سباقون منتصرون فالشاعر أدونيس يعرف أن أرض بلادى تمطر شعراء لآخر يوم كان هذه رسالتنا.
 
■ هل كتبتى قصة أو قصيدة كنتى بطلتها فعلا؟
 
 العشق حفر فى قلبى سراديبه، كنت بطلة أغلب قصائدي، وبطلة ثلث قصصي، لا نرجسية ولكن شفائى كان بأن أكتب، ولأنى أبحث عن أكسير يديم على توازني، كانت قصيدة «أنامل» وبـ»بعيدا عنهم» فى العشق وقصائد عن قتل أبي، وقصصا عن عمرى المنهوب كقصة «دبان صغيران» و»صندوق» ... إلخ من القصص تعتلى منصة ذاكرتى لتكون.
 
■ كيف تقيمين الحركة الأدبية فى العراق بعد رحيل «المارينز»؟
 
 - ما الرحيل وما البقاء إلا شكل يوهموننا به، أرضنا منذ أن خطت السماء حرفها الأول يتعاقب عليها الجلادون، لذلك نكتب بكل هذا الاحتراق، ينتصر الحب فينا والانتماء، يخرج جلاد بالمارينز، ويدخل موت وأحزاب تتناحر وإرهاب يمشى باستهتار علني، القضية واحدة وإن اختلفت الأسماء التى نطلقها، غير أن صوت الأدباء الآن صار أقوى.
 
■ ما تأثير ثورات الربيع العربى على الشأن العراقي؟
 
- ليس سرا أن الإنسانية تحملنا أمانة أن نظل بشرا لهم إحساس، وإن تغيرت حال الدنيا فى ظاهرها فباطنها محفوظ فى خلايا دمنا العربي، كم سنة مرت وفلسطين خنجر فى خاصرة كل عراقى ومصائب مصر وتونس وليبيا واليمن تستنطق حجارة الدرب، هل رفعت امرأة رأسها من سجادة صلاتها ولم يكن لكل مؤمن حصة فى الدعاء ؟....هل توقف بكاء رجالنا وهم يطالعون الاخبار ويرون شاشات التلفاز وأجهزة المذياع تتابع ذاك العربى المتعز بأصوله، هل كانت اللغة هى وحدها من تدل اننا عرب أم مشاركتنا فى خريطة ملونة يظهرها القمر الصناعي، إننا خرزات مسبحة واحدة تلمسها يد القدر المستهدف اعناقنا، ما طاب لنا العيش لاننا نظل نواعير من الغيرة على كل روح عربية اينما كانت فى بلادها او غربتها.
 
■ كيف تفاعلت إبداعيا مع ما سمى «الربيع العربي»؟
 
- قبل كل الدول بدأنا إنهاء عصر دكتاتوري، فرحنا وتمنينا أن تلحق بركبنا أمتنا، وعسانا بكل خير حين حلمنا أن القادم أفضل، فصول المسرحية كشفت لنا خفايا وبلايا، دستور جديد وأحزاب وملل ونحل وصراعات، إنه النفط تلك اللعنة الأبدية، أنت أيها الكرسى اكشفهم لنا، كل ما كتبته مزقته وبكيت، أبقيت قصيدة واحدة فقط اسمها «أوغاد ونجوم» لأنى رأيت أن اللعنة قد تكون قائمة إلى قيامة ستجىء.