الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«تمرد الإنسان» يجمع أعمال معرضى «مليكة» و«الفقى»




العمل الفنى ما هو إلا تجربة فنية جمالية تحمل مضمونا وهدفا يقدمها الفنان بأدواته وخاماته وتقنياته من خلال مذهبه التشكيلى، من هذا المفهوم عرض بمركز «الجزيرة» بالزمالك أعمال كل من الفنان التشكيلى جمال مليكة، والنحات كمال الفقى، حيث اجتمعا دون قصدية تشكيلية على أن يكون الإنسان وتمرده والمتغيرات التى تطرأ عليه هى العنصر الأساسى فى أعمالهما الفنية.
 
الفنان التشكيلى جمال مليكة فنان مصرى نشأ فى صعيد مصر، يرتبط بالأرض فى كل أعماله الفنية، الأرض كمضمون وقيمة وليس مجرد شكل، قدم عدة تجارب فنية تحمل معنى «البعث»، منها مجموعة لوحات تصويرية زيتية يتضمن كل عمل مجموعات من الشخصيات الضبابية الملامح مختزلة التفاصيل، تبدو وكأنها مفرغة، مستخدما الاتجاه الفنى التعبيري، تلتف حول الشخصيات خطوط ودوائر فى تقاطع بكل الاتجاهات، هذه خطوط، رغم أنها تشبه الأسلاك، فإن المتلقى قد يراها قيودا أو يعتبر الخطوط أداة تماسك تربط الشخصيات بعضها ببعض فى حميمة تشكيلية وفنية، واستخدم حساً دافئ اللون رغم أنها الألوان الحارة ما بين الأحمر والبرتقالي، ولكنها تنبض بالدرامية من خلال ضربات فرشاته جراءة وتأثيرية معبرة.
 
تجربة فنية أخرى مجموعة تصويرية حدد فيها اللون الرمادى المحايد وأوراق الذهبية وهى ترجمة وقراءه للأرض بعمقها وجذورها فى معالجة فنية ملامس وتجسيم وكأنها أطروحة لآثار مرور الزمن من خلال استخدامه لطبقات عجائن تحضيرية باتجاهاتها كثيرة أضاف عليها لونين فقط الرمادى والذهبى فى توزيع متوازن متكامل مضموناً.
 
أما التجربة الثالثة فهى أشكال من الخطوط باستخدام الأسلاك، اكتملت لتكون شكلاً إنسانياً فى حالة مراوغة نفسية، وهى رؤية خاصة للفنان يرى من خلالها الإنسان يتكون من كل هذه الخطوط، وهذا العمل يتوافق فكرياً مع الأعمال التصويرية الحائطية مما أظهر الإنسان فى تمرد وخروج من مجموعات اللوحات.
 
الفنان النحات كمال الفقى حصل مؤخرا على جائزة صالون الشباب الـ23 هو نحات متميز، دائما ما يحمل فكراً ومضمونا فى أعماله النحتية، يتعامل مع الكتلة باعتبارها أداة تعبير حسية وجدانية وليس كتلة صامتة، قدم عملاً «تجهيز فى الفراغ» تحت عنوان «ديمركراس» يتكون من ٩٦ قطعة نحت لشخصيات مختلفة الحركة والأطوال، وتسع رزم من الجرائد، أبدع الفنان فى تنظيم وتوزيع الكتلة النحتية فى الفراغ، العمل يثير تساؤلات عديدة وقد يقرأه المتلقى بقراءات نقدية كثيرة، الشخصيات المنحوتة وضع البعض يحاولون التسلق على قمة الصحف، وشخصيات أخرى تسير حول الصحف، وكل منهم يسير فى اتجاه معاكس، ويدوس بأقدامه على الصحف، ربما يقصد الفنان أن هؤلاء الأشخاص لا يعنيهم الأحداث أو أنهم ليصدقوا ما يكتب الصحف، ويبدو أنهم أشخاص غير متفقين على رأى، لكل شخصية حاله تعبيرية وملامح خاصة رغم اختزاله للتفاصيل، لكن من يدقق فى الكتلة النحتية يجدها متوازنة وتتحدث وتتحاور بصخب وهدوء فى آن واحد، فلسفة ورؤية فى الواقع لم تقدم فنياً من قبل، كما يمكن أن يقرأ العمل أنه تعبير عن حالة رفض ونفور المواطن المصرى البسيط مما ينشر فى الصحف حول الأحداث، التى جعلت الأشخاص تسير فكرياً وفعلياً فى عدة اتجاهات ومتباعدة دون وجود مساحة للتوافق، وشخصيات أخرى حين تتقرب منها تجدها تتشاجر وتنافس مع ذاتها، مما يؤكد أن كل هؤلاء الأشخاص ربما يكونون شخصاً واحداً، وأيضا كل هذه الشخصيات تذكرنا بالثورة وحالة البحث عن الصحف التى تكتب عن أحداث الثورة، وحين يتحمل العمل الفنى كل هذه القراءات وأكثر منها، فهذا يؤكد أن الفنان جعل المتلقى جزءا من تفسير العمل.