الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هانى المصرى.. رسم لحلمه بابا وعبر منه إلى «ديزنى»

هانى المصرى.. رسم لحلمه بابا وعبر منه إلى «ديزنى»
هانى المصرى.. رسم لحلمه بابا وعبر منه إلى «ديزنى»




كتبت - مروة مظلوم


إذا لم تطرق الفرصة بابك اصنع باباً فى الفراغ واعبر منه إليها.. كثير من أحلامنا وجدت لها منفذاً من هذا الباب الخيالى إلى أرض الواقع فصارت قصص كفاح لعلماء وكتاب وفنانين ومبدعين إرادتهم اخترقت حاجز الحلم وأوجدت لهم سطوراً فى التاريخ تظلل أسماءهم.. لعل الفنان هانى المصرى الذى تحل ذكراه هذه الأيام أحد هؤلاء المبدعين ممن اضطروا لزرع أحلامهم فى أرض غريبة والنجاح فيها كأهلها رغم أن طريقه لم يكن ممهداً إلا أن الوصول كان مقدرا ليصبح أول فنان تشكيلى مصرى عربى يدخل إلى استديوهات والت ديزنى ويعمل بها.
ولعمل هانى المصرى فى ديزنى قصة أشار إلى أن أحداثها كاملة ستكون فى كتاب وكشف عن جزء منها حيث أنه لم يكن مر على وجوده بأمريكا سوى ثلاث سنوات حيث كان يعيش بمدينة «نيوجيرسى» مع زوجته وطفله الذى لم يتجاوز السادسة من عمره، عمل وقتها فى أكثر من مكان لتوفير نفقات المعيشة هناك، حيث أنه كان يعمل فى شركة لطباعة الرسومات والزخارف على الأكواب، فضلا عن رسمه لحكايات ألف ليلة وليلة فى مجلة «العربى» الصغير فى الكويت، وعندما قرأ إعلانًا فى جريدة «مطلوب رسام يعمل لصالح شركة ديزنى فى فلوريدا» قرر مراسلتهم على الفور وإرسال عينات من أعماله وبعد ثلاثة أسابيع جاءه رد مهذب ومطول بالرفض. الظريف أن هانى لم يلتفت كثيراً إلا لذلك الخطاب الملون الذى يحمل شعار ديزنى وصورة ميكى ماوس ما استرعى انتباهه أن السيدة «ليديا دورمان» بالفعل شاهدت عمله وقيمته وفقاً لحديثها عن بعض التفاصيل هو يعملها جيداً ولسبب ما لم تقتنع.
لم ييأس هانى المصرى لقراءة الخطاب وما جاء فيه فقام بالاتصال بالسيدة «ليديا» والتى ردت على استفساره بأن الأعمال رفضت لأنها لم تحوى أى من شخصيات ديزنى وهى التى سوف يتعامل معها فعليا، وكانت إجابة المصرى حاضرة «أنا عارف إن شخصياتكم مسجلة وأنا ماقدرش ارسمها من غير إذن مباشر منكم» فردت: «يعنى أنت تقدر ترسم الشخصيات؟!» فقال هانى «طبعا».. واستفسر منها عن الوقت المتاح لتسليم أعماله وكان عليه إنهاؤها قبل أسبوع.
يقول «هانى» «قررت ارسم الثلاث  شخصيات الرئيسية: ميكى ودونالد (بطوط) وجوفى (بندق) بيرسموا بعض ويلونوا بعض على طريقة الفنان الألمانى «م.س. إيشر» M.C. Escher ولونتها بالألوان المائية وعملت لها غلافًا جيدًا وأخذت منى أربعة أيام وأرسلتها بالبريد، وبعد يومين اتصل بـ«ليديا» ليطمئن على وصولها فتحدثت إليه بألفة وأخبرته عن رغبة المدير الفنى فى رؤية المزيد من أعماله ومنحته شهراً ليبعث لها بالمزيد، ولأسباب عنصرية فى عمله لم يتقبل زملاؤه فى الشركة التى كان يعمل بها فكرة تواجد أجنبى بينهم فاضطر خلال تلك الفترة على ترك عمله فى شركة الزخارف وكان يحصل على راتب بطالة لمدة 6 أسابيع مما سمح له بالتفرغ لإنجاز الرسومات لشركة ديزني، وعندما تحدث إلى «ليديا» مجدداً بعد ارساله لأعماله الجديدة استقبلته استقبال الأبطال، وأخبرته بأن الشركة تشرع فى إنهاء الأوراق الخاصة به للانتقال إلى فلوريدا  لاستلام عمله الجديد، وعلى حد قوله «حلمت أنا وزوجتى وابنى شريف بوداع حياة الضنك».
المفاجأة كانت فى اللعبة القدرية إذ أن ليديا عاودت الاتصال به لتخبره أن المدير الفنى يرى العمل دون المستوى ووقف عملية تعيينه فقام هانى بالاتصال به مباشرة.
يروى هانى تفاصيل المحادثة كالتالى «قلت له أنا مش غبى وعارف أنا باعت إيه  ومن حقى افهم السبب الحقيقى للرفض، فقال لى بعد لف ودوران: «فى الحقيقة، أنا كنت واعد واحد صاحبى فى كندا بالشغلانة دى وبصراحة شغلك بوظ لى خطتى لأنك موجود هنا فى الولايات المتحدة وأسهل للشركة إنها تعينك أنت ولذلك كان لازم اقول كده عشان يبقى فيه سبب فنى لرفض الشغل..» أنهيت الموضوع وكلمت ليديا.. وشرحت لها الموقف.. فنصحتنى أحاول اشتغل مع «إدارة المنتجات الاستهلاكية» Cosumer Products اللى موجودة فى نيويورك جنبي.. وبعدها بأسبوع.. رجع لى الشغل… «لا حياة مع اليأس.. ولا يأس مع الحياة».
رغم أن هانى كان مصرياً إلا أنه تربى فى المدرسة الفرنسية القبطية فى القاهرة. وبفضل هذا، قضى معظم طفولته فى قراءة الأدب الأوروبي، لذلك كان مفاجأة لزملائه الأجانب باستوديوهات والت ديزنى عندما وجدوا أنه على دراية كبيرة بعالم الحكايات الأوروبية، والخرافات والهندسة فى الغرب، وكمصري، وبعد خمس سنوات من الدراسة فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، كان أيضا على دراية بالأدب الشرقى مثل قصة «ألف ليلة وليلة»، لذلك فإنه من الطبيعى أن تستعين والت ديزنى بمساعدته على تصميم الساحل العربى طوكيو ديزنى البحر فى منتصف التسعينيات.
حاز هانى المصرى العديد من الجوائز خلال خمسة وثلاثين عاما، عن إبداعاته وإنجازاته غير العادية فى الرسم، وتصميم الجرافيك، وكذلك كتب الأطفال والعروض المسرحية، أما بالنسبة لجماهير ديزنى فقد كان مصمم هاماً للرسوم المتحركة ذو أفكار إبداعية للعديد من رسوم ديزني، فكان هانى المصرى المسئول عن خلق أفكار وواجهات وتصاميم الأعمال الكارتونية المتنوعة بدءاً من مدينة توون تاون فى «ديزنى لاند» بكاليفورنيا إلى العرض الخاص للمجموعات المصرية فى عالم والت ديزنى فى فلوريدا، وشملت أعماله الكبرى، طوكيو ديزنى لاند وتصميم مفهوم مطعم الجدة سارة، ميكى فيل، وكان المسئول الأول عن جميع التصاميم وهيكل بيت مينى وجوفى، من المفهوم إلى التصميم، و«يستكوت» المصمم الرئيسى لأفريقيا والشرق الأوسط، بليزارد بيتش، فلوريدا هندسة القرية، والدعائم، تصميم الملابس، الملك توت، مفهوم المعرض المقترح للمجموعة الشهيرة فى العالم بمعرض ايبكوت، البحار فى طوكيو ديزني، الساحل العربى، سندباد.