الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

من يحكم اليوم سيكون محكوماً غداً.. وبعض المسئولين متوجسون من وجود مؤامرة ضدهم وهذا غير صحيح




هذا الحوار مع المستشار مدحت المراغى شبخ القضاه ورئيس مجلس القضاء الأعلى قبل اجراء عمليه الاستفتاء أمس وكان عبر الهاتف ..لاستيضاح حقيقه المبادره التى طرحها من اجل الخروج من المأزق الحالى بشأن الاعلانين الدستويين الاخيرين وعدم الغاء ما ترتب عليهما من اثار ..والاستفتاء على دستور غير مرحب به شعبا وسياسيا . الراغى قال عبر الحوار ل روز اليوسف  ان مستشارى الرئيس عليهم تغليب الرأى المرجوح من اجل المصلحه الدوله العليا ..وان يتركوا جانيا حاله التوجس التى لديهم بشأن ان هناك مؤامره تحاك ضدهم .
 
وشدد فى نفس السياق على أن انهيار المؤسسة القضائية معناه انهيار للدولة بمعناها الحديث ويجب ألا يكون هناك تربص بالمحكمة الدستورية العليا.. لأن من يجلس على منصتها الآن من قضاة جلس قبل ذلك أربعين عاماً على منصة القضاء يحكم بين الناس
.
وطالب المراغى بتشكيل لجنة حكماء من عشر شخصيات وطنية لا يكون لهم أي انتماءات أو أى انحيازات سياسية على أن تضم الأزهر والكنيسة وتطرح حلولا شاملة يؤخذ بها كحكم بين الأطراف المتنازعة فى وجهات النظ ر.. خاصة أن هناك حالة من الانقسام نعيشها تهدد الدولة كلها
.
وأضاف المراغى إلى أنه كان يتمنى تأجيل الاستفتاء على الدستور المطروح للاستفتاء ويطرح دستوراً جديداً يكون محل توافق من الجميع.. خاصة أن عملية الاستفتاء نفسها مشوبة بالحوار القانونى وسوف يطعن فى صحتها لعدم وجود اشراف قضائى كامل.. وهو ما سيدخلنا فى صدام قانونى جديد.
تفاصيل أكثر فى سياق الحوار التالى:
■ علمت أنكم طرحتم مبادرة للخروج من الأزمة الحالية التى تمثلت فى صدور اعلانين دستوريين ثم اجراء استفتاء غير مرحب به فى الأوساط الشعبية والسياسية؟
- تقدمت بمقترح قابل للتنفيذ.. عبارة عن حل شامل للأزمة كان يقضى بداية بوقف الاعلان الدستورى الصادر مؤخراً وتأجيل الاستفتاء لأكثر من شهر على أن تتم دعوة النخبة من المجتمع.. وتشكيل لجنة حكماء من عشر شخصيات محايدة تضم قضاة، اساتذة قانون دستورى.. فقهاء دستوريين.. محامين.. الأزهر.. الكنيسة وبحيث لا يكون للشخصيات المستقلة الموجودة فى هذه اللجنة أي انتماءات حزبية ويتم الاستماع جيداً إلى رأيهم وما يصدرونه يكون عبارة عن حكم ملزم للجميع.. خاصة أننا فى مرحلة لا نريد أن تكون كل جبهة ضد الأخرى بشكل يؤدى بنا إلى طريق مسدود.. خاصة أن مواد الدستور والاستفتاء نفسه ليسا محل توافق.. اضافة إلى أننا نعيش الآن فى مرحلة انقسام.. وهذا الانقسام لا نتمنى أن يؤدى بنا إلى انقسام.. بل توافق من أجل مصلحة الدولة العليا
.
■ هناك جدل قانونى حول طبيعة الإشراف القضائى على الاستفتاء.. وأن العدد المطلوب من القضاة غير كاف انطلاقا من رفض 90٪ من القضاة الإشراف كيف ترى هذا الأمر؟
- طبقا للمادة 39 من الإعلان الدستورى الصادر فى مارس من العام 2011 فإنه يتعين أن يشرف ويتولى الاشراف على الانتخابات والاستفتاءات اعضاء من الهيئات القضائية.. وبالتالى لا يجوز بأى حال من الأحوال أن يشرف من هم من غير ذى صفة على عملية الاستفتاء.. أو أى عدد غير كاف من القضاة.. ولذلك مازلت أناشد الرئيس تأجيل الاستفتاء على الدستور لأنه اتضح بشكل صريح أن هناك نسبة كبيرة جدا من الاعتذارات من جانب القضاة لعدم موافقتهم الاشراف على عملية الاستفتاء وعلى الرئيس أن يستمع إلى أن الذين لهم حق التصويت يتعدى الخمسين مليون مواطن ومع الاعتذارات القضائية يتعذر الاشراف القضائى الكامل على عملية الاستفتاء المقبلة.. وهذا يستوجب أيضا الاستماع لوجهة نظر القوى الليبرالية المدنية، الدينية، السياسية وإن كان الاجماع على شىء مستحيل.. فإن التوافق أمر مهم وممكن.. فى ظل حالة الانقسام واختلاف وجهات النظر التى وصلت إلى حد الشرخ بين مختلف القوى فى وطن واحد.. وعلى الجميع أن يغلبوا مصلحة الوطن على وجهة نظرهم.. وفى تقديرى أنه من خلال اللجنة التى اقترحتها يمكن هذا الحل والتوصل إلى حل يرضى الجميع.. لأنه عندما تباشر اللجنة المكونة من عشر شخصيات بشكل مستقل سوف تستمع إلى جميع وجهات النظر.. وتحاول أن تقرب بين الجميع بشكل يخدم مصالح الوطن العليا
.
■ هذا السؤال طرح كثيراً.. لكنى أعاود طرحه عليكم من جديد.. هل قدم الإعلان الدستورىالأخير شيئاً جديداً.. خاصة عندما انتهى بعبارة «تبقى آثاره نافذة»؟
- بلا شك أن الإعلان الدستورى نفسه خطأ ولكنه قدم خطوة واحدة تجاه الأمام.. أما كلمة «تبقى آثاره نافذة» فهى كلمة غامضة.. لأن فريقه أصبح يفسرها وفقا لرؤيته هو.. وبما يحقق مصالحه.. حيث اعتبر البعض أن الإعلان الدستورى الأخير هو إلغاء فعلا للإعلان الدستورى الأول الصادر فى 21 نوفمبر الماضى.. والبعض الأخير يقول إن كلمة آثاره نافذة أنه تمسك بما صدر فى الإعلان الأول بعد تحقيق لقرارات الرئيس.. وبالتالى سيسعى كل إلى فرض رؤيته ووجهة نظره وسوف يعرض الأمر على المحاكم مرة أخرى من الناحية القانونية لا تعرض حتى نتهى الأمر الذى سوف يؤدى بنا إلى اطالة الأمد فى المرحلة الانتقالية من حيث اقامة الدعاوى.. وإحالتها للمحاكم للفصل فيها.. وقد تتعرض لها المحاكم أو تحيلها إلى المحاكم المختصة
.
■ اسمح لى هنا أن أسجل اعتراضاً على مفهوم المرحلة الانتقالية أليس انتخاب رئيس للدولة معناه انتهاء هذه المرحلة؟
- ربما هذا المفهوم متداول لأن مؤسسات الدولة لم يكتمل بناؤها بعد حيث مازال هناك فراغ تشريعى عقب حكم المحكمة الدستورية العليا فى شهر إبريل الماضى بحل البرلمان.. وطبقاً للاعلان الدستورى لا يتولى مجلس الشورى وظيفة التشريع
.
■ ماذا يمكن أن يقدم خلال المرحلة الحالية بشأن الدستور نفسه الذى بدأت عملية الاستفتاء عليه ويمكن أن يواجه بطعون قضائية تقضى ببطلانه ثم نعود للمربع صفر؟
- مازلت أقرر أن لغة الحوار هى الفيصل فى كل شىء وأطلب هنا وقف الاستفتاء فورًا وإجراء حوار بين جميع التيارات السياسية والدينية خلال شهر ثم يعاد عرض مشروع الدستور من جديد للتوافق عليه من جانب جميع فئات الشعب المصرى.. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن عدد القضاة المعتذرين عن عدم الاشراف على عملية الاستفتاء قياسًا بالنسبة العددية للمواطنين ممن لهم حق الاستفتاء والتى تزيد على الخمسين مليون مواطن غير كافية.. وتهدد عملية الاستفتاء نفسها بالبطلان.. لأن الاشراف يجب أن يكون اشرافا كليًا وليس جزئيا تطبيقًا لنص القانون الذى نص على ضرورة وجود قاض لكل صندوق.. اضافة إلى أنه من الطبيعى سوف يطعن فى صحة الاستفتاء انطلاقا من مبدأ أن الاشراف القضائى لم يكن كاملاً وشاملاً على النحو الذى أوجبه الإعلان الدستورى وسوف ندخل فى دائرة جديدة من الصدام
.
■ كيف تصف حالة الشد والجذب التى رأيناها مؤخرًا بين نادى القضاة.. ووزارة العدل.. إدارة التفتيش القضائى التى لاحقت عددًا من القضاة مؤخرًا؟
- هذه صورة من صور الانقسام التى نراها فى المجتمع ككل وليس المؤسسة القضائية.. وهى نتاج الشرخ والانقسام حول الإعلانات الدستورية الصادرة مؤخرًا.. وعملية الاستفتاء على الدستور خاصة أن الكل مصمم على وجهة نظره.. من هذا المنطلق أناشد الجميع أن يغلبوا المصلحة العليا للوطن على وجهات نظرهم.. ولا أقول هنا أن كل الأمور يمكن أن تدرك كلها.. ولكن يجب إجراء محاولات جادة من أجل تقريب وجهات النظر. وهذا الأمر ليس مستحيلاً.. بل ممكناً
.
■ مازالت المؤسسة القضائية سواء قضاة.. أو أعضاء النيابة العامة من خلال مؤتمرهم الأخير يطالبون بعودة النائب العام المقال فورًا «عبدالمجيد محمود» إلى موقعه.. والرئيس مازال متمسكا برأيه «لا عودة»؟
- من وجهة نظرى ولمصلحة الوطن.. أقول اتركوا هذا الأمر جانبًا.. لأن النائب العام المقال المستشار عبدالمجيد محمود سلك الطرق القانونية فى هذا الأمر من خلال اقامة دعوى قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة من خلال دائرة طلبات رجال القضاء.. وأصارحك هنا.. أرى من خلال مشاهدتى للأحداث أنه لن يتم العدول عن فكرة اقالة النائب العام المقال.. ولذلك علينا أن ننظر للمسائل العاجلة المرتبطة بمصالح الوطن بالرغم من رؤية البعض أن ما تم بحق موقع النائب العام بمثابة اعتداء على السلطة القضائية.. لذلك أقول «إحنا عايزين المركب تمشى علشان نوصل لحل» حتى ننقذ الوطن.. وعلينا ألا نضع العوائق.. لأن موضوع النائب العام سوف يحل بالطرق القانونية وهو شخصيًا عاد إلى المنصة كرئيس لمحكمة باستئناف القاهرة.. ومصلحة الوطن أهم
.
■ ولكننى أرى الرئيس لا يقدم سوى وجهة نظره رافضًا فى نفس التوقيت كل المبادرات التى قدمت إليه بشأن تأجيل الاستفتاء.. إعادة الدستور من جديد للنقاش وإلغاء الإعلانات الدستورية وما ترتب عليها من آثار؟
- من وجهة نظرى.. أرى أن هناك بعض القرارات التى لا يصادفها التوفيق.. وبعض الحلول المقدمة إليه لا ترقى لدرجة الحلول الشاملة لتحقيق الهدف منها.. لذلك أطلب من مستشاريه ألا يغلبوا الرأى الراجح على الرأى المرجوح.. لأنه بوضوح ما كان للرئيس أنه يصدر إعلانا دستوريًا طالما أن هناك شرعية قانونية.. وتجاوزنا من خلالها مرحلة الشرعية الثورية.. ولكن فى نفس الوقت من صلاحياته إصدار قرارات بقوانين فى غيبة مجلس الشعب.. وبالتالى أصبح التكييف القانونى لما صدر عنه عبارة عن قرارات بقوانين وليس إعلانات دستورية.. تخضع لرقابة المحاكم وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا.
دعنى أضيف لك شيئًا هنا يجب أن يوضع فى الاعتبار وهو أن هناك تصوراً لدى بعض المسئولين الحاليين بأن هناك شيئاً ما يحاك لهم أو ضدهم.. وكانت هناك تلميحات فى هذا السياق لدور بعض المحاكم من جانب هؤلاء المسئولين.. ربما أعلن عن بعضها فى هذا الشأن.. وهذا ما يستدعى أن يكون هناك حوار حقيقى.. وأن نزيل هذه المخاوف وأن نركز فقط على مصلحة الوطن العليا من خلال حلول جذرية تجنبا للصدام والمشاحنات وما يهدد أركان الدولة
.
■ لكن تم توجيه اتهام مباشر للمحكمة الدستورية العليا.. ثم حوصرت من جانب التيارات المتأسلمة وهتف ضدها بعبارات مهينة بالرغم من كونها صاحبة الترتيب الثالث عالميًا؟
- القضاء بصفة عامة يجب أن يكون محل تقدير من مختلف القوى السياسية.. والمحكمة الدستورية العليا المصرية بحكم تشكيلها من أعرق المحاكم الدستورية عالميًا.. والدائرة الواحدة فيها مكونة من سبعة قضاة ما يقرب من أربعين عامًا.. والقاضى فى الأصل وطبيعة تكوينه محايد ومستقل وعليه يجب الابتعاد عن التشكيك فى قضاتها لأنه لا سلطان عليهم سوى ضمائرهم.. ومراعاة المولى عز وجل.. وأقول لك.. من يحكم اليوم سيصبح محكومًا غدًا وإذا انهار القضاء انهارت الدولة.. ومطلوب التوقف فوراً عن التشكيك فى القضاء وأنه يقود مؤامرة ومن العيب أن يقال إن المحكمة الدستورية العليا كانت فى طريقها لإعداد دعوى لعزل الرئيس لأن هذا الأمر من الناحية الدستورية والقانونية ليس من صلاحيات الدستورية العليا والمحكمة نفسها أعلنت ذلك بوضوح.. وهذا يدل على أن هناك من يريد تسميم العلاقة بين رئيس الجمهورية.. والمحكمة الدستورية العليا والمؤسسة القضائية.. وهذا يتعارض مع مصالح الدولة العليا التى تستوجب أن تكون العلاقة بين جميع مؤسساتها جيدة
.
■ ولكن مما هو واضح فإن هناك تربصًا بهذه المؤسسة العريقة من خلال مادة دستورية يتم الاستفتاء عليها الآن تقلص عدد أعضائها إلى أحد عشر عضوًا؟
- شخصيًا أفضل ألا يرد نص فى الدستور يحدد عدد أعضائها وهذا الأمر ليس محله الدستور ولكن أقصاه أن يرد فى شكل قانون المحكمة الدستورية العليا نفسه، لأننا لا نضمن المستقبل وعدد القضايا التى يمكن أن تتداول أمام المحكمة للفصل فيها من حيث دستوريتها أو عدم دستوريتها بحيث قد يستلزم الأمر مستقبلاً أن يكون بها أكثر من دائرة.. ومن الجائز فى أن يقوم أحد الخصوم برد الدائرة التى تنظر قضية ما ويستلزم الرد هنا من الناحية القانونية أن يكون الفصل فى الدعوى أمام دائرة أخرى غير تلك التى ردت.. وهذا معناه أننا أمام مشكلة لأن الدائرة التى ستنظر القضية عقب رده أمام الدائرة الأولى تستلزم أن تشكل من سبعة قضاة.. وتحديد العدد سوف يقف عائقًا أمام تطبيق العديد من المبادئ القانونية
.
■ كيف ترى طبيعة العلاقة بين المؤسسة القضائية ومؤسسة الرئاسة بعد هذه الأحداث التى مرت بها لأول مرة فى تاريخ المؤسستين؟
- لا أود أن يقال إن هناك شيئاً يحاك من جانب المؤسسة القضائية لمؤسسة الرئاسة وعلينا أن نحافظ جميعًا على هذه المؤسسات الوطنية.. لأن من هو حاكم اليوم سيكون محكومًا غدًا.. وهذه المؤسسة القضائية هى التى تحمى الحاكم والمحكوم وتحافظ على الحقوق والحريات.. وتصون الأرواح  والمجتمع فى الحاضر والمستقبل.. وعدم وجودها يعنى انهيارًا للدولة بمفهومها الحديث، وأتصور كما قلت أن الأمر لا يعدو كونه سوء تفاهم فى تقدير الأوضاع.. مازلت أدعو الجميع لتغليب مصالح الوطن العليا.