الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المستشار محمد عزمى البكرى عضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق لـ«روزاليوسف»: الإخوان استهدفوا القضاء والقضاة وهاجموا المحاكم

المستشار محمد عزمى البكرى عضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق لـ«روزاليوسف»: الإخوان استهدفوا القضاء والقضاة وهاجموا المحاكم
المستشار محمد عزمى البكرى عضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق لـ«روزاليوسف»: الإخوان استهدفوا القضاء والقضاة وهاجموا المحاكم




حوار - أيمن غازى

قال المستشار محمد عزمى البكرى رئيس محكمة استئناف بنى سويف وعضو مجلس القضاء الأعلى الأسبق فى حواره لـ«روزاليوسف»: إن الإخوان كجماعة محظورة استهدفوا المؤسسة القضائية على فترات طويلة تنوعت فى أشكال عدة منها محاصرة دور العدالة وإرهاب القضاة داخل المحاكم وصولاً إلى اغتيالهم فى بعض الأماكن العامة.. ومحاولة اغتيال بعضهم أمام منازلهم، وذلك كله من أجل مصالحهم الشخصية أو التأثير عليهم أثناء نظر قضايا الإرهاب المتداولة أمامهم.
وأوضح عضو مجلس القضاء الأعلى فى سياق حديثه لـ«روزاليوسف»: إن قانون السلطة القضائية الحالى بحاجة إلى تعديل خاص يتضمن نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، مع العمل على ضرورة إنشاء شرطة قضائية متخصصة تساعد الهيئة الوطنية للانتخابات  فى مباشرة مهامها ومنها إزالة الدعاية المخالفة وتنفيذ أوامر الضبط والإحضار للمخالفين لقواعد العملية الانتخابية، إضافة إلى حماية المحاكم من الداخل فى ظل نظر قضايا الإرهاب أمام دوائرها المختصة.
وشدد عضو مجلس القضاء الأعلى على ضرورة التزام رجال القضاء بعدم الظهور على الفضائيات وحظر استخدام الفيس بوك فى كتابة آرائهم الخاصة لأن المكان الطبيعى لهذا هو نوادى القضاة التى تعبر دائماً عن نبض الشارع القضائى، وإلى نص الحوار..

■ هل يمكن أن تسهم رفع الغرامات المالية لمن يتخلف عن الحضور أمام النيابة والمحكمة فى تحقيق العدالة؟
ــ بالطبع.. رفع هذه الغرامات أصبح من الضرورى بمكان لأن الغرامات أصبحت لا تساير القيمة الشرائية للنقود فى الآونة الحاضرة، فبعض هذه الغرامات على سبيل المثال لا يتجاوز عشرة جنيهات، ولذلك فالغرامات على النحو الراهن لا تحقق الردع الكافى لمن يتخلف عن الإدلاء بشهادته.
■ حتى الآن المواطن العادى لا يعرف الفارق بين الحكم البات والنهائى؟
ــ الحكم النهائى هو الذى يقبل الطعن عليه بطرق الطعن العادية وهى المعارضة والاستئناف أما الحكم البات فهو الحكم الذى لا يقبل الطعن عليه بطريق النقض وهو طريق غير عادى للطعن، وذلك سواء طعن عليه بالفعل وفصل فى الطعن، أو فات ميعاد الطعن عليه.. وميعاد الطعن بالنقض كسائر مواعيد الطعون مما يتعلق بالنظام العام، ولذلك يقال إن حكم محكمة الجنايات نهائى وأن حكم النقض بات.
■ هل تسهم مسألة تعديل درجات التقاضى فى الجنايات على درجتين فى حل بطء التقاضى أمام المحاكم؟
ـــ  أولاً: نص دستورنا المعدل سنة 2014 فى المادة 96 منه على أن ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى فى الجنايات، وأردفت المادة 240 منه على أن تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك، ومن ثم أصبح حتمياً نظر قضايا الجنايات على درجتين فتنظر القضية أولاً أمام محكمة الجنايات، ويجوز الطعن فى حكمها أمام محكمة استئنافية، ويوجب الدستور أن يتم ذلك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بالدستور.
ثانياً: نظر قضايا الجنايات على درجتين يحقق العدالة ويفتح باب الرحمة أمام بعض المتهمين، بل المقرر أن عقوبة الجنحة رغم أنها أخف من عقوبة الجناية بكثير فإنه يجوز الطعن على الحكم الصادر فيها بالاستئناف، فيكون من الأولى فتح باب الطعن بالاستئناف فى الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، والقضاء الجنائى عمادة مبدأ اقتناع القاضى وتكوين عقيدته فى الدعوى من جميع الأدلة المطروحة أمامه، ولاشك أن الاقتناع وتكوين العقيدة، مما يختلف من قاض إلى آخر، مما يوجب عرض الحكم الصادر من محكمة الجنايات على المحكمة الاستئنافية.
وقد يعجز المتهم فى دفاعه أمام محكمة الجنايات عن تقديم ما يبرئ ساحته، ستكون أمامه فرصة لذلك أمام محكمة الاستئناف، ولا ينال من هذا النظر أن المتهم أمامه طريق الطعن بالنقض فى الحكم الصادر من محكمة الجنايات، لأن الطعن بالنقض ليس درجة من درجات التقاضى، ولا تطرح الدعوى أمام محكمة النقض من جديد فليس بهذه المحكمة التصدى لموضوع الدعوى كما يحدث فى الاستئناف.
وإنما تنظر المحكمة فى أوجه الطعن التى يبينها المحكوم عليه وهى أسباب قانونية واردة على سبيل الحصر، وهى أن يكون الحكم المطعون فيه مبنيًا على مخالفة القانون أو على خطأ من تطبيقه أو حتى تأويله أو إذا وقع بطلان فى الحكم أو إذا وقع فى الإجراءات بطلان أثر فى الحكم.
■ ما وجهة نظركم كعضو سابق بمجلس القضاء الأعلى فى القانون الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية وهل يسهم فعلياً فى استقرار العمل الإدارى بالقضاء؟
ـــ القانون رقم 13 لسنة 2017 نص على طريقة جديدة لتعيين رؤساء  الجهات والهيئات القضائية بأن يعين رئيس كل منها بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نوابه يرشحهم المجلس الأعلى للجهة أو الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب الرئيس.
وكان سند هذا القانون أن إعمال مبدأ الأقدمية فى تعيين رؤساء الجهات والهيئات قد يضر فى بعض الحالات بمصلحة العمل بالجهة أو الهيئة إذا كان أقدم النواب مريضاً غير قادر على تسيير شئون الجهة أو الهيئة على النحو المنشود لاسيما أن سن التعاقد لأعضاء الجهات والهيئات المذكورة هو سبعون عاما، والذى نراه أن مبدأ الأقدمية فى تعيين رؤساء الجهات والهيئة القضائية قد جرى به العرف واستقر فى ضمير أعضاء الجهات والهيئات المذكورة باعتباره تقديراً وإجلالا لشيوخهم بعد عطاء وكفاح طويل، ويرون أيضاً أن مبدأ الأقدمية يحكم كثيرا من شئونهم كالترقيات إلى الدرجات الأعلى والتنقلات، بل يحرص القضاء على هذا المبدأ عند دخولهم قاعة المحكمة، إذ يتقدم الدائرة رئيسها فعضوا اليمين ثم عضو اليسار.
أيضاً يجب أن نشير هنا إلى أن رجل القضاء إذا رأى عدم قدرته على عمل يسند إليه فلا يتوانى فى التخلى عنه مفسحًا الطريق لغيره، وفى النهاية نقول إن اختيار الرؤساء يجب أن يكون وليد إرادة مجالس الجهات والهيئات القضائية باعتبار ذلك شأناً من شئونها وقد كفل الدستور استقلال الجهات والهيئات القضائية عن السلطات الأخرى.
■ الدستور المصرى عمل على تقريب جهات التقاضى أمام المواطنين هل هذا الأمر ينطبق على محكمة النقض المصرية من خلال إنشاء دوائر لمحكمة النقض فى مقار محاكم الاستئناف؟
ـــــ نشير فى البداية إلى أن قانون السلطة القضائية المالى لا يجيز إنشاء دوائر لمحكمة النقض خارج القانون إذ نصت المادة الثانية من القانون على أن يكون مقر محكمة النقض مدينة القاهرة، ومن ثم فإن إنشاء دوائر لمحكمة النقض فى مقار محاكم الاستئناف يحتاج إلى تعديل  فى قانون السلطة القضائية.
ولاشك فى أن إنشاء هذه الدوائر هو أمر محمود يؤدى إلى رفع المعاناة عن المتقاضين والمحامين فى انتقالهم إلى القاهرة، فضلاً عما يتحملونه من نفقات فى سبيل ذلك، وإنشاء هذه الدوائر هو ما يتفق ونص المادة 97 من الدستور المالى التى تقضى بأن التقاضى حق مصون ومكفول للكافة وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى.
■ هل ترى أن قانون السلطة القضائية الحالى بحاجة إلى تعديل؟
ـــ قانون السلطة القضائية هو القانون الذى ينظم جميع شئون رجال القضاء والنيابة العامة من تعيين ونقل وترقيات وحصانة وإعارة وتقاعد.. إلخ، وهو من القوانين المكملة للدستور، وحتى الآن لم يصدر قانون جديد للسلطة القضائية فى ظل الدستور الجديد، وقانون السلطة القضائية المرتقب يجب أن يفصل ما أجمله الدستور من أحكام تتعلق بشئون رجال القضاء والنيابة العامة.
على سبيل المثال فإن النص فى المادة 94 من الدستور على استغلال القضاء وحصانته وحيادته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، يقتضى أن يبين قانون السلطة القضائية سبل تحقيق ذلك ومن أهم ما يجب أن يتناوله القانون فى هذا الصدد نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى باعتباره المهيمن على شئون رجال القضاء وأن وزير العدل هو عضو فى السلطة التنفيذية، وكذلك تنظيم ندب القضاة كلياً أو جزئياً إلى جهات أخرى غير القضاء وذلك إعمالاً للمادة 186 من الدستور التى تنص على أنه لا يجوز ندب القضاة ندباً كلياً أو جزئياً إلى للجهات التى يحددها القانون، وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاة وحيادتهم.
كما أن ما تنص عليه المادة 97 من الدستور من أن الدولة تلتزم بتقريب جهات التقاضى، وهذا يتطلب إنشاء محاكم جديدة لتحقيق هذا التقارب.
■ المجالس العليا للهيئات القضائية أصدرت قرارات خاصة بحظر تدوين القضاة لآرائهم عبر الفيس بوك، وهناك من يرى أن هذا الأمر يعد خطراً على آراء القضاة؟
ـــ تواصل القاضى مع برامج التواصل الاجتماعى أمر غير مقبول، فالقانون وطبيعة العمل يفرضان على رجل القضاء سلوكاً معيناً فى حياته العامة والخاصة، ولذلك يجب أن ينأى القاضى بنفسه عما ينال من هيبته، فتعامل القاضى مع هذه البرامج بإذاعة أحاديث أو تصريحات أو معلومات تبيح لجميع المشاهدين إبداء ما يعن لهم من تعليق أو نقد لها، وقد يحمل التعليق والنقد بعض التجاوزات.
■ الرئيس السيسى أصدر مؤخراً قراراً بإنشاء الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، هل ترى أن الهيئة بحاجة إلى شرطة قضائية تابعة لتنفيذ قراراتها الصادرة بشأن إزالة الدعاية وضبط المخالفين.
ــ منذ سنوات طويلة نادينا بتخصيص شرطة قضائية للمحاكم وتعالت الأصوات المؤيدة لذلك، ومع ذلك لم نخط أية خطوة لتحقيق هذا الهدف، وقد ازدادت أهمية الشرطة القضائية فى هذه الآونة بعد أن أصبحت ضرورة ملحة، بعد تزايد الإرهاب وانتشاره فى أنحاء البلاد، وتكرار اعتدائه على دور المحاكم.
فهذه الشرطة القضائية ضرورية لتشديد الحراسة على دور المحاكم حفاظاً على سلامة القضاة والعاملين بها والمتقاضين، وعلى ما تحويه هذه المحاكم من مستندات وأوراق لها أهميتها وخطورتها، ويجب تزويد هذه الشرطة بأحدث الأسلحة والتقنيات التى تساعدها على تحقيق أهدافها.
كما أن هذه الشرطة لها وظيفة أخرى هى تنفيذ الأحكام الجنائية سواء كانت عقوبات سالبة للحرية، وذلك بضبط المحكوم عليهم الهاربين من تنفيذ العقوبة أو عقوبات مالية تقوم بتحصيلها، لتضاف إلى إيرادات الدولة، ويتم عمل هذه الشرطة تحت إشراف النيابة العامة وما تقدمه لها من توجيهات ولاشك أن سرعة تنفيذ العقوبة أيا كان نوعها ضرورى لتحقيق الردع الفردى والزجر الجماعى.
■ كيف ترى دور نوادى القضاة من خلال الفترة المقبلة؟
ـــ نادى القضاة هو نبض الشارع القضائى فيه يجتمع القضاة للتداول والتشاور فى أمورهم العامة والخاصة وعرض مطالبهم ومما ينص عليه نادى القضاة هو الحفاظ على استقلال القاضى وحيدته، والتصدى لأى محاولة للنيل من استقلاله وحيدته، ولذلك يحرص النادى دائمًا عند الشروع فى تعديل قانون السلطة القضائية على إعداد مشروع بالتعديل ضماناً لهذين الأمرين، وعلى حد علمى أن النادى أعد مشروعا لقانون السلطة القضائية الذى سيتم وضعه بعد العمل بالدستور الجديد.
كما يقدم نادى القضاة لأعضائه خدمات متعددة سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية أو ترفيهية أو فى مجال الإسكان ويحرص النادى فى الآونة الحاضرة على تزويد القضاة بالمراجع الفقهية المتميزة نظير أسعار تقارب أسعار التكلفة وذلك عونا للقاضى على تحقيق رسالته السامية.
■ ما هى رؤيتكم بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات ودورها فى الإشراف على العملية الانتخابية فى ظل النص الدستورى الخاص بوجود إشراف قضائى كامل لمدة عشر سنوات كمرحلة انتقالية منذ إقرارها؟
ــ الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابة، والمحلية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابي، والإعلان عنه والرقابة عليها وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين فى الخارج وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون للمادة 208 من الدستور .
ويقوم على إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات مجلس مكون من عشرة أعضاء ينتدبون ندباً كلياً بالتساوى من بين نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ونواب رئيس مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، يختارهم مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة للجهات والهيئة القضائية المتقدمة، من غير أعضائها ويصدر بتعيينهم قرار  من رئيس الجمهورية ويكون ندبهم للعمل بالهيئة ندباً كلياً لدورة واحدة مدتها ست سنوات وتكون رئاستها لأقدم أعضاء من محكمة النقض، ويتجدد نصف عدد أعضاء المجلس كل ثلاث سنوات، وللهيئة أن تستعين بمن ترى من الشخصيات العامة المستقلة والمتخصصين وذوى الخبرة فى مجال الانتخابات دون أن يكون لهم حق التصويت (م 209 من الدستور).
هذه الهيئة تتميز بأن رئيسها وأعضاءها جميعاً من كبار رجال الجهات والهيئات القضائية وأنها هيئة متفرغة لإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية وبالتالى يتسع وقتها لإحكام إدارة هذه الانتخابات وتحقيق الدقة التامة فى كل ما يتعلق بها.
إلا أن القانون المنظم لأعمال هذه الهيئة وجميع شئونها قد تأخر صدوره كثيراً فلم يصدر إلا منذ أيام قليلة، مما أدى إلى تأخر تشكيل الهيئة وممارستها لعملها وقد نص القانون على اختصاص الهيئة وحدها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات وتنظيم جميع العمليات المرتبطة بها، وتقوم الهيئة بإعداد قاعدة البيانات من واقع الرقم القومى وتحديثها وتعديلها وتنقيتها إلخ.
كما نص القانون على أن يكون مقر الهيئة محافظة القاهرة ويجوز لها عند الضرورة أن تعقد اجتماعاتها فى أى مقر تحدده ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية وذلك على النحو المبين بالقانون.
■ بعد نحو ست سنوات كاملة هل انتهت مرحلة استهداف القضاء من جانب بعض التيارات والجماعات التى حظرها حالياً بنص القانون؟
ـــ قضاء مصر هو القضاء الشامخ دائماً فى جميع الأزمنة والعصور يحمل دوماً ميزان العدل بلا تفرقة أو تمييز قضاؤنا هو الحيدة والتجرد، وتجرده هذا ينأى به دائماً عن أية مسيرة سياسية.
وكل هذا جعل القضاء مستهدفاً من الجماعة المحظورة قبل تولى الرئيس المحظور منصب رئيس الجمهورية، ثم احتدم الأمر بعد توليه هذا المنصب، وقد تناسى هؤلاء أنهم نالوا قسطاً من عدل القضاء وحيدته عندما برأ ساحتهم من قضايا اتهموا فيها لأنه لم يثبت ارتكابهم الوقائع المسندة إليهم.
فقد تعالت أصواتهم إبان حكم المعزول بألفاظ تمس قضاءهم الذى يشيد به العالم بأسره تخالف تعاليم الدين الإسلامى الذين يحملون شعاره دائماً، ونادى بعضهم بإحراق منازل القضاة وهاجموا دور المحاكم ومارسوا فيها كل أعمال التخريب، ووصل بهم الأمر إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من دخولها.
كل ذلك بقصد تعطيل العدالة ونشر الفوضى وإهانة القضاة.
وتمادت الجماعة فى غيها فانتهك الرئيس المعزول حصانة القضاة التى كفلتها جميع الدساتير المصرية وقام بعزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود من منصبه، وبلغ كيد الجماعة للقضاة مطالبتهم بتخفيض سن إحالة القضاة إلى المعاش إلى ستين سنة بدلاً من سبعين لإحلال قضاة ينتمون إليها محلهم.
وقد وقف القضاة جميعاً موقفاً موحدا جسورا رافضين بشدة هذه الانتهاكات من جانب الجماعة وذلك تحت لواء ناديهم، الذى عقد المؤتمرات وأصدر البيانات الرافضة والمستنكرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة بل أصبح رسمياً أمام المسئولين ولا ننسى انضمام طوائف الشعب جميعاً إلى القضاة فى هذه المقاومة إيماناً برسالة القضاة ووجوب الذود عنهم ولم يقف استهداف القضاء بعد انتهاء ولاية المعزول بل استمرت واتخذت منحى خطيراً خسيساً وذلك باغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات والشروع فى اغتيال النائب العام المساعد السابق المستشار زكريا عبدالعزيز والشروع فى اغتيال بعض القضاة الذين ينظرون القضايا المتهم فيها أفراد من الجماعة إرهابا وتحذيرًا لهم ولكن صمد القضاة على منصتهم يصدرون أحكامهم العادلة وسط المدافع والبنادق والمواد الحارقة، إيمانا برسالتهم وبباعث من وطنيتهم كما اتجهت الجماعة إلى إرهاب القضاء المشرفين على الانتخابات حتى يعزفوا عن الإشراف عليها وتخلو الساحة الانتخابية لهم توصلا إلى العبث بنزاهة الانتخابات.
ورغم كل ذلك صمد القضاة أصروا إصراراً تاما على مواصلة مسيرة الإشراف على الانتخابات ولو كانت العاقبة هى استشهادهم فى لجانهم بل من الصور التى يشرف بها القضاة أن يطلب بعض القضاة ندبهم للإشراف على الانتخابات فى الجهات التى يكثر بها الإرهاب ليضربوا للشعب أروع مثل للشجاعة والإقدام والوطنية.
وكان هؤلاء القضاة يرددون دائماً.. تحيا مصر.
■ كثرت قضايا الإرهاب المنظورة أمام المحاكمة مما أدى إلى  تأخير الحكم فيها فما هو الحل فى نظركم؟
ــ مواجهة زيادة قضايا الإرهاب يكون بتخصيص دوائر لنظر هذه القضايا تفرغ قضاتها لهذه القضايا فقط فلا نتأخر فى صدور الأحكام بها.
ورغم أن توزيع الدوائر فى كل محكمة هو تنظيم إدارى تمتلكه الجمعية العمومية لكل محكمة، إلا أن القانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة  الإرهاب أوجب فى المادة (50) منه تخصيص دائرة أو أكثر من دوائر محكمة الجنايات من الجرائم الإرهابية والجرائم المرتبطة بهذه الجنايات، وكذلك تخصيص دوائر من المحاكم الابتدائية لنظر الجنح من الجرائم الإرهابية والجرائم المرتبطة بهذه الجنح، وتخصيص دوائر بالمحاكم الابتدائية لنظر الطعون بالاستئناف من الأحكام الصادرة فى هذه الجرائم.
ولكون جرائم الإرهاب تتطلب خبرة معينة وحنكة حتى يسهل الفصل فيها بسرعة أوجبت المادة ذاتها أن يرأس دوائر محاكم الجنايات المخصصة لنظر قضايا الإرهاب قاض بدرجة رئيس بمحكمة الاستئناف وأن يرأس دوائر المحاكم الابتدائية المخصصة لنظر جنح الإرهاب قاض بدرجة رئيس بالمحكمة على الأقل، وأن يكون أحد عضويتها على الأقل بدرجة رئيس لنظر الطعون بالاستئناف فى الأحكام الصادرة فى هذه الجرائم، وقد حرص المشرع على حث المحاكم التى تنظر قضايا الإرهاب على نظرها بسرعة لتحقيق عدال ناجزة بنفس الفقرة الأخيرة من المادة على أن يفصل فى هذه القضايا على وجه السرعة.