الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المفتى: كثرة التساؤل عن الزكاة والصدقات تعكس شعور المصريين بضرورة التكافل والتراحم

المفتى: كثرة التساؤل عن الزكاة والصدقات تعكس شعور المصريين بضرورة التكافل والتراحم
المفتى: كثرة التساؤل عن الزكاة والصدقات تعكس شعور المصريين بضرورة التكافل والتراحم




أكد د. شوقى علام مفتى الجمهورية أن قضية التراحم بين العالمين هى قضية الإسلام الأولى، وقد حث الإسلام فى تكامله على الرحمة ودعا إلى التراحم والرفق فى الأمور كلها، فقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، وقال صلى الله عليه وسلم مخبرًا عن نفسه: «إنما أنا رحمة مهداة». والتشريع الإسلامى إنما يجسد موضوع الرحمة والتراحم المجتمعي، وهو ما يلاحظ من استقراء التشريع وتتبعه بشكل كامل.
ولفت إلى أن دار الإفتاء تتلقى أسئلة كثيرة عن الزكاة والصدقات والإعانات، بما يعكس شعورًا جمعيًّا بضرورة التعاون والتكافل والتراحم، والوعى بهذه القضية يعكس ثقافة المجتمع ومدى حضور النموذج النبوى الموروث من رسولنا الكريم، والإنسان المسلم نموذج حضارى خُلق لنفع المجتمع فتجده ملبِّيًا كل نداء للخير.
وأضاف مبينًا مكانة الرحمة والتكافل فى الإسلام: التشريع فى أمره ونهيه إنما يحقق المصلحة فى جانب الأوامر ويدفع المفسدة فى جانب النواهي، وكلاهما رحمة للعالمين، فضلًا عن أن المنظور الشرعى يلحظ مصلحة الخلق فى الدنيا والآخرة، فالإسلام فى نظرته إلى التراحم إنما ينظر إليها نظرة كليةً شاملة، بحيث نشعر أن التشريع يحيط الإنسان بالرحمة منذ ولادته وحتى يوم الدين.
أضاف أن التطبيق العملى للتشريع فى إجراءاته المتنوعة يهتم بقضية التكافل والتراحم، نجد ذلك مبثوثًا فى أمور الشريعة كلها، كالإعانة للطوائف المحتاجة، كما نرى أن تشريعات الزكاة جاءت متكاملة لتصب فى صالح المحتاجين، والحكمة منها هى كفاية المحتاج، حيث لا يشعر بالتهميش والدونية؛ بما يدفعه للتفاعل مع المجتمع مؤثرًا فيه ومتأثرًا به إيجابًا لا سلبًا.
وتابع : هذه الطوائف المحتاجة فى مجملها هى طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالًا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقصت صدقة من مال»، فالمعطى وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب نظرية التشغيل التى نادى بها الاقتصادى الإنجليزى جون ماينرد كينز لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة فى الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.
وأضاف أن تشريعات الزكاة تشمل ثمانية مصارف حددها العلماء، ومصرف فى «سبيل الله» يتسع لجملة الخير كله، وقد بحثنا حكم إعطاء الزكاة للاجئين والمتضررين من السيول والكوارث فى دار الإفتاء، فوجدنا الفقهاء بحثوه بحثًا منتعًا اعتبروا فيه المتضرر كالمنقطع مثله مثل ابن السبيل حتى يجتاز ظرفه الطارئ هذا، وعليه قِيس المتضررون من الكوارث والسيول على مصرف ابن السبيل.
وتابع: ثمة نصوص كثيرة تحث على التراحم والتكافل، وهى من الكثرة بحيث يصعب حصرها، حيث يصف ربنا نفسه بالرحمة ابتداءً، وعليه يبتدئ المسلم عمله صغيرًا كان أو كبيرًا بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، وكل عمل الإنسان يجب أن يكون مشتقًّا من الرحمة ليثمر التراحم، حيث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، وهذا التعبير الرائع يصلح عنوانًا لكل إنسان مسلم، بحيث يجب أن تكون حياته رحمة وتراحمًا مع غيره، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، لم يضرب حيوانًا ولا نباتًا ولا جمادًا، كان يحث عل الرفق فى كل شيء، والرفق من ثمرات التراحم واستحضاره يولد الرحمة بكل ما فى الوجود حتى الجماد؛ دخلت امرأة النار فى هرة حبستها، ودخلت بَغِيٌّ الجنةَ فى كلب سقته. ثم يرتفع صلوات ربى عليه وسلامه بالرحمة إلى ذراها عندما يعامل الإنسان إلى درجة أنه لم يضرب زوجًا ولا ولدًا ولا خادمًا ولم يضرب على الجملة أحدًا بيده قط، وإنما هى يد الكرم والعطاء والرحمة، التى ترتكز فى النفوس فتجد ثمرة ذلك على سلوك المسلم العام.