السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خليفة العريفى: العالم العربى يعيش حالة من الأمية الثقافية.. وأزمة الكتاب أبرز تجلياتها

خليفة العريفى: العالم العربى يعيش حالة من الأمية الثقافية.. وأزمة الكتاب أبرز تجلياتها
خليفة العريفى: العالم العربى يعيش حالة من الأمية الثقافية.. وأزمة الكتاب أبرز تجلياتها




حوار – خالد بيومى

خليفة العريفى مبدع من البحرين متعدد الاهتمامات فهو كاتب ومخرج مسرحى وقاص وروائى وسيناريست، ترك بصمة كبيرة على الساحة الأدبية فى البحرين والإمارات والكويت. بدأ مسيرته الأدبية منتصف ستينيات القرن الماضى بكتابة القصة القصيرة، ومن مجموعاته القصصية «سفر الإفاقة» وله روايتان: جمرة الروح، رائحة القميص. وكتاب شعرى بعنوان ترنيمة البنفسج. كما كتب تاريخ موجز لتاريخ المسرح فى البحرين، وأخرج وشارك فى التمثيل فى عشرات المسرحيات التى لا تزال تعيش فى وجدان الجمهور منها: الطبول، السوق، حليمة ومنصور، نداء الدم، النحلة والأسد وغيرها، كان لـ«روزاليوسف» معه هذا الحوار فإلى نصه.

■ أنت قاص وروائى وكاتب ومخرج مسرحى وسيناريست.. كيف توفق بين هذه الاهتمامات المتعددة؟
- فى الحقيقة أنا لا أوفق بين هذه الاهتمامات، كتابة القصة، كانت بداية علاقتى بالأدب، وبدأت كتابة ونشر القصص القصيرة منذ ما بعد منتصف الستينات حتى دخلت عالم المسرح، وكان دخولى عالم المسرح مفاجئًا لى ولزملائى الأدباء.. عندما بدأ تكوين الفرق المسرحية فى البحرين عام 1970م طلب منى أن أكون قارئًا للنصوص، ومعرفة صلاحيتها وغيره، وكنت أحضر تدريبات مسرح أوال، وعندما اعتذر بطل المسرحية، غامر المخرج وطلب منى أن أجرب نفسي، ويبدو أننى اكتشفت استعدادى للتمثيل، فقررت الدراسة، فذهبت إلى الكويت ودرست هناك على يد الأستاذ الكبير زكى طليمات، ثم افتتح المعهد العالى فتورطت أكثر بالمسرح، ودرست على أيدى أساتذة كبار جعلونى شغوفا بالمسرح، أمثال كرم مطاوع وجلال الشرقاوى وأحمد عبد الحليم. فتوقفت تماما عن كتابة القصة. لأنى دخلت السحر الأعظم، حالة جديدة، أبعدتنى عن كل شيء أكثر من أربعين عاما. بعد هذا العمر فى المسرح وجدت أنى غير قادر على تطوير تجربتى المسرحية فتوقفت. وعدت لكتابة القصة من جديد، والتى تطورت بعد ذلك لكتابة الرواية. هذا يعنى أن كل حالة كانت قائمة بذاتها زمنيا.
■ برأيك.. هذا التعدد ثراء أم تشظى للموهبة؟
- لا أدري، حقيقة لا أدري. وجدت نفسى أفعل كل شيء، ولكن على حدة، لم أخلط أبدا بين كتابة القصة، والعمل المسرحي، والرواية، ولكنى اعتقد أن النضج الثقافى والأدبى له تأثير فى التحول من حالة إلى أخرى، ولكنى بالتأكيد لم أخلط بينها.
■ كيف تشكلت مرجعيتك الإبداعية؟
- تشكلت هذه المرجعية من الكتاب العربى المصرى أولا، من إحسان عبد القدوس، وليس انتهاء بيوسف إدريس، عمالقة الأدب العربي، وأن كنت قد تأثرت كثيرا بنجيب محفوظ، ثم جاءت الترجمات العربية المصرية للأدب العالمي، من قصة ورواية ومسرح.
■ أنت رائد الحركة المسرحية فى البحرين والإمارات.. ما السبب فى أزمة المسرح حاليا؟
- المسرح بوصفه ثقافة راقية، ومنهل للمعرفة، يعيش أزمة الأمة.. الأمة تعيش حالة من الأمية الثقافية والمعرفية، وحتى التعليمية، ليس المسرح من يعيش أزمة، حتى الكِتاب يعيش أزمة.
■ برأيك هل الأزمة أزمة نصوص أم تمويل؟
- الأزمة حضارية تمامًا وليست أزمة نصوص. عنما يصير المسرح حاجة ملحة من حاجات بناء الحضارة، لن تكون هناك أزمة.
■ لنتوقف عند روايتك الأولى «جمرة الروح» هل توازى فى مكانتها الحب الأول كما هو متعرف عليه؟
- نعم هى توازى الحب الأول، بل أن هذا الحب سيكون المعادل الموضوع لكتابًاتى القادمة، ولا تسألنى لماذا؟ لأنى فى الحقيقة لا أدري.
■ هل الاقتراحات التجريبية التى حملتها الرواية أرضت تطلعاتك تجاه هذا الفن؟
- لا أبدًا، أردت فى هذه الرواية أن أكون مختلفًا، والاختلاف يتطلب تجريب أدوات أخرى مختلفة، وبالتالى وجدتنى أخوض فى التجريب قدر الإمكان، بحيث لا أبتعد كثيرا عن ذائقة القارئ العربي.
■ حدثنا عن الجانب التقنى لعملية الكتابة لديك؟
- فى الحقيقة أننى لم أفكر فى تقنية معينة، كل رواياتى الثلاث حتى الآن كتبت بطريقة مختلفة عن الأخرى قليلا، وأن العامل الأساسى فيها هو الحب... الحب أولا الحب أخيرا.
■ ما التجربة الإبداعية التى قدمتها روايتك الثانية «رائحة القميص»؟
- أنا فقط كنت أريد أن أقول «أن الحب رفيق الحرية» الحب والحرية توأمان لا ينفصلان بتاتًا، يخرج الحب من نعيم القصر ليعيش الحرية، ثم يلجأ إلى القرية باعتبارها مكانًا آمنا للحرية والحب.
■ لماذا يشعر المثقف اليوم بالاغتراب عن واقعه وزمنه؟
- هذا عندنا فقط! بسبب أننا شعوب نعيش حالة سياسية بحتة، والسياسة فى عالمنا العربى عدو للثقافة.. كل ما حدث فيما يسمى بالربيع العربى كان سياسيًا، كان المثقف يقف على الرصيف يتفرج فى سخرية. نظرة متأنية على الأوضاع فى الوطن العربى سنعرف منها مكانة المثقف العربي، رغم أن هذا المثقف يعيش الهم ويعانيه، ودوره الوحيد هو أن يعبر عن غربته فى العملية الابداعية. وهنا لا أعنى مثقفى الأدب، ولكن حتى مثقفى العلوم الاقتصادية الأهم، مبعدون عن عملية بناء الأوطان. ولهذا تظل عملية بناء الأوطان مجرد كلام سياسي.
■ هل كتبت عملا مستمدا من سيرتك الذاتية؟
- حتى الآن لم يكن لحياتى الخاصة دور فى أعمالى سواء كانت القصصية أو المسرحية أو الروائية. ولكن إذا تتبعنا اى عمل أدبى سنشم رائحة الكاتب الشخصية فى مكان ما فى فعل ما، فى إحدى الشخصيات، ولكنى أنا حتى الآن لم أجرؤ على ذلك.
■ بدأت مسيرتك الإبداعية بكتابة القصة القصيرة، ثم توقفت عن كتابتها واتجهت إلى المسرح والرواية.. لماذا؟
- لا أدري، حقيقة لا أدري، أنا فقط وجدت نفسى متورطا فى ورطات كثيرة، ولم أعرف كيف أخرج منها، أحب فقط أن اعتقد أنها ورطات جميلة، جعلتنى فى النهاية أعيش حالة من التوازن الجميل، ويمكننى أن أقول إننى بشكل ما سعيد بما حققته، وبما أفكر فيه من مشاريع مستقبلية.
■ هل يمكننا رسم سياق خاص لتطور الإبداع البحرينى خلال السنوات المنصرمة؟
- أنا شخصيا لا استطيع رسم هذا السياق أبدًا، هناك من هم أعرف منى بذلك، فهذا تخصص ليس قريبا مني، ولكنى استطيع أن أقول إن حركة الإبداع فى البحرين لا تبتعد كثيرًا عن حركة الابداع فى الوطن العربي، منذ الستينات وحتى نهاية السبعينات، كان السياق جميلًا، بعدها بدأ الهبوط قليلًا، صار للحركات السياسية دورٌ فى صناعة الأزمات، صار للمد الدينى السياسى دور فى عرقلة المسيرة. حتى المد الطائفى صار له دور فى ذلك.
■ برأيك.. لماذا تفوقت شعبية الدراما التلفزيونية على شعبية الكتاب؟
- الصورة.. الصورة.. نحن الآن فى عصر الصورة بلا جدال، الآن صار على المسرحيين أن يعتنوا بمسرح الصورة، لأنه الأكثر وصولا للمتلقي. الإنسان المعاصر الآن يريد أن يسترخى فى بيته على اريكته، وأمامه كأسه، وبيده سيجارته، ثم يلف العالم كما يشاء، ويشاهد ما يشاء، ويتحدث مع زوجته، ويكتب رسائل مصورة إلى أصدقائه على «سناب شات» ويضحك، ويعطى أولاده تعليمات تربوية، ثم يعود إلى الشاشة ليتابع مسلسله المفضل، عصر الصورة، الكتاب متعب، يحتاج جلسة خاصة وتركيز.
■ ما علاقتك بالمكتبة الرقمية؟
- حتى الآن علاقتى المكتبة الرقمية، ضعيفة، ما زلت أحب الكتاب، رائحة الورق لها نكهتها الخاصة، تركيزى فى القراءة يكون أفضل، منذ أشهر قليلة بدأت أبحث عن الكتب التى لا توجد فى المكتبات، فوجدت بعضها على جوجل، وبدأت اقرأ. متعبة القراءة من شاشة الحاسوب، ولكن ما باليد حيلة، بعض أصدقائى يقرؤون الكتب على الموبايل، فاستغرب من ذلك، ولكن الزمن يجرى أسرع منا وعلينا أن لا نتوقف ونتفرج عليه.