الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. صك الغفران

واحة الإبداع.. صك الغفران
واحة الإبداع.. صك الغفران




اللوحات للفنان
أدهم بدوى

يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    

[email protected]


صك الغفران

قصة قصيرة

كتبتها – رغدة إسماعيل   

 جلست على كرسيها الهزاز، تتأرجح للأمام والخلف وتمضى معها فى تتابع أيام عمرها الماضى والمستقبل، ذكرياتها ومستقبلها، أعجب النسيم باهتزازتها فحرك الستائر بتتابع مشاعرها الفرحه بدفعة هواء قوية، وفى حزنها باختفاء أثرها وهكذا، تقاسموا جميعهم المكان والزمان وهى لحظات الذكرى حتى أضواء القمر، بدت تتراقص بفعل حركة الهواء على الستائر داخل المكان لتعانق تارة خصلات شعرها فيذوب كل منهما فى الآخر، فى رقصة منظمة الخطوات على نسمات الهواء كذكرياتها وتختفى ويهدأ شعرها فى غموض! كمستقبلها، نظراتها المسافرة إلى نجوم السماء البعيدة، أنفاسها التى تنتشى بتلك الروائح المختلطة من شجرة الياسمين ورائحة قهوتها المنعشة، ترتشف منها على مهل تعيد تذوق حياتها من جديد من خلال رشفاتها ما بين مرارة وانتباه منعش، لم تشهد ليلة فى حياتها أطول من تلك الليلة! برغم سحرها الربيعى لكنها لأول مرة ترى بوضوح روحها المسافرة بعيداً عنها، سافرت روحها هناك ترى زوجها ارتد سنوات بعمره ليصير شاباً فى عرسه وهى فى مكانها، لا هى تستطيع ان تستعيد عمرها ولا تستطيع أن تشاركه تلك اللحظة، لديه عروس جديد غيرها، لقد انتهى كل شيء، عندما رأى الزوج فرصة لتجديد شبابه المنتهى على يد بنت الريف الجميلة!
وحياة وصخب مرح يجدد الحياة بعد انشغال الابناء كل بحياته الخاصة ومستقبله، تحركت أناملها ببطء تدور حول حافة فنجان قهوتها، كراقصة بالية تدور حول ذاتها، ارتفعت يدها تتحسس وجهها ببطء تمر على كل خط سار به الزمن على وجهها فتبتسم نصف إبتسامة وتنتابها رغبة لترى وجهها فى المرآة، ذلك الوجه الذى بدأ يظهر على وجهها ويختفى شيئا فشيئا إعجابه وغزله وتقديره.. هل شكلى كان كل شيء؟، هل هى تلك القصة؟، كيف لى أن أراه هكذا بوضوح؟ الآن يبتسم لعروسه! وما هذا الخاتم من الألماس!؟ لماذا لم يهدينى مثله يوما ما؟، أكنت مقصرة فى شىء أم أعطيته أكثر مما يتمنى!، أراه الآن يسعل وهى تنظر لخاتمها بابتسامتها المصطنعة، لا تندهشى يا حلوتي، قليلا وستكونين مع الواقع وجهها لوجه، إنه العجوز المتصابي، تنهدت متذكرة أبنائها وأحفادها حتى هؤلاء خذلوها، تحركت مع أفكارها تجاه غرفة نومها نظرت إلى فراشهما الذى أصبح لها اليوم تبيت فيه وحيدة من دونه، من يعيد لها شبابها وعمرها عادت تلك الابتسامة المكسورة لترتسم على وجهها ثانية، رتبت حقيبة رحيلها ومعها صور أحفادها.
أنهت أعمالها وروحها مازالت بعيدة تشاهد الأحداث وتنقل لها الأخبار لحظة بلحظة، حتى كوب الشربات التى سكب على ثوب العروس!، ما عادت تفكر فى شىء، نمطية اهتزاز كرسيها ما عادت تهمها صارت تتأمل فى المجهول، أذان الفجر وصوت صلاتها ودعائها غفوتها القليلة على كرسيها، ومع شروق الشمس ودعت كل أماكن سكنها، احتضنتها عينيها قبل قلبها، رحلت إلى من يشبهونها من يكونون مثلها يتشاركون همومها حتى ولو بالصمت، لم يعرف أحد أين هى؟ ولا متى اختفت؟.
وسائل الإعلام أخبرت الجميع عن مكانها..  من أطلق عليها «عرافة» ومن أطلق عليها «شيخة» فهى تستطيع قرأه الأفكار والسفر بروحها عبر الزمان والمكان، أفاق الزوج من عسل زواجه الجديد على شهرة زوجته المختفيه وأصبحت حديث وسائل الاعلام العالمية بسبب موهبتها، جمع أولادها وذهبوا أخيرا لزيارتها، وطلب صك الغفران.. مع تباشير الحياة كانوا أول الزائرين لدار المسنين لكن تفاجأ الجميع باختفائها، تناثرت الشائعات، وكانت أقواها أنها جندت لجهة سيادية دولية!.