السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عصام حمزة: بناء الإنسان سر المعجزة اليابانية

عصام حمزة: بناء الإنسان سر المعجزة اليابانية
عصام حمزة: بناء الإنسان سر المعجزة اليابانية




كتب - خالد بيومى


نظمت مؤسسة اليابان بالقاهرة مؤخرا محاضرة بعنوان «التجربة اليابانية» للدكتور عصام حمزة أستاذ اللغة اليابانية بجامعة القاهرة وعميد كلية اللغات والترجمة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وقدمه للجمهور السيد ماساكازو تاكاهاشى مدير مؤسسة اليابان فى مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد أشاد تاكاهاشى بالدور الثقافى الذى قام به د.حمزة فى نشر الثقافة اليابانية فى مصر والعالم العربى  وأشاد بالعلاقات الثقافية المتميزة بين مصر واليابان وقد تناول «حمزة» فى محاضرته الخطوات التى اتخذتها اليابان للخروج من كبوتها عقب هزيمتها أمام الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية والمعاناة التى تجرعتها جراء إلقاء القنبلتين النوويتين على مدينتى هيروشيما ونجازاكى منذ 72 عاما ومن قبلهما تم تدمير مدينة طوكيو فى 10 مارس 1945 التى ضربت بـ344 طائرة أمريكية ودمرت 40% من محافظة طوكيو وخلفت 100 ألف من الضحايا وتم تدمير 270 ألف منزل.
وأشار «حمزة» إلى أن تجربة الحداثة بدأت فى اليابان عام 1866، وجاءت الحرب العالمية الثانية لتجهز على تجربة الحداثة التى استمرت 72 عاما. وقد وقعت اليابان فى خطأ كبير عندما تحولت إلى دولة استعمارية حيث احتلت الصين وأسست دولة منشوريا فى شمال الصين مما ترتب عليه خروجها من عصبة الأمم عام 1932 وانضمت لدول المحور «ألمانيا وإيطاليا»، كما احتلت كوريا وألغت اللغة الكورية ووصل نفوذها إلى احتلال الفلبين وماليزيا إلى حدود الهند من أجل الحصول على المواد الخام وفتح أسواق جديدة أمام منتجاتها. وبرر المسئولون فى اليابان للشعب اليابانى بأن هذا الإجراء جاء كمحاولة لتحرير آسيا من الاستعمار الغربي.
وجاءت الطامة الكبرى عندما حطمت اليابان الأسطول الأمريكى فى «بيرل هاربور»  فى 8 ديسمبر 1945 مما دفع أمريكا إلى إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجازاكى فى 8 أغسطس 1945. ورغم أن اليابان كان لديها ثلاثة ونصف مليون جندى وستة آلاف طائرة موزعة فى آسيا لاستكمال الحرب، لكن لأول مرة يظهر الإمبراطور اليابانى فى 15 أغسطس فى الإذاعة ليلقى بيان نهاية الحرب وليس الهزيمة، ولم تعترف اليابان بالهزيمة قط.
ويرى «حمزة» أن هذا القرار كان بداية التقدم فى اليابان عندما تحول الاهتمام بالإنسان اليابانى بعدما كانت الدولة مسيطرة على كل شىء.
وطلب الإمبراطور من الحكومة رفع الروح المعنوية للناس، وكانت نوافذ البيوت مغطاة باللون الأسود فأمر الإمبراطور برفع الأغطية السوداء ولأول مرة يصبح هناك أضواء خارجية للمنازل وسمح بعزف الموسيقى وتم السماح بتركيب التليفونات فى البيوت لأول مرة وسمحوا باستخدام التلغراف والرسائل وتم إعادة افتتاح دور السينما والمسارح، وكان الشعور بالسلام مهدئا لمشاعر الناس.
وتم تفتيت الملكيات الزراعية وتوزيعها على صغار الملاك بحيث لا يزيد نصيب الفرد الواحد عن هكتار ويشترط أن يكون فلاحا ينتج وقامت الحكومة عام 1947 بشراء 90 % من الأراضى وصدر قانون منع الاحتكار. كما لم يسمح بامتلاك أى أسرة أكثر من 500 ين شهريا.
وفى الانتخابات البرلمانية عام 1946 تم منع العائلات المحتكرة للسلطة من الترشيح لإعادة البلاد من جديد.
وكان من أبرز دعائم النهضة اليابانية المعاصرة التعليم وظهر ما يسمى فصول «السماء الزرقاء» حيث كانت تقام الفصول الدراسية فى الهواء الطلق واستعانت الحكومة بطلاب الجامعات ليقوموا بتعليم طلاب المرحلة الثانوية، واستعانت بطلاب المرحلة الثانوية لتعليم تلاميذ المرحلة الإعدادية والابتدائية وركزوا على دراسة الجغرافيا وتاريخ كل محافظة حتى ينشأ الطالب على الانتماء للمكان الموجود فيه والاعتماد على الضمير هو سر تقدم التعليم فى اليابان فصحوة الضمير لا تحتاج إلى قانون.
واليابان لا تمتلك موارد طبيعة باستثناء الثروة البشرية التى كنت ولا تزال سر المعجزة اليابانية كما كان يتم الاستعانة بالطلاب فى تصنيع الراديو الترانزستور فى حصص الأشغال. وفى مجال الاقتصاد أصدرت الحكومة قانون تنظيم إعادة الشركات والمؤسسات المالية وقدمت قروض لأصحابها لكى تستعيد عافيتها. واستعانوا بالخبراء الأمريكان والنظريات الاقتصادية الغربية، وقاموا بتوظيف عمالة مؤقتة . فأثناء السقوط يكتشف الإنسان نفسه.
وقد استفادت اليابان من اشتعال الحرب الكورية حيث كانت تمد الأطراف المتحاربة بالمواد الغذائية والصناعات البسيطة ومخلفات الحرب العالمية الثانية، كمان كان الجنود الأمريكان يقضون إجازة نهاية الأسبوع فى اليابان  مما أنعش الاقتصاد اليابانى وفى عام 1952 بلغت قيمة الصادرات اليابانية 800 مليون دولار.
كما قامت السينما بتخليد البطولات وبث قيم جديدة كالانتماء وإتقان العمل، وبث روح المنافسة، وعاد الأدباء يكتبون روايات من جديد، وقد لخص «حمزة» سر التقدم اليابانى بضرورة وجود إرادة شعبية لتحقيق التقدم وتحث القيادة السياسية على خوض غمار التقدم.