السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. ما أجمل الغروب فى وطنى!

واحة الإبداع.. ما أجمل الغروب فى وطنى!
واحة الإبداع.. ما أجمل الغروب فى وطنى!




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات للفنان خالد السماحى



ما أجمل الغروب فى وطنى!

بقلم_ محمد بتش مسعود - الجزائر


كان القارب المتهالك يمخر عباب البحر، تهاجمنا الأمواج مرة وتدبر أخرى، يوم كامل ونحن على الماء البارد، القارب مكتظ وضيق، منذ إبحارنا لم نذق شيئا، كان البرد والجوع يمزّقان الجميع، كان منظر الغروب رائعا تمنـّيته لو كان فى وطنى من على شرفة منزلى.. عندما خيـّم الظلام زادت مواجعى، تذكـّرت قول الشاعر..  وليل أرخى علىّ سدوله بأنواع الهموم ليبتلي. تعالى بكاء طفل صغير جائع.. قطعة خبز يا جماعة.. قالت أمّه بنبرات قطـّعت أوصالى.. عمّ سكوت ثقيل مميت القارب، حوقلتُ مرة، استغفرتُ مرّات، عبثا كنتُ أبحثُ فى جيوبى علـّنى أجد بعض الفتات،لم يكن معى سوى جسمى وروحي،لقد أنفقتُ كلّ ما أملك لعبور البحر، منيت نفسى بأحلام وردية.. لقد تعطـّل المحرك.. قالها صاحبه بغضب وأشبع المحرك سبـّا وشتما.. يا الهى.. المطر.. تعالى الصّراخ والعويل، هاجت الأمواج، لم أدر كيف حدث الأمر، كنتُ أسبح مُمْسكا بحقيبتي، بدأت أغيب عن وعيي، أحسست بيد تسحبنى.
كانت الأضواء البيضاء تنير المكان. عندما فتحت عيناى كان الصباح، عرفت أنّ حرس السواحل أنقذونى، لقد نجا ثلاثة منـّا فقط.. قيل لنا فى مركز الإيواء..ستعودون لأوطانكم، تمنيتُ لو بقيتُ فى وطنى الجريح.. قال مرافقي..اللـّعنة على حكـّامنا وأفرغ ما فى جعبته، تكلم وأطنب، لم يستطع السّكوت، أحسستُ بصداع شديد، كان العرق يغسلنى، سمعت أحدهم يطلب الطبيب، الحقنة المؤلمة أيقظتنى.. عندما كنتُ فى الطائرة شدّنى الحنين لرائحة تراب وطنى، تذكــّرت الغروب من على شرفة منزلى.. ما أجمله.