الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الوجه الآخر لأوغسطينوس

الوجه الآخر لأوغسطينوس
الوجه الآخر لأوغسطينوس




بقلم - مينا بطرس محارب

الاثنين السابق 28 أغسطس هو تذكار نياحة (وفاة) القديس (أوغسطينوس) أحد اشهر آباء الكنيسة خاصة الكنيسة اللاتينية إن لم يكن أشهر آباءها على الإطلاق ويقابل (28 أغسطس) فى التقويم القبطى (22 مسرى) والعجيب أن سنكسار اليوم (وهو كتاب تذكارات الشهداء والقديسين اليومى فى الكنيسة القبطية) يصمت على ذكر اسم (ق. أوغسطينوس) ولانجد اسم (أوغسطينوس) فى صلوات فى الكنيسة القبطية التى يذكر فيها أسماء القديسين والشهداء حيث لا يذكر فى فى صلوات (تحليل الخدام ولا مجمع القداس ولا مجمع التسبحة).
   ولد (أورليوس أوغسطينوس) عام 354) فى تاجست (سوق اهراس بالجزائر) بشمال أفريقيا. من أب وثنى يدعى (اباتريكس) وأم مسيحية تدعى ( مونيكا). درس البلاغة وتأثر (بشيشرون) وانجب أبنا غير شرعيا اسمه (أدودتيس) وكان فى شبابه معتنقا (المانوية) وهى عقيدة تنسب الى شخص يدعى (مانى) وتقوم على مبدأ ثنائية الخير والشر وعلى وجود إلهين إله الخير وإله الشر). عمل مدرسا للبلاغة فى قرطاجنة ثم سافر الى روما ثم الى ميلان حيث تعرف على اسقفها الشهير (أومبروسيوس) حيث سمع (أوغسطينوس) عظات الاسقف التى كانت تمتاز بالفصاحة والبلاغة. فبعد عن المانوية وتأثر بسيرة (القديس أنطونيوس) حتى تعمد (أوغسطينوس) هو وابنه (أدودتيس) على يد (أومبروسيوس) عام 386.   عاد كإلى مدينة (هبو) وهى (مدينة عنابة بالجزائر الآن) عام 391 ورسمه (فاليريوس) أسقف هبو قسا على المدينة بعد أن خصص (فاليريوس أسقف هبو) لأغسطينوس ورفاقه حياة رهبانية خاصة بهم وبعد نياحة (فاليريوس) أصبح (أوغسطينوس) أسقفا لمدينة هبو.
يعتبر (أوغسطينوس)  نقطة فارقة أيضا فى تاريخ الفلسفة حيث سعى (أوغسطينوس) فى التوفيق بين الإيمان والعقل وتكلم كثيرا فى براهين لإثبات وجود الله ومشكلة الشر وعلم الله المسبق وحرية الإرادة الإنسانية.
كما يعتبر أوغسطينوس والقديس أومبروسيوس الأعمدة التى بنى عليه صرح اللاهوت الغربى اللاتينى (أى الآباء الذين كتبوا باللاتينة) حيث يشرح السقوط والفداء مع (أومبروسيوس) على أساس قانونى فعندما أخطا آدم وتعدى الوصية كان على الإنسان حكم العقوبة والذنب وبذلك أتى المسيح ليحمل عقوبة الذنب والخطية أى أن تعاليمه اللاهوتية بنيت على فكرة قانونية بحته والعصيان والخطية.عكس اللاهوت الشرقى (الآباء اليونانيين) الذى يركز أن عمل المسيح هو إعادة الإنسان للصورة الإلهية التى فقدت بسبب السقوط لذلك بنى اللاهوت الشرقى تعليمه على أساس إعادة خلق الإنسان وتجديده والنعمة ومحبة الله للإنسان. وعلى تعليم أوغسطينوس تستند الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية لعقيدة (المطهر) وعلى (عقيدة إنبثاق الروح القدس من الأب والابن).
لقد ترك أوغسطينوس تراثا عظيما من الكتب الروحية واللاهوتية وشروحات على سفر المزامير وجاهد فى محاربة (الدوناتية) و(البيلاجية) و(المانوية) ومن أشهر كتبه كتاب (مدينة الله) وهو كتاب كتبه ردا على الآراء التى نادت بأن المسيحية هى سبب سقوط روما على أيدى القوط عام 410 وكتاب (الاعترافات) وهى سيرة ذاتية عن حياته امتازات بالصراحة مع النفس وتعتير أشهر سيرة ذاتية مع (اعترافات جان جاك روسو) الفيلسوف الشهير.
توفى أوغسطينوس فى عمر السادسة والسبعون حينما كان الفاندال الأريوسيون يحاصرون المدينة.