السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استمرار الجدل بين الفقهاء حول دعوات المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث

استمرار الجدل بين الفقهاء حول دعوات المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث
استمرار الجدل بين الفقهاء حول دعوات المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث




كتب - صبحى مجاهد

فى البداية يوضح د.على جمعة مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء فى تصريحات صحفية أن الإسلام وضع نظامًا محكمًا ودقيقًا للمرأة فى الزواج والميراث يحقق لها المساواة لا التساوى، بشكل يحفظ للمرأة حقوقها فى الزواج، وفى الميراث.

وأكد أنه علينا أن نفهم شريعة الزواج والميراث للمرأة بمقتضى المساواة وليس التساوى، فالإسلام وضع نظاماً لعلاقة المرأة والرجل باعتبار أن هذه العلاقة اصل الاجتماع البشرى فبناها على المساواة وحماية حقوق المرأة، وفى الميراث جعل للمرأة ميراث نصف الرجل فى حالات، وجعلها تأخذ أكثر من الرجل أو مثله فى حالات كثيرة حيث يوجد 37 مسألة ميراث للمرأة تحقق نظامًا ماليًا دقيقًا للمرأة وفق الحال.
وشدد على أن الإسلام كرم المرأة فكان لها تكليف وتشريف وخصائص وحقوق، ومنع كل ما من شأنه امتهان المرأة، فحرم وأد البنات الذى كان مشاعا فى الجاهلية، وحرم أن تورث المرأة، وجعل لها ميراثا خاصا فأنصفها فى أصل الخلقة.
من جانبه أشار د.عباس شومان وكيل الأزهر إلى أن قضية تكريم المرأة وغيرها كثير مما جاءت به شريعة الإسلام ليس كما يظن البعض خالصًا للمرأة المسلمة، بل إن المرأة بصفة عامة محل العناية والرعاية كإنسان مهم كان اعتقادها الذى تعتقده، ومن دلائل عدم اختصاص المسلمة دون نساء العالمين بالرعاية والعناية، منع الإسلام زواج المسلمة من غير المسلم؛ لأن زواجًا كهذا لا يحقق المودة والسكينة المنشودة من الزواج، حيث إن غير المسلم لا يؤمن بدينها وليس ملزمًا بتمكينها من أداء شعائره، وهو ما يولد البغضاء والشحناء بينها وبين زوجها، ويُذهِب الألفة والسكينة ويهدر كرامة الزوجة، ولهذا السبب ذاته مُنع المسلم من زواج من لا تؤمن بكتاب سماوى، لأن الإسلام لا يقر هذه العقائد ولا يلزِم الرجل بتمكين المرأة من أداء تلك الطقوس التى يفعلها عَبَدَةُ الكواكب والنار ومن لا يؤمنون بدين أصلًا، فلمَّا كانت الحياة لا تستقيم بين زوجة تعتقد شيئًا من ذلك وبين زوجها المسلم، منعه الإسلام، بخلاف زواج المسلم بالكتابية، حيث لا تُفتَقد المودة والسكينة فى زواجٍ كهذا؛ لأن المسلم يؤمن بالديانتين المسيحية واليهودية، ويأمره الإسلام بتمكين زوجته اليهودية أو المسيحية من أداء شعائر دينها، فلا بغضاء بينهما إذًن.
وأوضح وكيل الأزهر أنه على الرغم من هذه المنزلة السامية والمكانة الرفيعة التى بلغتها المرأة فى الإسلام، فإن هناك تناولًا خاطئًا لِما يتعلق بالمرأة فى زماننا؛ حيث يتأثر هذا التناول بالعاطفة الجانحة إلى التحيز للمرأة فى بعض الأحيان كادعاء ظلم المرأة فى المواريث وعدم تسويتها بالرجال، وأنها مقهورة حبيسة عند الرجال، أو اتخاذ مواقف ضدها فى كثير من الأحيان فيما يعرف بالخطاب الذكورى الذى كثيرًا ما يظلم المرأة لصالح الرجل، فيخرج مشوهًا لا يضيف إلى الرجل ولا ينقص من حقيقة مكانة المرأة فى الإسلام، وكلا الخطابين يحيد عن ميزان الاعتدال والإنصاف فى تناول هذه المسألة، والخير كلَّ الخير فى التمسك بالتناول الإسلامى المنصف للرجال والنساء على السواء دون حاجة إلى تكلف ولا تحزب لا من الرجال ضد النساء ولا من النساء ضد الرجال، بل ربما يسىء للمرأة بعض المتحيزين لها من حيث أرادوا الإنصاف فى زعمهم.
كما أشار إلى أنه بنظرة مجردة مفصولة عن التسليم بحكمة التشريع فى توريث المرأة مثلًا يحتمل أن يوجد شيئ فى نفوس الرجال كما أوجده فى نفوس النساء، فليست المرأة على النصف من الرجل كقاعدة مطردة على اعتبار دونية المرأة عن الرجل كما يفهمه البعض، وإنما الأمر يرجع إلى مراعاة الحال والحاجة للمال، والقرب والبعد من المورِّث، والتسبب فى تحصيل المال فى حياة المورِّث، والابنة حين تكون على النصف من نصيب أخيها فى تركة والدهما، قد تكون أحسن حالًا منه، فهو سيتزوج بصاحبة نصف كأخته، ويقتضى هذا أن يجهزها – كما فى بعض العادات - وينفق عليها، بينما تهنأ هى بميراثها كأخته التى سيتزوجها مَن يجهزها وينفق عليها وتهنأ هى بميراثها، ولست أدرى هل عَلِمَ مَن يرَوْنَ ظلم المرأة فى الميراث وينادون بإنصافها، أن المرأة ترث مثل نصيب الرجل من نفس التركة فى حالات معينة، كمن مات وترك ابنًا وأبًا وأمًّا، فـ(لأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ)، ومن ماتت وتركت زوجًا وأختًا فالتركة بينهما مناصفة، وهل يعلمون أن المرأة يمكن أن يزيد نصيبها على نصيب رجل يشاركها فى نفس التركة، كمن ماتت وتركت بنتًا وزوجًا، فيكون نصيب الزوج ربع التركة بينما نصيب البنت ثلاثة أضعافه فرضًا وردًّا؟! وهل يعلمون أن فرض الثلثين - وهو أكبر فرض ورد فى الميراث - خاص بالنساء وهن البنات والأخوات ولا يمكن أن يرث به الرجال؟! وهل يعلمون أن الرجل المساوى للمرأة فى اتصاله بالمورِّث لا يرث بينما ترث المرأة فى نفس التركة، كالجد لأم، فلا ميراث له فى تركة حفيده بينما زوجته ترث السدس من تركة نفس الحفيد؟! أما عن حبس المرأة وقهرها من قبل الرجال فلا مجال له فى الإسلام، بل إن ارتباط المرأة بسلطة الرجال هو ارتباط حماية وتكريم وصيانة، ومن شذ من الرجال فاستبد وتسلط فالعيب فيه وليس فى شريعة الإسلام.
فيما أكد الدكتور على فخر، مدير الحساب الشرعى، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن أصحاب الفروض فى الميراث الذين يحصلون على معظم التركة هم 5 حالات منهم 4 للنساء وحالة واحدة للرجل فكيف يدعى البعض بأن الشرع ظلم المرأة وقد خصها بزيادة كبيرة.
وقال فخر: إن المرأة لا ترث المرأة نصف الرجل إلا فى 4 حالات، بينما تتساوى معه فى الميراث، أو ترث المرأة ولا يرث الرجل فى حالات كثيرة ومتعددة، مضيفا أن الميراث جزء من الشرع الإسلامى ومن الفقه الإسلامى الكبير، حيث إن الكل متكامل، والاجتزاء يحدث بتراً لنصف العلم الشرعى.
وشدد فخر، على أن المرأة فى الشريعة تأخذ ولا تعطى، ما يؤكد أن المرأة مكرمة فى الشريعة الإسلامية بشكل دائم، حيث إن الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية، فهى مكفولة حتى زواجها، وعند الزواج تأخذ من الرجل مهرا، ويكفلها زوجها حيث ينفق ولا تنفق، وترث ويكفلها نجلها بعد زوجها.
وأضاف فخر أن الدعاوى التى تتهم الشرع الإسلامى بأن علم الميراث يظلم المرأة وأنه علم ذكورى غير صحيح ومبنى على عدم معرفة بعلم الميراث، مشددا على أن المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث سوف يظلم المرأة لأن المساواة فى الميراث سيتبعها مساواة فى كل مناحى الحياة ميراث ونفقة وعمل.
وأوضح فخر، أنه لا يمكن الاجتهاد مع النص، حيث إن القرآن حدد أنصبة كل وريث، وجعل الميراث نصف العلم، فإذا نزعنا الميراث أو عدلناه فإننا نجتزئ شطر الشرع.