الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

جمال فتحى: بالإبداع نستطيع القضاء على الإرهاب

جمال فتحى: بالإبداع نستطيع القضاء على الإرهاب
جمال فتحى: بالإبداع نستطيع القضاء على الإرهاب




حوار – خالد بيومى


يمتلك الشاعر جمال فتحى صوتا شعريا مميزا فى الحركة الشعرية المصرية، وقد استقر فى أرض التجريب الشعرى بكياناته المتعددة، يتكئ فى قصائده على جراح الماضي، ويستشرف المستقبل.
عن سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلى للثقافة صدر ديوانه الأول «فى السنة أيام زيادة» عام 2001 والذى وضع اسمه على خريطة شعر العامية مبكرا، تأخر إصداره الثانى لـ6 سنوات كاملة باعتبار أن نشر ديوان مسألة مهمة ومسئولية كبيرة، يستعد الآن لإصدار ديوان جديد بعنوان «لابس مزيكا» وهو الخامس فى مسيرته بعد «عنيا بتشوف كويس» و«جلد ميت»، فضلا عن ديوان فصحى وحيد صدر العام الماضى بعنوان «فور العثور على قدمي» فضلا عن أعمال أخرى وعدة جوائز.. وبمناسبة قرب صدور الديوان كان لنا معه هذا الحوار.
■ بدءًا بأحدث دواوينك والذى ما زال فى طور الطباعة.. ما الذى يمكن أن تقوله عنه وعن تجربتك فيه؟
- أحدث دواوينى بالعامية المقرر صدوره عن قصور الثقافة بعنوان «لابِس مزّيكا» هو تجربة مختلفة تماما عن تجاربى السابقة وكنت أتمنى أن أخوضها لوقت طويل وقد كان؛ هى قصيدة واحدة طويلة مكونة من عدد كبير من الفقرات شعرية أحاور من خلالها الوجود كله بما فى ذلك ذاتى الإنسانية، وحى ذاتى الشاعرة، واعتبر هذا الديوان تحديدا محطة مهمة وفاصلة فى مشوارى فى العامية والذى بدأته بديوانى الأول «فى السنة أيام زيادة» الذى صدر عام 2001 عن سلسة الكتاب الأول بالمجلس الأعلى للثقافة.
■ هل ترى أن شعر العامية يعانى تهميشا تاريخيا وقهرا إبداعيا واضحا؟
- لا شك أن شعر العامية يعانى من التجاهل والتسفيه والتهميش المتعمد، سواء من جانب الأكاديميين الذين يتعاملون مع قصيدة العامية بمنطق «الزواج العرفى» إذ يستمتعون بها فى الجلسات الخاصة وبين الأصدقاء المبدعين ثم ينكرونها فى الفعاليات الرسمية والمؤتمرات والدراسات النقدية الجامعية وغيرها..، لكن الحق يقال إن ذلك التهميش والتجاهل للعامية هو مجرد رقم فى معادلة تهميش وتجاهل الشعر ذاته بشكل عام ومنه شعر الفصحى نفسه، ولعل نظرة واحدة إلى الجوائز والمنح والفعاليات المخصصة للسرد سواء كقصة أو رواية تؤكد كلامي.. لقد صار الشعر غريب غربة الإنسان فى هذا الزمان الصعب.
■ كيف ترى دورك كمحرر ثقافى بالإضافة لكونك شاعرًا وكاتبًا؟
- العمل الصحفى ينهك المبدع الذى يجمع بين الإبداع والصحافة وأذكر جملة قالها الأديب والكاتب الصحفى الراحل جمال الغيطانى عندما قال: «لولا الصحافة لكانت مؤلفاتى ضعف ما هى عليه الآن»، لكن رغم ذلك للصحافة وجوه إيجابية يجب ألا ننكرها أهمها أنها تساعد المبدع على رواج اسمه بشكل أكبر فضلا عن إثراء تجربته الإنسانية عبر مهنة مليئة بالتجارب والخبرات مما يصب فى النهاية فى مرجل إبداعه.
كمحرر ثقافى أحاول دائما القيام بدور تنويرى وداعم للمواهب الشابة وخاصة المبدعين فى أقاليم مصر البعيدة بمنح الفرصة لهم من أجل الظهور، سواء بإلقاء الضوء على إبداعاتهم أو استضافتهم فى حوارات للحديث عن تجربتهم أو عرض كتبهم وأفكارهم بالكتابة عنها.
■ كيف ترى شعر العامية وتطوره بعد ثورة يناير؟
- منحت ثورة يناير واعتصام الميدان والتحام الجماهير شعر العامية قبلة حياة جديدة، فبرزت من جديد قصائد حداد وجاهين ونجم والأبنودى وحجاب، وتألق مجموعة رائعة من الشباب المبدعين، أمثال مصطفى إبراهيم سعيد وشحاتة وسالم الشهبانى، وعمرو حسن وعادت للقصيدة ميلها للإيقاع والقوافى التى تقربها من حالة الغناء وهى الحالة المناسبة لإيقاع الجماهير الهاتفة، بعد أن كانت قصيدة العامية قد دخلت نفقا مظلما بميل معظم شعرائها لكتابة قصيدة نثر العامية، وبعض هؤلاء لم يفهم معنى شاعرية السائد واليومى والمألوف فهما صحيحا فكتب قصائد أقل قيمة من الكلام العادى.
■ ما السر وراء خروج ديوان فصحى وحيد فى سرب من دواوين العامية؟
- ديوان الوحيد باللغة الفصحى «فور العثور على قدمى»، تجربة مفاجئة لى قبل أى أحد آخر، إذ تفجرت فجأة عين شعرية بماء قصيدة الفصحى بلا سابق إنذار، وتلك روعة الكتابة التى تكتشف بها وعبرها نفسك وذاتك قبل أن تكتشف العالم، حيث فوجئت أننى بعد 4 دواوين عامية أخوض تجربة نفسية وذهنية أسفرت عن عدد كبير من القصائد اختارت شكلها وقالبها وثوبها اللغوى وجنسها الأدبى ولم يكن لى أى دخل فى هذا وكل ما فعلته فقط أننى أفسحت لها الطريق لتمر، ولا أعرف أبدا إن كانت ستتكرر أم أنها تجربة الديوان الواحد وكفي، كل ما أفهمه أن فكرة إصدار ديوان جديد مسألة مهمة ومسئولية كبيرة على المبدع لأنه سيظل يحمل اسمه إلى الأبد
■ ألم يشغل بالك تأثير التنقل بين العامية والفصحى على تقييمك كشاعر؟
- لا يهمنى الجنس الأدبى الذى أكتب فيه، عامية أو فصحى سيان وما أفهمه واعتقد فيه أن الشعر مملكة مترامية ولها أبواب لا نهائية ومن حق كل شاعر وأى شاعر أن يختار الباب الذى يدخل منه أو حتى يخترعه أن لم يكن له وجود طالما فى النهاية أن جميع الشعراء سيلتقون بالداخل.
■ كتابتك للعامية والفصحى أمر مفهوم لكن كتابتك الساخرة أمر يحتاج إلى تفسير؟
- فعلا كتابى «شفاء الموجوع فى أحوال دولة المخلوع» الذى صدر عن دار الرواق 2012 كان مغامرة بكل ما تعنيه الكلمة، فهو كتاب ساخر بدأت فى كتابته قبل ثورة يناير بعامين تقريبا، وحاولت أن أرصد من خلاله واقعا مأساويا كانت تحياه مصر وشعبها، وقد وصل الأمر المأساوى حد السخرية، وصارت سخرية الواقع أشد قسوة من قدرة جميع الساخرين، حينها كان الأفق والمجال العام مسدودا أمام الجميع كبارا وشابا وهنا شعرت بمسئولية أن أسجل رأيى الخاص للتاريخ فكانت الكتاب صرخة سخرية أليمة سجلت فيها ما آلمني، لذلك يجمع الكتاب بين البسمة والألم فى آن، سجلت فيه أحوال مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتبارها تاريخا مرويا عن مائة سنة ماضية، بعد أن وضعت تاريخا متخيلا للكتاب عام 2111، أى أننى تخيلت أن مائة سنة مرت على تلك الأحداث وعدت أحكيها بلسان من عاشوها.
■ كمبدع ومثقف ومواطن مصرى ما رأيك فى طرق مقاومة الإرهاب؟
- لا فائدة من مواصلة مقاومة الإرهاب بالسلاح وبالحلول الأمنية فقط، وأكبر دليل هو استمراره طوال هذه السنوات، لا بد من إنقاذ العقول الشابة المرشحة للتشدد مبكرا وتجفيف منابع الإرهاب بتنوير عقول الشباب والمراهقين، لا نقلل من أهمية المواجهة الأمنية أبدا لكن بالتوازى لا بد من تنشيط الخيال عبر الفنون وأولها المسرح والموسيقى والسينما والشعر، مواجهة الإرهاب الحقيقية لها طريقان الرصاص والإبداع.
■ كيف يسهم المثقفون والمبدعون فى نظرك فى معركة الإرهاب؟
- طوال الوقت يهاجم المثقفون الإقصاء ويذمون الإرهاب ويعادون الفاشية والتعصب، لكن الغريب أن تجدهم أكثر الفئات فى المجتمع ممارسة للتعصب الفكرى وكراهية الاختلاف ومعظمهم إرهابيون بالفطرة، وتستطيع أن تتأكد من كلامى بمتابعة اختلافاتهم ومناقشاتهم حول أية قضية أو مسألة على صفحات السوشيال ميديا وخاصة الفيس بوك، للأسف معظمهم ومنهم كتاب وصحفيون ومبدعون يعتقدون دائما أنهم يمتلكون الصواب ولا يقبلون الرأى الآخر.